عيد يتجدد وطموح لا ينتهي

نبض البلد -
منصور البواريد 

في الخامس والعشرين من أيار، يحتفل الأردنيون بعيد استقلالهم التاسع والسبعين، في يوم يتلألأ كنجمةٍ في سماء مسيرة وطن عريق، لا يعرف الاستسلام، ولا يتوقف عن البناء والتقدم.
ليسَ هذا اليوم مجرد محطة في الذاكرة، بل هو موعدٌ تتجدد فيه روح الاستقلال، وتشتعل فيه جذوة الانتماء، ويكبر فيه الحلم الأردني مع كل جيل، ويتنامى الطموح في صدور أبنائه وبناته الذين يرون في وطنهم أكثر من حدود وجغرافيا؛ يرون فيه مشروعًا حيًّا للكرامة، والنهضة، والمستقبل.
إنَّ الفرص المستقبلية تلمع كنجوم على سماء الأردن، خاصة في عصر الثورة الرقمية والابتكار، حيث يُمثِّل الشباب القلب النابض لهذا الوطن، والمحرك الأصيل للتغيير والتنمية. 
فلم يعد التغيير خيارًا مؤجلًا، بل ضرورة تتطلب أن تُفتح أمام الشباب كل الأبواب، وتُمهد لهم سُبل الريادة في الاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، والزراعة الذكية، وغيرها من ميادين المستقبل.. فالاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الأعمق، وهو مفتاحنا إلى الرفعة والازدهار.
ولم يكن ذلك ليتحقق لولا الثبات الذي أرساه الأردنيون بقيادتهم الهاشمية، تلك القيادة التي وازنت بين الأصالة والمعاصرة، وجعلت من التحديث مشروعًا وطنيًّا مُستمرًا، لا يخضع لمزاج السياسة، بل يستند إلى رؤية واضحة، وإرادة صلبة. فمن الملك المؤسس الذي أطلق شرارة الاستقلال، إلى جلالة الملك عبد الله الثاني الذي حمل الراية بإيمانٍ عميق وبقدرة الإنسان الأردني، ظلَّت العائلة الهاشمية ضميرًا وطنيًّا حيًّا، وقلبًا نابضًا بالحكمة والشجاعة.
الأردن بأبنائه وبناته الذين صنعوا تاريخًا من العزم والإرادة، أثبت عبر العقود قدرته على مواجهة أقسى التحديات، وبناء استقرار راسخ على قاعدة من المؤسسات الفاعلة، والإيمان الجماعي بقدرة هذا الوطن على النهوض. واليوم، ونحن على مشارف المئوية الثانية، تلوح في الأفق مرحلة جديدة من الاستقلال؛ استقلال اقتصادي ومعرفي، يُمكِّن كل فرد من أن يكون رافعةً لنهضة وطنه.
فموقع الأردن الجيوسياسي الفريد، وكوادره البشرية المتعلمة، والرؤية الملكية الطموحة، تُشكِّل جميعها عناصر القوة التي ينبغي أن نُفعلها، وعلينا أن نُطلق العنان لروح المبادرة، ونُرسِّخ شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، ونتبنى ثقافة الابتكار، لتغدو عمَّان مركزًا إقليميًّا للفكر والإنتاج، ويصبح الأردن منارةً اقتصادية في محيطه المضطرب. فاستقلالنا الاقتصادي ليس انغلاقًا، بل انفتاحٌ ذكي وتكامل إقليمي يُمكننا من لعب دورٍ فاعل في الأسواق العالمية.

وفي عيد الاستقلال، نحتفي بتاريخٍ مجيد، وننظر إلى المستقبل بثقة لا تهتز. فلا نُهوِّن التحديات، ولا نُبالغ فيها، بل نواجهها بعقلٍ وطنيٍ جماعي، بروحٍ لا تعرف اليأس، وبإيمانٍ بأنَّ كل عثرةٍ يمكن أن تكون سُلَّمًا نحو الغد.
فلنرفع راية هذا الوطن في هذا اليوم، لا كطقسٍ احتفالي فقط، بل كرسالة عمل وأمل يتشارك فيها جميع شباب الأردن، ومن بينهم أنا، الذين يؤمنون بأنَّهم عماد المستقبل، ووطنهم في انتظار أفكارهم، وعزيمتهم، وإصرارهم، وعرق جباههم، وإبداع أيديهم.
عيد استقلالنا التاسع والسبعون ليس نهاية الحكاية، بل فصلٌ جديد نكتبه معًا، بحروفٍ من إرادة، وأحلامٍ لا تعرف الحدود.

كل عامٍ والأردن شامخ، كل عامٍ وشعبه مزدهر، كل عامٍ وطموحنا يتجدد وينمو.