نبض البلد -
عبيدات: الاختبارات المحوسبة توفر إمكانيات أوسع لقياس أهداف تعليمية متنوعة
درويش يدعو "التربية" لاعتماد نظام الامتحانات المحوسبة في الصفوف الدراسية الأولى
الأنباط – شذى حتاملة
حوسبة امتحانات شهادة الدراسة الثانوية العامة "التوجيهي" جزء من مسار إصلاحي شامل لتطوير منظومة التعليم وتحديث أدوات التقييم في المملكة.
لكن الخطوة ما تزال قيد الدراسة والتخطيط ولم تر النور بعد، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول جاهزية البنية التحتية وقدرة الطلبة والمعلمين على التكيف مع هذا التحول.
وفي هذا السياق أجمع الخبراء التربويون على أهمية هذه الخطوة كجزء من تحديث العملية التعليمية، مؤكدين في الوقت نفسه أن نجاح الحوسبة يتطلب استعدادًا تقنيًا وتربويًا.
وكانت وزارة التربية والتعليم أكدت مطلع العام الحالي جديتها بأن يكون تطبيق امتحان شهادة الثانوية العامة الجديد إلكترونيًا.
التحول نحو التقييم الرقمي
وقال الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات، إن أنظمة التقييم في العملية التعليمية تنقسم إلى نظامين أساسيين الأول هو النظام الإنشائي، الذي يعتمد على الأسئلة المقالية ويركز على قدرة الطالب على الكتابة والتحليل، فيما يتضمن الثاني نظام الأسئلة الموضوعية، مثل الاختيار من متعدد أو "نعم/لا"، وهو ما يشكل الأساس للاختبارات المحوسبة الحديثة.
وأوضح أن التقليديين يميلون إلى الاختبارات الإنشائية، انطلاقًا من قناعة مفادها أن هذا النوع من الأسئلة يساعد المعلم على فهم طريقة تفكير الطالب ومستوى تعبيره، مبينًا أنه في المقابل يشهد العالم تحولًا جذريًا نحو التقييم الرقمي، إذ أصبحت غالبية الاختبارات محوسبة وتعتمد على أدوات تكنولوجية.
وأضاف عبيدات أن الاختبار المحوسب، إذا تم تصميمه بشكل صحيح، يمكنه أن يقيس كل ما يقيسه الاختبار الإنشائي لذلك، يميل شخصيًا إلى تفضيل هذا النوع من التقييمات لأنه يبتعد عن الحفظ والتلقين، ويركز على قياس المهارات التحليلية والفهم.
وأشار إلى أن جودة الاختبار لا تتعلق فقط بالشكل، سواء كان محوسبًا أو إنشائيًا، بل بمدى قدرته على قياس أهداف التعلم بدقة، مضيفًا أن الاختبار الجيد هو الذي ينجح في قياس أهداف التعلم بفعالية، بغض النظر عن الطريقة المستخدمة، ومع ذلك، توفر الاختبارات الرقمية إمكانيات أوسع لقياس أهداف تعليمية متنوعة بشكل أسرع.
وفيما يتعلق بالمخاوف من العدالة في الاختبارات المحوسبة، خاصة في ظل الفجوة الرقمية بين الطلبة، أكد أن هذه التحديات حقيقية، لكنها لا تلغي أهمية التحول الرقمي، وهناك تأثير محتمل لانقطاع الكهرباء، أو تعطل الأجهزة، أو ضعف المهارات التقنية، لذلك من الضروري توفير البنية التحتية وتدريب الطلاب بشكل مبكر على التعامل مع هذه الأنظمة، حتى لا يكون أول اختبار محوسب يواجهونه هو اختبار التوجيهي.
وشدد العبيدات على أن الحل يكمن في التدريب والممارسة، موضحًا أنه يجب أن يخوض الطالب عشرات الاختبارات المحوسبة قبل أن يصل إلى الامتحانات النهائية، ولا يجوز ترك الطالب يواجه هذه التجربة دون إعداد نفسي وتربوي.
وعن أسباب تأخر تطبيق هذا النوع من التقييمات، أرجع عبيدات ذلك إلى عقبات فنية وأخرى اجتماعية، مبينًا أنه لا يزال بعض المجتمعات التعليمية متمسكة بثقافة تقليدية تركز على الأسئلة الإنشائية، والنظر إلى خط الطالب وتعبيره الكتابي كجزء أساسي من التقييم، هذه نظرة قديمة لم تعد تتماشى مع متطلبات العصر.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن مهارات الكتابة لا يجب أن تكون محور التقييم، فالمطلوب اليوم ليس أن أقيس قدرة الطالب على الكتابة بقدر أهمية أن أقيس قدرته على التحليل والفهم واستخدام المعرفة، لذلك الاختبارات المحوسبة هي لغة المستقبل، ويجب أن نستعد لها بشكل جاد ومدروس.
تطوير العملية التعليمية
وفي السياق ذاته، أوضح الخبير التربوي الأستاذ محمود درويش أن لدى وزارة التربية والتعليم نية مسبقة للتحول نحو الامتحانات المحوسبة، ويعود ذلك جزئيًا إلى تراجع الدعم من الجهات المانحة، مؤكدًا أن الامتحانات المحوسبة تكتسب أهمية خاصة في تطوير العملية التعليمية، لما لها من أثر نفسي إيجابي على الطلبة وأسرهم، إذ تساهم في تقليل مستويات التوتر والقلق المرتبطين بالاختبارات.
وأشار درويش إلى أن هذه النوعية من الامتحانات تتيح أكثر من فرصة للطالب خلال العام، ما يمنحه مرونة في التقديم في حال تعذر حضوره في الموعد المحدد، وهو ما يخفف الضغط النفسي مقارنةً بالامتحانات التقليدية الإنشائية.
وأضاف أن الامتحانات المحوسبة تخفف من الأعباء المالية على الوزارة، نظرًا لقلة الحاجة إلى المراقبين والمصححين، مما يسمح بتوجيه الموارد نحو تحسين جودة التعليم وتطوير شكل الامتحان ذاته.
ورغم إشارته إلى أن الامتحانات الإنشائية قد تكون أدق من حيث منح الطالب وقتًا أكبر للإجابة، إلا أنه شدد على أن الامتحانات المحوسبة تتماشى مع طبيعة الجيل الجديد، الذي اكتسب مهارات استخدام التكنولوجيا في سن مبكرة، وهو ما يمكنهم من الإجابة بسرعة ودقة، بعكس الأجيال الأكبر سنًا.
ودعا درويش وزارة التربية والتعليم إلى بدء تطبيق نظام الامتحانات المحوسبة في الصفوف الدراسية المبكرة، بهدف تعويد الطلبة على هذا النمط من التقييم، حتى يصبح استخدام القلم والورق هو الخيار غير المعتاد مستقبلًا.