إلى أين يتجه معدل التضخم في المملكة؟

نبض البلد -

أسعار المواد الغذائية تستمر بالارتفاع منذ بداية العام

الصناعة والتجارة: نتابع بشكل يومي أسعار السلع الغذائية والتموينية

حماية المستهلك: الجهات الحكومية غير قادرة على كبح جماح الأسعار نتيجة التذرع بكُلف النقل

عايش: معدلات التضخم ضمن الحدود المقبولة والآمنة

 

الأنباط – مي الكردي


حالة عدم اليقين والاضطراب في الأسواق العالمية أثرت على حركة السلع المستوردة ما أدى إلى استمرار ارتفاع مؤشر التضخم منذ مطلع العام الحالي.
وفيما ترى جمعية حماية المستهلك أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية غير مبرر ويجب ضبط السوق بسقوف سعرية أو بحملات مقاطعة، تؤكد وزارة الصناعة والتجارة أنها تراقب الأسعار بشكل يومي ولا شك أنها ستتدخل في حال استمرار الارتفاعات.
ويتوقع خبراء استمرار ارتفاع معدل التضخم في المملكة خلال الفترة المقبلة متأثرًا بالتغيرات في الأسواق العالمية.
وهيمن المسار الصعودي على مؤشر أسعار المستهلك "التضخم" منذُ مطلع العام الحالي، حيثُ رصدت دائرة الإحصاءات العامة ارتفاعًا بنسبة 1.97% للثلث الأول من عام 2025 مقارنةً بنفس الفترة من عام 2024، لتستحوذ السلع الغذائية على الحصة الأكبر من الارتفاع في حين شهد شهر نيسان أعلى الأشهر ارتفاعًا في الأسعار منذ بداية العام.
وبمقارنة الرقم القياسي التراكمي لأسعار المستهلك للثلث الأول من عام 2025 مع نفس الفترة من عام 2024، فقد ارتفع الرقم القياسي لمجموعة "الأمتعة الشخصية" بنسبة 19.01%، و"التبغ والسجائر" بنسبة 12.65%، و"الشاي والبن والكاكاو" بنسبة 5.73%، و"الفواكه والمكسرات" بنسبة 5.52%، و"التوابل ومحسنات الطعام والمأكولات الأخرى" بنسبة 5.38%.
ومن أبرز المجموعات السلعية التي ساهمت في ارتفاع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك لشهر نيسان من عام 2025 مقارنة مع شهر آذار الذي سبقه من نفس العام مجموعة "الفواكه والمكسرات" بنسبة 9.43%، و"الأمتعة الشخصية" بنسبة 5.68%، و"الشاي والبن والكاكاو" بنسبة 4.73%، و"الخضراوات والبقول الجافة والمعلبة" بنسبة 1.07%، و"الصيانة المنزلية" بنسبة 0.45%.
وقال الناطق الاعلامي باسم وزارة الصناعة والتجارة، ينال برماوي، أن الوزارة تُتابع بشكل يومي أسعار السلع الغذائية والتموينية وترصد أسعار أكثر من 90 سلعة، مُشيرًا إلى أن غالبية أسعار السلع مستقرة وبعضها شهد انخفاضات واضحة خلال الفترة الماضية بسبب وجود مخزون كبير.
وبين أن الوزارة عادةً ما تقوم بلقاءات واجتماعات والتواصل المستمر مع القطاعين الصناعي والتجاري لأجل المحافظة على استقرار الأسعار المحلية، موضحًا أنه في حال وجدت الوزارة ارتفاعًا غير مُبرر ومبالغ به على أسعار السلع، يتم تحديد سقوف سعرية لحماية المواطنين وبما يحقق العدالة للسوق المحلي.
وأشار البرماوي إلى أن هناك ارتفاعًا بأسعار بعض السلع التي تُعد غير أساسية وتدخل كـ مكون رئيسي في سلة المستهلك التي تتضمن معظم المواد الغذائية والخدمات الأساسية مثل الوقود والإنارة، لافتًا إلى أنها تؤثر على معدل التضخم والرقم القياسي لأسعار المستهلك.
ولفت إلى أن قنوات الاستيراد متاحة من كافة البلدان بحكم الاتفاقيات التي وقعها الأردن مع العديد من الدول والتكتُلات الاقتصادية، بالإضافة إلى العلاقات الجيدة مع الدول في عمليات توريد السلع الغذائية دون أي إشكالات، مؤكدًا استمرارية الوزارة في مراقبة أسعار السلع والتدخل بالقانون لضبط الاسعار.
وشدد البرماوي على أن تحديد سقوف سعرية لأسعار السلع الغذائية هو خيار تلجأ له الوزارة في حال استمرت أسعار السلع الغذائية الأساسية بالارتفاع بشكل غير مبرر، مؤكدًا أنه ضمن قواعد السوق السليم لايمكن أن يتم تحديد سقوف سعرية لأن الأمر يؤدي إلى تعطيل العامل المهم الذي يضبط السوق وهو "المنافسة".
وأكد أن الوزارة سبق وأن اتخذت قرارات بتحديد سقوف سعرية للعديد من السلع مثل اللحوم، الدجاج، الخضار، والألبان وبيض المائدة.
بدوره أوضح المدير التنفيذي لجمعية حماية المستهلك، ماهر الحجات، أن الدور المترتب على الجمعية في ظل ارتفاع أسعار المستهلك هو توعوي وإرشادي، داعيًا إلى عدم الشراء بكميات كبيرة والاكتفاء بالشراء العقلاني والمتوازن الذي يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين.
وأشار إلى ضرورة الابتعاد عن السلع التي تشهد أسعارها ارتفاعًا ومقاطعتها في حال عدم وجود بدائل إلى حين رجوع أسعارها إلى الوضع الطبيعي، مُشيرًا إلى أن هذه الارتفاعات موجودة منذُ بداية العام.
وأفاد الحجات بأن الجهات الحكومية غير قادرة على كبح جماح هذه الأسعار نتيجة التذرع بارتفاع كُلف النقل من بلد المنشأ والتخزين، مُبينًا أنه على وزارة الصناعة والتجارة تحديد سقوف سعرية للمواد مرتفعة السعر مثل اللحوم والليمون.
ولفت إلى أن توسيع عملية الاستيراد من مناشئ مختلفة سيساعد توفر السلع بكميات تعمل على توازن سعري في الأسواق كما جرى فتح باب الاستيراد لتوفير الليمون واللحوم.
من جانبه، بين الخبير الاقتصادي حُسام عايش أن ارتفاع الأسعار يعود إلى زيادة كُلف النقل والرسوم المؤثرة على النشاط الاقتصادي وارتفاع أسعار السلع في السوق، موضحًا أن حالة عدم اليقين والاضطراب في الأسواق العالمية أثرت على حركة السلع المستوردة في البحر الأحمر.
ولفت إلى أن "البنك الدولي"أشار إلى ارتفاع أسعار الغذاء في الأردن خلال الثلاثة شهور الأولى من العام الحالي بنسبة 5.4% تراكميًا و1.8% بمعدل شهري، حيثُ لعبت جملة من العوامل غير المُباشرة دورًا في ارتفاع معدلات التضخم، مُشددًا على أن التضخم بقي ضمن الحدود المقبولة والآمنة.
وردًا على سؤال "الأنباط" حول اتجاه الأسعار في الفترة المقبلة، بين عايش بأن ذلك منوط بحركة التجارة العالمية وتأثير الرسوم الجمركية، لافتًا إلى أن الاتفاق التجاري الأمريكي الصيني المؤقت قد يؤدي إلى مزيد من الطلب على شركات الشحن وعدم انتظام سلاسل الإمداد العالمية ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الكُلف من جديد ومن ثم السلع.
وأشار إلى أن الأردن يستورد حوالي 5 مليار دولار من الحاجات الغذائية من الخارج، حيثُ من الممكن أن تتأثر هذه الأسعار بحجم المستوردات الغذائية مما يبقي معدلات التضخم ترتفع في الفترة القادمة، مُبينًا أن التقديرات تُشير إلى انها ستتراوح بين 2% إلى 2.5% لهذا العام.