العلاقات بين دمشق وعمان نموذج لوحدة المصير

نبض البلد -
الدغيم لـ"الأنباط": سوريا.. المؤسسات هي المستقبل


ذكرى عيد الجلاء تمثل لحظة تحرر مزدوجة

الأنباط - محمد شاهين

أبدى الكاتب والباحث السوري حسن الدغيم تفاؤله بمستقبل سوريا بعد سنوات من الحرب والدمار، مشيرا الى أن البلاد تدخل مرحلة جديدة عنوانها "الحرية والمؤسسات".
واعتبر الدغيم، في حديث لـ"الأنباط"، أن ذكرى عيد الجلاء هذا العام تمثل لحظة تحرر مزدوجة، من الاستعمار القديم ومن النظام البائد الذي استنزف البلاد لعقود.
وتحدث الباحث خلال اللقاء عن مستقبل الفصائل المسلحة، مؤكدًا أن دورها انتهى مع إسقاط النظام السابق، كما تطرق للعقوبات الغربية المفروضة على سوريا باعتبارها تعرقل جهود الإعمار وعودة اللاجئين.
وحول القضية الفلسطينية، بين أن فلسطين ليست مجرد "قضية"، بل "جزء من النسيج السوري"، لافتًا إلى وجود مؤشرات على مستقبل مختلف للعلاقات السورية الفلسطينية وفصل جديد في التعاون الثنائي.

وتحدث الدغيم عن معالم سوريا الجديدة، حيث تم ملء الشغور الرئاسي، وحُلّت الأجهزة الأمنية القمعية، كما أُلغيت الأحزاب القديمة التي وصفها بـ"الزائفة"، وتم كذلك عقد مؤتمر حوار وطني حضره أكثر من ألف شخصية سورية من مختلف التخصصات، ناقشوا قضايا الدستور والاقتصاد والمرحلة الانتقالية.

تحديات.. وإرادة شعبية

رغم الإنجازات السياسية، لا يخفي الدغيم وجود صعوبات كبيرة، أبرزها إصلاح المؤسسات وتحريك عجلة الاقتصاد،
وقال: "الثورة انتصرت ولكن ورثت دولة من الأنقاض.. الإنسان كان مقتولًا أو مهددًا أو مغيبًا، والبنية الاجتماعية ممزقة".
ويرى الدغيم أن النموذج الأفضل لإدارة سوريا الجديدة هو اللامركزية الإدارية، وليس الفيدرالية التي وصفها بأنها "مرفوضة وتهدد وحدة البلاد"، خصوصًا في بلد عانى من انتشار السلاح والصراعات المسلحة.
وأوضح أن قانون الإدارة المحلية الذي كان موجودًا منذ سنوات قد يشكّل أرضية صلبة لإشراك المجتمعات المحلية في القرار، مشيرًا إلى أن البرلمان الجديد سيكون معنيًا بتطوير هذا القانون ليتناسب مع تطلعات الشعب.

الأمن يعود تدريجيًا

وفي تقييمه للوضع الأمني، قال الدغيم أن سوريا تشهد تحسنًا واضحًا في الأمن، وعودة الحياة إلى طبيعتها في مختلف المحافظات، وأشار إلى أن المواطنين يسافرون بين المدن حتى ليلًا دون خوف، وأن حرية التعبير باتت واقعًا ملموسًا، مع انفتاح غير مسبوق للإعلام المحلي والدولي.
كما نوّه بالإصلاحات الأمنية التي قادها وزير الداخلية مؤخرًا، والتي حدّت من تغوّل الأجهزة الأمنية، وكرّست مبدأ "الأمن الموحد"، حيث أصبحت كل محافظة تحت مسؤولية أمنية واحدة، ما يعزز الشفافية والمحاسبة.

تفكيك السلاح العشوائي

وحول مستقبل الفصائل المسلحة، أوضح الدغيم أن دورها انتهى مع إسقاط النظام السابق، وأنه تم الاتفاق على حلّها ودمجها ضمن وزارة الدفاع، ضمن عملية دقيقة تُراعي الطبيعة المدنية لبعض هذه الفصائل.

المقاتلون الأجانب

ورفض الدغيم الأرقام المتداولة عن أعداد المقاتلين الأجانب، معتبرًا أن كثيرين منهم باتوا جزءًا من النسيج السوري، تزوجوا وأنجبوا، ويعيشون بسلام في كنف الدولة الجديدة، وأشار إلى أن مجلس الشعب المقبل سيكون معنيًا بحسم هذا الملف في إطار قانوني وإنساني.
وبين وجود اتفاق واضح بين الرئاسة السورية والقيادات الكردية لإعادة السيطرة على مناطق النفط شرقي سوريا، ضمن خطة زمنية بدأت فعليًا في مناطق مثل الأشرفية والشيخ مقصود.

العقوبات الغربية والتنمية

وشدد الدغيم على أن العقوبات الغربية المفروضة على سوريا تعرقل جهود الإعمار وعودة اللاجئين. وأوضح أن رفعها ضرورة ليس فقط لتحسين الاقتصاد، بل لتوفير بيئة آمنة وسلم أهلي حقيقي.

العلاقات الأردنية السورية

أشاد الدغيم بالعلاقة التاريخية بين الأردن وسوريا، واعتبرها نموذجًا لوحدة المصير، وحيّا الموقف الأردني الرسمي والشعبي، الذي احتضن السوريين ولم يعاملهم كلاجئين بل كإخوة.
كما أشار إلى الدور الإيجابي للأردن في السعي لرفع العقوبات عن سوريا، وفي دعم جهود الحوار الإقليمي، متمنيًا أن تُتوّج هذه العلاقات بزيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى سوريا، التي وصفها بـ"المُنتظرة شعبيًا".
وقال إن الحكومة السورية الجديدة تعمل على تسهيل عودة اللاجئين، عبر تأهيل المعابر، وتوفير البيئة الأمنية، وتقديم الضمانات، رغم التحديات الاقتصادية، وأشار إلى أن السوريين في الأردن، لقربهم الجغرافي، سيكونون أول العائدين المحتملين. مبينا أن قضية اعتماد شهادات السوريين في الخارج ستكون على طاولة مجلس الشعب المقبل، ضمن خطة تشريعية شاملة تهدف إلى الاستفادة من العقول السورية المهاجرة، وأعلن عن قرب إطلاق هيئة استثمار جديدة تسهل دخول رجال الأعمال السوريين من الخارج.

نحو شراكة فلسطينية سورية

واختتم الدغيم حديثه بالإشادة بالعلاقات الفلسطينية - السورية، مؤكدًا أن فلسطين ليست مجرد "قضية"، بل "جزء من النسيج السوري"، وأشار إلى أن زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى دمشق ستفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي، خصوصًا في ظل الاحتلال الإسرائيلي المستمر وانتهاكاته في المنطقة.