قشوع: الأردنيون هاشميون إما بالنسب أو بالتبعية

نبض البلد -
قشوع الاردنيين هاشمين اما بالنسب او بالتبعيه وهو ما جعل من وحدهم الوطنيه تقوم على العقده الملكية التى تنصهر فيها هويتهم الوطنيه مع الهوية الملكيه برباط مقدس جامع للقيم الوطنية وهى الهوية المأطرة فى محتوى جغرافيا الاردن السياسيه الدال مضمونها على هويتهم الملكيه وذلك من منطلق رسالة النهضة العربية بمحتواها القيمي وحضارتها العربية القويمة التى جمعت الدولة الهاشمية بالراية الحمراء والدولة العباسية بالراية السوداء والدوله الفاطمية بالراية الخضراء والدولة الاموية بالراية البيضاء فى رباط جامع تم تجسيده فى العلم الاردني حيث تم اقراره مع انعقاد البرلمان الاردني سنه 1928 لتكون راية المملكة الاردنية الهاشمية وقد يبن الوزير الاسبق حازم قشوع اهميه يوم العلم فى ثقافه الوطنية ومحتوى العلم من الناحيه الحضارية وبرمزيتة الوطنية التى تنطلق من منطوق جغرافية المكان لتسمو رسالته فى سما
علا المنجزات والمحافل الدولية وهذا ما يجعل من يوم العلم يوم المنجز الوطني وقد جاء ذلك فى المحاضره الفكريه التى ألقاها الوزير الاسبق حازم قشوع فى مبنى أتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين بعنوان " العلم الجغرافيا والرسالة " ..

ومع بدايه المحاضره قدم رئيس الاتحاد الاستاد عليان العدوان بيان الاتحاد بهذه المناسبه والذى اكد فيه على ضروره رص الصفوف فى يوم العلم خلف قيادتنا الهاشميه التى ما فتئت تسعى من اجل رفعه الوطن ومن اجل الذود عن حمى الاردن والدفاع عن الامه وقضيتها المركزبه كما قدم الدكتور عزمى حجرات تقدمه بهذه المناسبه اوضح اهمية هذه المحاضرات الفكريه فى اثراء الثقافه الوطنيه وبين اهميه هذه المحاضره فى اغناء يوم العلم من الناحيه الفكريه وفى نهايه المحاضره قدم رئيس الاتحاد شهاده تكريم للدكتور
حازم قشوع بهذه المناسبه التى يقف فيها الاردنين حول العلم برساله إجلال وتبجيل لما يحمله من رمزيه وقدسيه عند الأردنيين.

وبدا الدكتور قشوع فى المحاضره التى أكدت على معانى الامن والحريه فى حفظ حاله الامان لبناء مناخات من الاستقرار والتنميه التى عليها تتأكد مقومات تلعيش الكريم وهى المعادله التى بكفلها الدستور الاردني فى ظل الحمايه الملكيه الساميه. وقد بين قشوع فى محاضرته معاني الرايه ومكانها ومحتواها الحضارى كما بين اهميه هذه المناسبه فى الثقافه الوطنيه واضاف الدكتور قشوع
اذا كان الوطن يتكون من جغرافيا ورسالة فإن العلم ينطلق من الجغرافيا ليعلي راية الرسالة، وهى الراية التى تدل الوانها المختارة على ما يحويه الوطن من مضامين حضارية لمعاني ثقافية جاءت من منطوق جغرافية المكان ومن محتوى الحضارة الوطنيه، مشكله بذلك حالة وطنية يعبر عنها المواطن ضمن جمل تجسيدية يمكن مشاهدتها من شعور الجندى عند رفع العلم و الطالب كما المعلم عندما ينشدون للوطن مع إشراقه كل صباح، كما عند المتفوق المبدع عندما يرفرف علم الوطن في سماء الإنجاز أو فوق سماء منجز، وهذا ما يجعل من العلم وسيلة تعبير وطنية صادرة عن مشاعر المواطن التجريدية تجاه وطن ينتمي لمجتمعه ونظامه السياسي، وهي العلاقة التي تتعاظم فيها راية المشاعر الوطنية كلما علت راية العلم بسواعد أبنائه وارتقت بروافع المنجزات الوطنية.

صحيح أن ما بين "العلم والعمل والعلم" أحرف متشابهة وإن كانت متفاوتة الترتيب، كما هو صحيح ايضا انها تحمل ذات السمة لأحرف واحدة وإن كانت تأتى بسلم ترتيب مختلف بالشكل كما في السياق العام كونها تحمل معاني مختلفة، لكن ما هو صحيح ايضا ان سلسلة معانيها تعبر عن مضامين متباينة بصفات ومتوافقة بالنهج وإن كان العلم يجمعها عبر رمزية تجريدية يقوم عليها (العلم العمل)، وهذا ما يجعل من العلم يجسد هذه الصورة عبر راية التميز التي تدل عن رمزية الوطن وتبين ثقافته بالوان رايتة للدلالة عن هويته والمبينة لعقيدته برمزيتها المقدسة والمشكله لإرادة بالإنجاز والرفعة مع إعلاء مسيرة الوطن.

فالعلم كما يجسد الروح الجامعة للمجتمع التى تبينها الروح الوطنية في بناء المنجزات تشكل رايته الدافع للتفوق فى كل المجالات، لأن العلم الأردني في هذا المقام يجب ان يكون فى الناصية الأسمى وفى المكان الاعلى بين الأمم، وهذا ما تجسده دلالة رفع الراية ورمزية سمو العلم في علا منزله وفي بيان ناصيته، تلك هي الدلالة التي تجمع المحتوى الفكري للهوية الوطنية ضمن المحتوى القومي الذي انطلقت منها رسالته، سيما وأن العلم الاردنى تم اشتقاق الوانه من معاني رسالته عبر محتوى الثورة العربية الكبرى، وهذا ما جعل من معانيه واضحة كما توجهات الوطن بائنة برمزية التوجه والدلالة.

حيث ترمز ألوان العلم لثقافته الحضارية التليدة التي بدأت مع بداية الخلق ومنطوقها المختزل فى عالم الذر وستبقى وارثه الظلال ما بقيت العربيه محفوظة في القرآن الكريم، وهذا ما يجعل من منطوق الضاد المقدس مرتبط بشكل عضوي بالوان الحضاره العربيه، حيث الابيض بالرمزيه الأموية، والأسود للدولة العباسية، والاخضر للدولة الفاطمية، والاحمر بعلم الهاشميين، ومن مجموعها جاءت الوان العلم الاردني كما علم الثورة العربية التي أرادت أن تعيد للعروبة مكانتها لتحمي الإرث العربي بوحدته الذاتية عبر توحيد مساراتها بعدما تم تتريك الهويه العربيه عبر حقبة زمنية غابرة، لتأتي من بعد ذلك رسالة الثوره بخير رد على محاولة اختزال العرب وعروبتهم بإطلاق الراية التى اشتق منها العلم الاردني تزينه النجمة السباعية الدالة على فاتحة الكتاب وعلى جبال عمان السبعة، وهو المحتوى الذي يرمز لرمزية المكان الواصلة بين مركز الأمة حيث عمان عاصمة الدوحه الهاشميه ورسالتها لتضيء منارة فكرية على جفرافيا الهلال الخصيب وعلى محتوى الأمة العربية.

وهي معاني الجمل التى راحت ترسم حضارة أمه بعبارة منطوق الضاد ما بين ملتقى البحرين فى بصرة العراق والى مفترق البحر فى دلتا مصر حيث بصرى الشام عبر الحضاره العربيه ومحتواها الإنساني، وهي الحاضرة التي تعتبر وارثة مجد البشرية ومنطلق الديانات السماوية التي أخذت الأردن تجملها برسالتها وراية علمها وقيادته الهاشمية وجغرافية مكانها، التي غدت تشكل رمزية دلالات يمكن قراءتها من الوان العلم الاردني وأشكاله الهندسية التى راحت ترسم عبارة الأردن جزء من أمته العربية و مركزا للثقافة الإنسانية بتجسيد نهر الخلود بقدسيته الوراثية، وهي الرسالة التي تنطلق منها ثوابت سياساته كما هي الثوابت التي تعتبر المنطلق الأساسي لمحتواه الثقافى القويم التى يعبر عنها يوم العلم.

وهو اليوم الذى نعظم فيه راية الأردن الوطن ورسالته الحضارية التي يعمل لأجلها الشعب الاردني، وترنوا لتمكينها قيادته الهاشمية بالنهضة الفكرية والعطاء الموصول المتسلح بالمنهجية المعرفية والمقرونة بالعلم والعمل، والموحدة بوحدة الأهداف المشتركة بين دائرة الوطنية وإطارها القومي عبر رسالة المجد التي راحت تشكل على الدوام منهجية عمل الأردن ومسيرته، وهو العنوان الذي تنطلق منها راية العلم من على أرضية صلبة بموروثها القومي و المنهج الفكرية الجامع لعقيدة الأمة ولعظيم رسالتها.

وهى الرسالة التى لم تتشكل على أساس جغرافيا سياسية محددة، بل انطلقت من وحى منهجية عربية قومية عنوانها يقوم على الرسالة ولا يقوم فحسب على جغرافية المكان، وهذا ما جعل من إطارها شامل لكل دائره الضاد بكل المساحات الفكرية التي تشكله منطوق لغة الضاد ومن على مضامين ثقافية مشمولة بالحضارات السماوية، وهذا ما ميز المجتمع الاردنى عن غيره من المجتمعات التي تشكلت بعد فاصل تاريخي في مجملها، وقامت على الجغرافيا السياسية وليس على جغرافية المكان بما تحمله من عبق تاريخي وحضارة إنسانية، وهذا ما جعل من رمزية الراية العربية (الاردنيه) تأتى ضمن المحتوى العربي بسمات تشكلها راية الوطن برمزية العزه.

ولعل الأردن وهو يحتفل بيوم العلم لترسيخ مكانته الوجدانية وتعزيز رايته القيمية، إنما ليقدم هذه المساحة لتعزيز محتوى الثقافة الوطنية بما يسهم بتعظيم الروح الوطنية وبما يثري وحدة المجتمع ويعظم من مكانة اللحمة الوطنية فيه وفي داخله، عبر ما يتم تجسيده بالاحتفال الوطني بيوم العلم، فالوحدة الوطنية تشكل الأساس كما تشكل المنطلق في المحافظة على النظام الهاشمي الذي يشكل عقدة الوحدة الدستورية الجامعة بين الحاضرة والحاضنة كما عقيدة الأمة للرسالة الجامعة.

والأردن وهو يحتفل بيوم العلم من أجل تذويب الروابط الفاصلة بين الروابط الاجتماعية عن طريق صهرها في بوتقة موحدة عبر منهجية تقوم على المواطنة، وتطلق العنان للوطنية، فإنه ليقوم بترسيم دائرة الوطن ليشمل الكل الوطني بحيث تعلو فيه الهوية الوطنية على كل الهويات الفرعية، وتتشابك فيه الروابط الاجتماعية بالحلة الوطنية وتتظافر فيه الأيادي لحمل راية الأمة التي تمثلها راية الأردن الموطن والوطن.

وهذا ما يجعل من يوم العلم يوم التعاضد والوحدة من اجل السلام مع الذات الوطني، كما نريده أن يكون يوما لاحترام الدستور وقيمه النابعة من عظيم احترامنا لمؤسساتنا الدستورية، حتى نعظم فيه ومعه الثقة بعقده الرباط الجامع التى تربط الوطن بمكوناته الثلاثة القائمة على النظام السياسي والمجتمع الوطنى ووحدة التراب الوطني، لتكون جميعها مرتبطة بوثاق العقده الدستورية بقنواتها المعرفيه، والتى من المفترض ان يتم اطلاق محتواها من منطلقات وطنية جامعة وعبر برنامج ثقافي توعوي يسهم بتعزيز المكانة والمصداقية بين أركان الوطن الثلاث، وذلك عبر تمكين قنوات الاتصال ومناخات التواصل من أجل تحقيق عوامل الاستجابة وتعزيز الروح الوطنية، بما يجعلها تشكل الأساس القويم والرابط المتين بين بيت القرار صاحب شرعية الحكم والمجتمع الأردني صاحب مشروعية القبول عبر الإطار الناظم للعمل الذى ينظمه القانون.

فليكن يوم العلم يوم تعزيز الثقة بإغناء الروح الوطنية وتأصيل
قيم المواطنة التشاركية التي تقوم على قيم الولاء والانتماء فى التجريد، وبين مقام التضحية والفداء فى التشخيص، حتى يبقى الاردن حصينا منيعا نحفظ مكانته ونصون مكتسباته ونعظم رسالته ونرفع رايته الى منازل العلا، حيث سقوف الحرية وفضائها التى تقرن العلم ب(العلم والعمل) في إطار منهجية الريادة والإبداع التي يعتبر صنوانهما الرئيس للحريات العامة والتعددية، حتى يصبح الوطن وطن النجوم ووطن الانجاز ووطن الكرامة وموطن العدالة ومجتمع المواطنة، الذى يجسده المزيج الجامع بين الهوية الملكية صاحبه الرساله والهويه الوطنيه صاحبة جغرافيا المكان، ومن كلاهما تتكون الجغرافيا السياسية للوطن الذي نرفع رايته عاليا فى يوم العلم على وجه الخصوص كما على الدوام.

وحتى يبقى العلم ماثلا نصب أعيننا فإن العمل على إيجاد برنامج ثقافي تثقيفي يقوم على تحقيق الوازع الوطني في كل جملة يراد إرسالها أو عبر كل عبارة يراد ترسيمها من المواطن الاردني، فان العمل على تنفيذ جملة برامجيه تثقيفية تؤطر حركة المواطن مع مرجعيته الوطنية يعتبر من البرامج الهامه التى يجب تنفيذها لإثراء معنى رفع العلم عند ربط الوطن بالمواطنة والوطنية، لما لهذا الجانب من أهمية في إعلاء راية الوطن الوجدانية كما فى كل محافل العطاء ومسارات الانجاز التى يصل اليها المواطن الاردني في مسيرته الحياتية من أجل تعزيز الذات الوطنية، بما يجعلها قادرة للذود عن الوطن إزاء الرياح الإقليمية والتيارات الموضوعية التي ما فتئت تهاجم الوطن وتحاول المساس بوحدته الوطنية، وهذا يتطلب منهجية فكرية وبرامج عمل تحقق هذه الاستهدافات.

ولما كانت خطة العمل تقوم على عناوين ذاتية يمكن البناء عليها وفق سياسة تراكم الانجاز، فان العمل على تحقيقها يتطلب توظيف الاراده السياسيه لتكون في خدمة استراتيجية العمل وليس الظرف المعاش الآنية فقط نتيجة المقتضيات المحيطة، فإن الظروف تتبدل وتتغير بتغير المناخات أو الوقائع المحيطة لكن سياسة البناء هى التى تحفظ عوامل الادامه والاستدامة المستهدفة من تحقيق الانجاز المنشود الذي يخدم الأغراض الاستراتيجية، ويعمل على تحقيق عوائدها التنموية بالاستفادة مع الحالة الظرفية كلما كانت رياحها موضوعية، وهذا ما بينه كتابى بين السياسة والسياسات في كيفية تحويل المنعطفات إلى منطلقات.

ولان نهج المواطنة يستوجب المصالحة بين مكونات الوطن الثلاث " المواطن والمجتمع والنظام " لتحقيق الحالة المرجوة، فإن الأمر يتطلب تجذير الشراكة المسؤولة بين هذه الروابط الجامعة على قواعد تعزز من مناخات الثقة المتبادلة وتستثمر عبرها جسور المصداقية، فى بناء جسور الثقة التي يستهدفها نهج المواطنة في تحقيق المنعة المجتمعية والارتقاء بمسارات التنمية.

إن نموذج المجتمع الأردني يعتبر من النماذج التي يمكن أن يعول عليها لأحداث علامة فارقة بين المجتمعات، لما يمتاز به المجتمع الأردني من عوامل إيجابية يمكن البناء عليها للوصول بنهج المواطنة سمة مجتمعات المعرفة، لامتلاكه رؤية جاءت من فحوى الاوراق الملكية، وامتلاكه رسالة تقوم على الأمن والحرية والاستقرار للديمقراطية التعددية، وامتلاكه وسائل تقوم على التجانس المجتمعي والتمسك بالعقائد الوطنية التي يقوم عليها العقد الاجتماعي تحت مسمى الدستور.

هذا اضافة الى القيم المشتركة والمرجعية الموحدة وتوازن الحركة الاجتماعية التى تقوم من على أرضية عمل واحدة وإن كانت تتباين بالأولويات نتيجة تعدد فرعية الهويات، لكنها متوافقة على النظام الهاشمي ووحدة المجتمع والمؤسسات الدستورية، وهى الأرضية الوطنية التي يمكن البناء عليها فى تقديم الأردن لذاته عبر نموذج رائد يكون على مقياس المجتمعات المتقدمة من خلال برنامج المواطنة المنتجة.

أما عن الأمن ورسالته، والتى شكلت العلامة الفارقة فى تميز المجتمع الاردنى عن غيره في كل المحطات، فإن نماذج الأمن العديدة التي باتت محط تقدير عالمي في مجالات الدفاع والوقاية والاستدراك والاحتراز، غدت تشكل علامة فارقة للدولة الاردنية لما تقوم عليها منجزاتها وضوابطها الردعية كما الاحترازية والحافزية و الوازعيه من مكانة وريادة، فإن استراتيجيات العمل هذه التي أثبتت نجاعتها قدمت الاردن خير تقديم، هذا اضافة الى خطتها التنفيذية التي اقترنت فيها انتصاراتها فى حروب الإرهاب وضد الوباء، حيث شكلت منهجية تعاطي بحرفية وجعلت من رسالة الأمن الأردني تكون أمثولة عمل ومضرب للأمثال بين المجتمعات، نتيجة نماذج العمل التي قدمها الأردن في الحرب على الإرهاب والوباء، وما قام به أيضا تجاه حفظ السلم الإقليمي والسلام الدولي بالأفكار كما بالميدان، وهو ما يجعل برنامج العمل التثقيفي والثقافى فى يوم العلم يسلط الضوء على محتواه باعتباره جزء من شرعية الإنجاز المستهدفة ومنهجية المواطنة المنتجة.

وحتى نجسد محتوى المواطنة الثقافى بقيمة ودلالاته، فإن الأمر يستدعي تحقيق رؤية استراتيجية للثقافة الوطنية لتكون تحت شعار " نحو مجتمع معرفي لبناء أردن أفضل "، لان استراتيجيات العمل الذاتيه تتأثر بالظروف الموضوعية وطريقه تحصينها تكون فى الثقافه الوطنيه بهدف تحصين بيت القرار، الذي غالبا ما يتأثر بالظروف الموضوعية لذا تجد معظم استراتيجيات العمل تنحني أو تتوقف لتعديل مساراتها لزوم التكيف مع الظرف المحيط بهدف التأقلم مع رياح التغير والتغيير، التي تأتي عبر المناخات الإقليمية او الدولية، حيث تؤثر على النظم الاستراتيجية وخططها فى النواحي الإصلاحية والتنموية كما في الجوانب المالية او الاقتصادية او الادارية او حتى السياسية، إلا أن استراتيجية العمل الثقافي بما تحتويه من عامل ذاتي قادرة على تحصين الاستراتيجيات التنموية فى كل الظروف مهما كانت حجم التحديات التي تحملها.

و لما تحويه المنزلة الثقافية من جذور عميقة في الموروث الثقافي والمخزون العقائدي والأدبيات الحضارية والمسلكيات الاجتماعية والبيئة المجتمعية الحاضنة، وهي العوامل الخمسة التي تشكل جذورها، لذا كانت استجابتها كبيرة فى معادلة التكوين حيث مقدار الأثر الطبيعي وعمق التأثير البشري ومتانة العلاقة المجتمعية بين الانسان والارض والمجتمع حيث الوطن، والتي تتشكل منها درجة الانتماء فيما تتعزز عبر مناخاتها قيم الولاء للنظام والإطار الناظم من طبيعة مفاهيم العنايه والرعايه والحوكمة الرشيدة.

ولان أركان الولاء والانتماء تتشكل من قيم المواطنة وتنمي من المنزلة الوطنية، فإن تعظيم قيمها ومبادئها تتعاظم عند بناء حركة المجتمع بالثقافة الوطنية، لأن الاستراتيجية الثقافية لا تتأثر بالظروف الموضوعية بطريقه كبيره او تؤثر عليها الى درجة وقف الحركة كما يحدث فى مسارات الاقتصاد والتنمية، بل على العكس من ذلك فكلما كبرت التحديات على المجتمع عظمت معها وسائل الابداع الثقافي وتعززت من فحواها قيم المواطنة والوطنية، الأمر الذى يعول عليها دائما فى شحذ الهمم واغناء مستويات الارادة تجاه الوصول الى هدف أو بهدف تحقيق المنجز، من هنا تأتي درجة الاهتمام بروافدها ومساراتها.

ولان الاستراتيجية الثقافية بحاجة الى " رؤية ورسالة واليات عمل، وسياسات وبرامج تاثير وتحقيق اثر، وغايات مركزيه "، فان العمل على بلورة استراتيجية ثقافية يستدعى تبيان هذه المفاهيم وتوضيح عناوينها وشرح أدبياتها وتأطير مساراتها ووضع برامجها في الأطر التوجيهية الإعلامية فى المناهج الفنيه والادبيه، حتى تنسجم المنطلقات المركزية مع روافد العمل المتنوعة ضمن أدوات عمل تستجيب لها بيئة المجتمع فتتم درجة التأثير وتظهر عناوين الاستجابة بواسطة تفاعلية مبادرة وتفاعليه مناعية.

وذلك لاعتبارات ضمنية لأن رؤية العمل تقوم على صياغة النموذج الثقافى للخصوصية المجتمعية وفق معادلة مركزية تقوم على المنطلقات الحضارية للمجتمع، والاستشراف الموصول للبيئة الحاضنة والاستكشاف المأمول للإبداع واستدراك الحركة الاجتماعية من أجل تحقيق درجة التطلع المتوخاة، وهذا يأتي ضمن جملة خبرية تحدث العلامة الفارقة، فإن العمل على بلورتها يتطلب تكوين دلالة مباشرة عن هذا المزيج لتكوين رؤية المجتمع الثقافى وسمته، وهذا بحاجة لفتح أبواب الحوار لإطلاق الرؤية الاستراتيجية الثقافية للمجتمع، والتى يجب أن تبدأ بنحو يمكن استنباطها من رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني " نحو مجتمع معرفي واردن افضل ".

أما فيما يتعلق في الرسالة ومحتواها، والتى من المفترض ان تعمل على هضم حركة المجتمع الفكريه والادبيه الموروثة منها والمسلكية ضمن منهجية عمل تكون رسالتها، وهذا يتطلب الوقوف عند مصطلح البناء من أجل أن تهضم فيها جميع هذه المركبات وتؤطر فى إطار الاستهدافات المرجوة والتطلعات المنشودة، بحيث تقوم على توضيح مسارات العمل وجوانبها ضمن محددات مباشرة حيث يمكن استنباطه من فحوى مضامين الأوراق الملكية.

بحيث ينطلق المجتمع الاردني من إيمان راسخ بالله، ويهدف إلى تجسيد تطلعات الانسان والارض هوية وانتماء فى ظل المجتمع المدنى و ضوابط سيادة القانون، ومن أجل تعظيم مخرجات قيم العدالة وتكافؤ الفرص، ومن أجل ترسيخ النهج الديمقراطي التعددي الذي يحفظ قيم المواطنة ومن أجل تجسيد المفاهيم الإدارية فى اللامركزية والحكم المحلي، ومن أجل تحقيق أطوار الاقتصاد الإنتاجي، ومن اجل ايجاد بيئة أفضل للتعليم والتعلم والمعرفي، ذلك ضمن رسالة وطنية بنائية معرفية تضيف للعمل الإنساني وروافده علوم المنفعة ونماذج المعرفه.

وهى الرسائل الخمسة التي احتوتها الاوراق الملكية حيث يمكنها تجسيد رؤية جلالة الملك بالكيفية التى تمكننا من بناء مضمون المجتمع الافضل او المتقدم، وهذا يمكنه تشكيل الجزء الثانى من الرؤية التي حملت عنوان " نحو أردن أفضل "، فيما تقوم رساله المجتمع تجاه الإنسانية لتحمل رسالة الأردن للبشرية جمعاء عندما حملت ذات العنوان " نحو المجتمع المعرفي بقيمة وعطائة الإنساني "، وهما يشكلان معا كامل الرؤية " نحو مجتمع معرفي واردن افصل ".

وهى الرسالة التى يمكن اعتبارها الهدف الأساس والاتكاء عليها في بناء الاستراتيجية الثقافية للدولة الاردنية، بحيث تقوم على بناء شرعية الإنجاز وإبرازها في تعظيم حركة المجتمع وتطوير وسائلها وتصميم نماذج العمل فيها، وتوظيف السياسات العامة للدولة فى جوانبها وأنظمتها بما يثري حركه المجتمع الثقافيه والادبيه، ويجعلها قادرة على تكوين سمة منهجية وقيميه تميزها عن بقية المجتمعات، وإن كانت السمة التى باتت تشكل السمة الغالبة على حركة المجتمع الأردني هي قيمة التسامح ونهج الأمان.

وهذا ما يقود نماذج العمل الثقافيه لتسليط الضوء على هذه القيمة والمنهجية البارزة في المجتمع الأردني، من خلال التركيز عليها في كل النشاطات باعتبارها علامة فارقة تميز الأردنيين عن غيرهم ويمتاز بها مجتمعنا الأردني عن غيره من المجتمعات، فإن التسامح ما يعنيه من كرم وجود وحسن خلق وعظمة منزله حيث تتجلى معانيه بالترفع عن الصغائر وسمو بالأخلاق وحسن التربيه، اضافه الى انها شكلت ثقافة حكم اصيل بجذوره العريقة يمكن اعتبارها أحد القيم الرئيسية في المجتمع الأردني، كما فى السوسنه حيث يتجسد التعبير لهذه القيم ومن واقع تسليط الضوء على نماذجها المجتمعية باعتبارها تشكل أحد الروافد الرئيسية لشرعية الانجاز المستهدفة فى يوم يرفع فيه العلم من اجل اعلاء رساله الوطن.