نبض البلد -
الزعبي: الكتاب الورقي باقٍ والصوتي يكمل المشهد الثقافي بأسلوب جديد
"الآن ناشرون وموزعون" دار نشر لا تطبع الكتب فقط بل تسجلها صوتيًا
الأنباط - الاف تيسير
في زمنٍ تتسارع فيه التقنيات وتتشعب فيه وسائل المعرفة، تقف دار "الآن ناشرون وموزعون" بثبات في المشهد الثقافي، محافظةً على جذور النشر الورقي، ومتوائمة مع متغيرات العصر.
المدير العام للدار، الدكتور باسم الزعبي، يفتح ملف مستقبل النشر في الأردن عبر مقابلة مصورة مع الأنباط، متحدثًا عن تحديات النشر الورقي والكتاب الصوتي، ومكانة كلٍ منهما في ظل الهيمنة الرقمية.
من الورقي إلى الصوتي والمرئي: رحلة "الآن ناشرون وموزعون"
وأوضح الزعبي أن الدار رغم تمسكها بالنشر الورقي، تستشعر تحديات العصر الرقمي، حيث أصبح الكتاب يبدأ ورقيًا، وقد ينتهي صوتيًا أو مرئيًا، خاصةً من خلال المجال السينمائي، الذي اعتبره الأسبق انتشارًا من المجال الصوتي.
وأشار الزعبي لـ"الأنباط" إلى أن الكتاب الصوتي هو التحدي الرئيسي في الوقت الحالي، إلى جانب وسائل التواصل الاجتماعي بمحتواها المتنوع، مبينًا أن هذه التحديات تندرج ضمن مفهوم القراءة بشكل عام، وليس فقط على مستوى الكتاب التقليدي.
وفيما يتعلق بتجربة الكتب الصوتية، كشف الزعبي أن الدار بدأت بالفعل في تسجيل مجموعة من الكتب الصوتية، لكنها لم تُطرح بعد على المنصات، مؤكدًا أنه خلال هذا العام ستُطرح هذه المجموعة، وأن عددها يقارب 10 كتب صوتية، كخطوة مبدئية نحو التوسع في هذا المجال.
بين رائحة الورق يبقى الكتاب حي
وأوضح الزعبي أن الكتاب الصوتي مرتبط أساسًا بالكتاب الورقي، إذ لا يمكن أن يوجد الأول دون الثاني، فالكتاب الورقي هو الأصل، ومنه ينطلق المحتوى ليأخذ شكله الصوتي لاحقًا، وأن الكتاب الورقي لا يزال متقدمًا وحيًا، متوقعًا أن يستمر لفترة طويلة قادمة.
واستشهد الزعبي بتجارب القراء الذين يفضلون التعامل مع الكتاب الورقي كمادة محسوسة بأيديهم، بل إن بعضهم يستمتع برائحة الورق أثناء القراءة، معتبرًا ذلك جزءًا من متعة القراءة الشخصية.
وأشار إلى الأثر الصحي السلبي الناتج عن الاستخدام المكثف للأجهزة الذكية كالهاتف والحاسوب والأجهزة اللوحية، مؤكدًا أن القراءة الورقية أكثر أمانًا على صحة الإنسان البصرية والعقلية.
خطر الإدمان الرقمي والفرق بين الصورة والصوت
ونبه الزعبي إلى أن كثافة المواد المرئية والمسموعة عبر الإنترنت والأجهزة الذكية أدت إلى حالة من الإدمان لدى المتلقين، ما تسبب في أضرار واضحة على أدمغة المستخدمين، موضحًا أن الكتاب الصوتي يتم تداوله حاليًا عبر المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، ضمن بيئة من المحتوى المرئي والمسموع.
وحذر الزعبي من أن المواد المرئية أشد خطورة وأكثر تأثيرًا من المسموعة، نظرًا لقدرة الصورة على السيطرة السريعة على ذهن المتلقي، وارتباطها بأساليب سيكولوجية معقدة تسعى إلى جذب المتابعين وإبقاءهم في حالة دائمة من الاستهلاك والتي قد تحدث إدمانًا لدى المشاهد والمستمع على حد سواء كما أن الصورة لها سطوة على الإنسان أكثر من المستمع.
مؤشر الاندماج: الورقي أساس.. والصوتي مسارٌ موازٍ
وشدد الزعبي على أن الدار ستبقى ثابتة على سياسة النشر الورقي، مؤكدًا أنه لا غنى عن الكتاب الورقي حتى على المدى البعيد، واعتبر الزعبي أن الكتاب الصوتي موجه لفئة محددة ولظروف محددة من الناس، في حين يظل الكتاب الورقي الخيار الأساسي للطالب، والباحث، والقارئ الملتزم بعادة القراءة، مبينًا أن الدار بدأت بمسارٍ موازٍ للكتاب الورقي وليست بديلًا عنه منها البودكاست وإجراء حوارات مع مؤلفي الكتب والنقاد والقراء، حول محتوى منشورات الدار، والذي يعتبر شكل من أشكال الترويج للمحتوى الورقي .
فئات جديدة تتجه للقراءة السمعية
وساهمت الوسائل الحديثة في توسيع نطاق تلقي المعرفة بأشكالها المتعددة؛ فبعد أن كان التعامل يقتصر في البداية على الشكل المحسوس الورقي، أصبح اليوم يشمل الوسائط الصوتية والمرئية وقد أدى هذا التنوع إلى توسيع الدائرة الثقافية، إذ لم تعد القراءة مقتصرة على فئة محدودة من المثقفين فقط، بل باتت تشمل شرائح واسعة من المجتمع.
وفي السابق، كان من يستطيع قراءة كتاب بحاجة لأن يكون متعلمًا للقراءة والكتابة أما اليوم، فالكتاب الصوتي لا يتطلب ذلك، ما جعله يستقطب شرائح متعددة مثل سيدات المنازل، وسكان المناطق الأقل حظًا التي ترتفع فيها نسبة "الأمية"، حيث يمكن لهؤلاء الاستماع للكتب بسهولة.
واستشهد الدكتور الزعبي بمثال الراعي الذي كان يحمل "مذياع الترانزستور" أو "الراديو" في الماضي، فيما أصبح اليوم يحمل هاتفًا ذكيًا مزودًا بتطبيقات للكتب الصوتية، مضيفًا أن سائقي السيارات أيضًا من الفئات التي تستفيد من هذا النوع من الكتب، حيث يقضون ساعات طويلة خلف مقود السيارة ويجدون في الكتاب الصوتي رفيقًا مثاليًا.