كل سؤال على ChatGPT قد يكلّف لترًا من الماء!

نبض البلد -

 

البطش: مراكز البيانات عمود فقري للتكنولوجيا لكنها عبء على البيئة

الأنباط - عمر الخطيب

 

في اللحظة التي تفتح وتسأل ChatGPT سؤالًا بسيطًا، فاعلم أنك تساهم في استهلاك كميات من المياه تكفي لتغطية احتياجات أسرة كاملة ليومٍ كامل، فكل محادثة رقمية لها علاقة بالعمل أو الترفيه أو أيًا كان، تتحول إلى كمية أخرى تستهلك في سلسلة ضخمة من عمليات التبريد التي تحدث في قلب مراكز بيانات عملاقة موجودة على كوكب الأرض.

في ولاية ايوا الأمريكية التي تستهلك مراكز مايكروسوفت وحدها ما يعادل 6% من مياه بلدة بأكملها، أما فنلندا وآيسلندا حيث تحاول شركات التكنولوجيا في استغلال برودة المناخ لتقليل استهلاك المياه، بالإضافة إلى سنغافورة وهولندا والصين التي تستضيف مزارع خوادم تمتد على آلاف الأمتار، فـ إلى أي مدى يمكن أن يستمر السباق الرقمي دون دفع خسائر في مواردنا الطبيعية.

وبين استشاري الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي المهندس هاني البطش أن مراكز البيانات اليوم هي العمود الفقري الذي يدعم تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة مثل ChatGPT والعديد من التطبيقات الأخرى، حيث تضم هذه المراكز خوادم ضخمة تعمل على مدار الساعة لتلبية الطلبات المتزايدة على الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، ومع ذلك لا يمكن إغفال التحدي البيئي الهائل الذي تطرحه هذه المنشآت، إذ تعتمد مراكز البيانات بشكل رئيسي على نظم تبريد فعالة للحفاظ على استمرارية تشغيل الأجهزة وعدم تعطلها بسبب الحرارة العالية الناتجة عن الأداء المكثف، وتشكل المياه ركيزة أساسية في عمليات التبريد المباشر أو غير المباشر.

وأكد البطش أنه وحسب دراسات لتشغيل نموذج متقدم مثلGPT-3 أو GPT-4 فالأمر يحتاج مئات الآلاف من لترات المياه سنويًا "أي الكمية تكفي احتياجات بلدة صغيرة ليوم كامل" وهو ما يثير مخاوف واضحة حول الاستدامة، مشيرًا إلى أن شركات كبرى مثل Google وMicrosoftكشفت عن استهلاكها لملايين الليترات من المياه سنويًا لتبريد مراكز بياناتها، الأمر الذي يضع ضغطًا كبيرًا على الموارد المائية في العديد من المناطق.

وفيما يتعلق بـ مواقع مراكز البيانات، أشار البطش إلى أن اختيار مكانها يعتمد على عوامل متعددة مثل توفر الكهرباء والمياه والمناخ والتكاليف الناتجة عن القوانين والضرائب المحلية وترحب بعض الدول بهذه الاستثمارات لما توفره من فرص عمل ومزايا اقتصادية، حيث بدأت دول أخرى بـ إعادة تقييم استراتيجياتها بسبب التأثيرات البيئية الكبيرة، خصوصًا على المياه والطاقة غير المتجددة.

وأوضح أنه يقع على عاتق قطاع التكنولوجيا مسؤولية تقديم حلول مبتكرة لتقليل الآثار السلبية الناجمة عن تشغيل مراكز البيانات ويمكن تحقيق ذلك من خلال تطوير تقنيات تبريد صديقة للبيئة تعتمد على استهلاك أقل للمياه، والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة للتشغيل، وتحسين كفاءة الأجهزة المستخدمة، مضيفًا أن المستقبل يتطلب توازنًا بين التقدم التقني والحفاظ على الموارد الطبيعية، لضمان استدامة هذه النظم دون المساس باحتياجات المجتمعات أو البيئة.

وكان عدد من الخبراء أكدوا لـ"الأنباط" في تقرير سابق أهمية مراكز البيانات في العالم الرقمي، مشيرين إلى أن أبرز تحدياتها استهلاك الطاقة والمياه، خاصة لتبريد الخوادم التي تعمل على مدار الساعة، ما يشكل ضغطًا على الموارد المائية.

وحذّروا من أن الاعتماد على الطاقة غير المتجددة في تشغيل هذه المراكز يزيد من الانبعاثات الكربونية، خاصة مع تنامي الطلب على الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي مضيفًا أن التغير المناخي والجفاف سيفاقمان هذه التحديات، إذ قد تواجه المراكز صعوبة في تأمين المياه ما يؤدي إلى رفع تكاليف التشغيل ويدفعها للانتقال إلى مناطق أبرد أو لاستخدام تقنيات تبريد بديلة.

وأكدوا ضرورة التحول نحو الطاقة المتجددة واستخدام أنظمة تبريد مغلقة أو بالغمر، إضافة إلى إعادة استخدام الحرارة الناتجة في تدفئة المباني أو للأغراض الصناعية.