نبض البلد - أكد سياسيون وأكاديميون أن القمّة الثلاثية الأردنية المصرية الفرنسية، جددت التأكيد على الثوابت الأردنية المصرية بقناعة وتأييد فرنسي، وبينت حجم إدراك فرنسا والدول الأوروبية للدور الأردني والمصري في قضايا المنطقة، وخصوصًا القضية الفلسطينية.
وأشاروا إلى أن توقيت القمّة، التي جمعت جلالة الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في العاصمة المصرية القاهرة، حساس ومهم للغاية، خصوصًا إذا جرى ربط ما يحدث على الأرض مع الحضور والدعم الفرنسي، الذي يحمل مؤشرات مهمة جدًا على الصعيد الأوروبي.
وبيّن السياسيون والأكاديميون، في أحاديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أهمية ما أجمع عليه القادة في القمّة بخصوص ضرورة الحشد لدعم دولي من أجل إعادة إعمار غزة، ورفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم وأية محاولة لضم الأراضي الفلسطيني، وضرورة احترام الوضع التاريخي القائم للأماكن المقدسة في القدس.
وقال مساعد رئيس مجلس الأعيان، الدكتور زهير أبو فارس، إن القمّة الثلاثية الأردنية المصرية الفرنسية تأتي استمرارًا للجهود الكبيرة التي يقودها جلال الملك عبدالله الثاني من أجل وقف العدوان الغاشم على قطاع غزة.
وبيّن، لـ(بترا)، أن القمّة الثلاثية جاءت بعد تحرك متواصل من قبل جلالة الملك، كان آخره في أوروبا، عندما تحدث جلالته بشكل واضح أن الأمور في قطاع غزة لا تتحمل أي تأخير، ولا بد من تنفيذ وقف إطلاق نار فوري، وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى القطاع.
وأشار العين أبو فارس إلى أهمية الوجود الفرنسي في القمّة، التي تأتي في توقيت حساس جدًا، وذلك لما لباريس من دور محوري في أوروبا، حيثُ تعد باريس لاعبًا رئيسيًا على الساحة السياسية الدولية.
وأكد أن القمّة الثلاثية تأتي أيضًا في إطار جهود جلالة الملك المستمرة في حشد الرأي العام الدولي من أجل الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها الغاشم على قطاع غزة والأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وإيجاد أفق سياسي في إطار حل الدولتين، الرامي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
وتحدث العين أبو فارس عن أهمية الموقف الأردني المصري المشترك والموحد، ولا سيما أن عمّان والقاهرة تلعبان دورًا محوريًا وأساسيًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وشدد على أن الموقف الأردني المصري الموحد، كان له دور كبير في إفشال المخطط الإسرائيلي بشأن التهجير القسري للأشقاء الفلسطينيين من قطاع غزة، وهو ما كان بمثابة خطوة استباقية لإفشال مخطط تهجير مثيل كانت تنوي الحكومة الإسرائيلية الحالية تنفيذه في الضفة الغربية.
وأشار إلى حديث المستشار الألماني أولاف شولتس لجلالة الملك في العاصمة الألمانية برلين أخيرا، حول أهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف في استقرار المنطقة، وهو ما أكدت عليه القمّة الثلاثية.
ولفت إلى أهمية ما جاءت به القمّة الثلاثية بخصوص أهمية الحوكمة والحفاظ على النظام والأمن في غزة، وضرورة الحشد لدعم دولي من أجل إعادة إعمار غزة، ورفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم وأي محاولة لضم الأراضي الفلسطيني، وضرورة احترام الوضع التاريخي القائم للأماكن المقدسة في القدس.
بدوره، قال وزير الزراعة الأسبق، الدكتور رضا الخوالدة، إن القمّة الثلاثية بين الأردن ومصر وفرنسا، تأتي في إطار الجهود التي تقودها الأردن ومصر منذ بدء الحرب على غزة ودورهما التاريخي في دعم القضية الفلسطينية.
وأوضح، لـ(بترا)، أنه من هذا المُنطلق تأخذ القمّة أهمية كبيرة كونها جددت التأكيد على الثوابت الأردنية والمصرية، بحضور فرنسي، ليصل بذلك الموقف للدول الأوروبية، بقناعة وتأييد فرنسي.
وأضاف الخوالدة أنه في ظل تأكيد الزعماء الثلاثة على ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بدور لوقف الحرب على قطاع غزة، أوصلت القمّة الصوت الأردني والمصري للدول الأوروبية.
وذكر أنه بعد تخلي أميركا عن دورها كوسيط لوقف الحرب، أصبح لزاما وجود إجماع أوروبي لدعم الموقف العربي والضغط على أميركا لوقف هذا العدوان، وإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية، إضافة لرفض التهجير، وإحلال السلام وحل الدولتين، وبذلك تقدّم القمّة مفتاحا لاستقرار المنطقة وإيصال المواقف العربية للدول الأوروبية.
وأشار الدكتور الخوالدة إلى أن فرنسا وبأكثر من مناسبة أكدت دعمها للموقف الأردني والمصري من القضية الفلسطينية، لتكمل القمّة هذا التوافق ولتكون بداية لمرحلة يحضر بها الأوروبيون دعما للثواتب العربية تجاه القضية الفلسطيني.
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الزرقاء الدكتور الحارث الحلالمة، إن القمّة تُبين حجم إدراك فرنسا والدول الأوروبية للدور الأردني والمصري في قضايا المنطقة وخصوصا القضية الفلسطينية والقيام بواجبها الأخلاقي والإنساني تجاه الأشقاء الفلسطينيين.
وأضاف لـ(بترا)، أن الرئيس الفرنسي ماكرون يدرك أن التعاون مع الأردن ومصر يمثل حلولا واقعية ومنطقية فسابقا قدم الدعم للخطة المصرية بإعادة إعمار غزة مع الإبقاء على الشعب الفلسطيني داخل أرضه، والرفض الأردني المصري لتهجير الفلسطينيين، كما شاركت باريس مع الأردن في العديد من الإنزالات الجوية، لإنزال المساعدات الإنسانية على قطاع غزة.
ومضى الدكتور الحلالمة قائلًا: تابعنا الرئيس ماكرون وهو يحمل رأي غالبية الاتحاد الأوروبي ويريد وقف هذه الحرب الغاشمة وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكل كاف، إلى جانب البحث عن أفق سياسي لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية بحيث تنطلق من تقوية السلطة الفلسطينية وتمكينها من القيام بدورها السياسي والإنساني بالتنسيق مع الشركاء.
وبيّن أن فرنسا تدرك محاولات اليمين الإسرائيلي بضم الضفة الغربية وعدم احترام الخصوصية التاريخية للأماكن المقدسة في القدس، ما يبين حجم إدراك فرنسا لخطورة ذلك الأمر، وهو ما ترجمه تواجد رئيسها في القمّة.
من ناحيتها، قالت الخبيرة في الشؤون السياسية الدكتورة أريج جبر، إن القمّة الثلاثية، كانت الأكثر شمولية وموضوعية إزاء تناول الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية.
وأضافت لـوكالة الأنباء الأردنية، أن القمّة التي استكملت أعمالها بحضور الرئيس الفرنسي ماهي إلا تأكيدًا للموقفين الأردني والمصري وتشديدًا على ضرورة المضي بالرؤية العربية لوقف شلال الدم في قطاع غزة، وضرورة وقف العدوان بكل أشكاله وتصعيده السافر تجاه المدنيين واستئناف دخول قوافل المساعدات الإنسانية والطبية للقطاع.
وأكدت جبر أن القادة أكدوا في قمتهم ضرورة فتح المعابر والحدود لخروج المرضى والمصابين لتلقي العلاج ودخول المواد الأساسية اللازمة لتمكين الغزيين من ترميم أو إعادة تأهيل منازلهم ومستشفيات القطاع، وإيجاد حلول دبلوماسية تتضمن تمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المقررة وفق لقرارات الشرعية الدولية وحق تقرير المصير.
واعتبرت أن القمّة بمثابة تأشير لحقوق الفلسطينيين التاريخية التي لا يمكن التنازل عنها مقرونًا برفض كل صيغ التهجير والتوطين والتدمير بحق الفلسطينيين.
من ناحيته، قال الأكاديمي والسياسي الدكتور أسامة تليلان، إن القمة تأتي بتوقيت مهم للغاية إذا ما ربطناها بما يجري على الأرض حاليا، مؤكدًا أن الحضور والدعم الفرنسي يحمل مؤشرات مهمة جدًا على الصعيد الأوروبي في هذه المرحلة.
وأضاف لـ"بترا"، أن الموقف الأردني المصري كان متوافقًا منذ البداية، حيثُ كان الأردن حريصًا على تدعيم الموقف المصري وتصليبه وتوسيع نطاق الموقف بحيث يضم دولا عربية أكثر، وهو أمر غاية في الأهمية.
ولفت الدكتور تليلان أن الأردن كان مبادرا منذ اللحظات الأولى بما يتعلق بوقف إطلاق النار، والحفاظ على النظام والأمن في غزة وجميع الأراضي الفلسطينية، وأن التهجير مرفوض قطعا، وهو ما أكدت عليه القمّة الثلاثية.
وأوضح أن القمّة أكدت أهمية عودة المساعدات وتنفيذ إيقاف وقف إطلاق النار وإعادة خطة الإعمار، مبينًا أن هذه العوامل لم تعد مجرد عوامل فقط لإدامة الحياة على الأرض أو تخفيف معاناة الغزيين بقدر ما تعد عناصر أساسية لجعل موضوع التهجير أبعد ما يمكن.