نبض البلد -
عبد الرؤوف: يُفضَّل تجميد البويضات دون سن الـ35
غنيم: القانون الأردني يحظر بيع أو شراء البويضات
القرالة: إنشاء وحدات الإخصاب جاء لغايات إنسانية
الأنباط-كارمن أيمن
تحديات صحية وفنية وقانونية تشوب القصة، لكن وكما يقال، للضرورة أحكام، والضرورة مدار الحديث هنا حاجة إنسانية وجودية تتعلق بالأنساب وبالتكاثر ما يعني أنها تأتي في سياق سنة الكون.
محور الحديث هنا هو تجميد البويضات للاستفادة منها لاحقًا بالتلقيح والحقن للحصول على طفل ربما طال انتظاره ولم تسمح ظروف هذه السيدة أو تلك بعد ما اضطرها للتجميد.
الخطوٍ تلجأ إليها بعض الفتيات نتيجة ظروف تُفرض عليها بحكم عملها أو لعدم إيجادها شريك الحياة المناسب، فرٌبَّما تتَّجه لخيار "تجميد البويضات" رغم مضاعفاته التي قد تحصل أثناء أو بعد التجميد، آخذةً بعين الاعتبار النواحي القانونية والأخلاقية، إذ يتسائل البعض حول الحالات التي تتاح فيها حالات التجميد ومدّة صلاحيتها وحول آلية الإجراءات القانونية والدينية.
وأشار استشاري الأمراض النسائية والتوليد الطبيب عبدالرؤوف رياض إلى أن اللجوء لتجميد البويضات يتم في حالات عدّة، منها رغبة الفتاة في تأجيل الزواج لأسباب مُعيَّنة قد تكون لانشغالها في ظروفها الاجتماعية أو المهنية، أو في حالة وجود مرض عضال كالسرطان أو مرض مناعي يستدعي استخدام أدوية ضارَّة للمبايض كالعلاجات الكيميائية أو المناعية المُدمِّرة لقشرة المبايض وبالتًالي فإنَّها تُقلِّل عدد البويضات وقد تُفقِد الفتاة لخصوبتها.
وأضاف أنَّه يُفضَّل تجميد البويضات دون سن الـ35 باعتبار أنَّ نوعيتها أجود وتعيش وتُعطي نتائج أفضل عندما يتم استخدامها بعد فك تجميدها، علمًا أنَّه يُمكن تجميدها بعد سن الـ35 إلَّا أنَّ نتائجه تكون أضعف.
وتابع رياض أنَّ احتمالية حدوث حمل نتيجة تجميد البويضات "أمرٌ حاصل ووارد"، فعلى صعيدٍ عالمي توجد نسب حمل وأمَّا فيما يتعلَّق بـتجميد أنسجة المبيض فإنَّه "فاشل في إنتاج حمل عادةً ولكنَّه ناجح في إنتاج الهرمونات الأنثوية المُوضوعة للسيِّدة، بحسبِ قوله.
وبيَّن أنَّها قادرة على تعويض الهرمونات التي تفقدها السيِّدة مع تقدُّم العمر وإعادة إفرازها لتُجدِّد شبابها وحيَّويتها، خاصَّةً عندما تصل لسن الأمل، حيث يقوم الطبيب بـزراعتها تحت الجلد أو على قشرة المبيض الخارجيّة.
وأوضح أنَّ الفترة الزمنية التي تصلح فيها تجميد الأنسجة أو تجميد البويضات "طويلة جدًّا" وتصل إلى 10-15 سنة، لافتًا إلى أنَّ التجميد يبدأ أوّلًا بتنشيط المبايض عن طريق أخذ أدوية و حقن الإبر للحصول على أكبر عدد من البويضات فور وصولها للحجم المطلوب.
ونوَّه إلى وجود بعض المُضاعفات التي قد تحدث عند المريضة نتيجة أخذ الأدوية والإبر تتضمَّن حدوث تهيُّج في المبايض "فرط استجابة المبايض"، وعلاوة على ذلك قد تحدث بعض المُضاعفات الجراحية أثناء سحب البويضات كإيذاء المثانة أو الأمعاء والأوعية الدموية أو تشكُّل خُرَّاج في الحوض، ولكن حدوث هذه المُضاعفات "قليل جدًّا".
أمَّا في مرحلة "ما بعد تجميد البويضات"، أفاد رياض أنَّ بعضها قد تكون سيئة أو حتّى جيِّدة ولكنها غير ناضجة، ومقابل ذلك فإنَّ بعض البويضات قد لا تعيش في مرحلة "فك البويضات من التجميد"، وبالتّالي فإنَّ هناك نسبة خسارة حاصلة لبويضات مُعيَّنة.
وأكَّد على أنَّ تكلفة العلاج تختلف من حالة لأُخرى ومن طبيب لـطبيب وفقًا للمركز، داعيًا أنَّها خدمة مُتاحة للجميع لكن طريقة سحب البويضات للعزباء تختلف عن المتزوجة.
من جانبه، أشار مدير مختبر الإخصاب في مستشفى الخالدي الطبيب سامر غنيم إلى أنَّ القانون الأردني يُجيز السماح لتجميد البويضات لمُدِّة 5 سنوات، إلَّا أنَّ بعض السيِّدات تلجأ لتجميدهم فتراتٍ أطول تتجاوز الـ10 سنوات، لافتًا إلى أنَّ الأمر يتطلَّب متابعة مُستمرَّة من كلا الطرفين وتجديد اشتراك التجميد.
وأضاف أنَّ القانون أتاح للأطباء إمكانية إتلاف البويضات المُجمَّدة بعد مُهلة 6 أشهر من مُدّة عدم التجديد وِفقًا لتعليمات وزارة الصّحة، موضِّحًا أنَّ الاشتراك يكون سنويًّا وبقيمة تبلغ 100 دينار.
وشدَّد على أنَّ القانون الأردني يحظر بيع أو شراء البويضات، فـبطبيعة الحال لا تستطيع الزوجة استرجاع بويضاتها دون موافقة زوجها كونها "مُلكية مُشتركة بين الزوجين"، وأمَّا في حالة الانفصال أو وفاة أحدهم فإنَّ البويضات تُتلف على الفور، وفي حال قيام أي مركز بأمر مُخالف لذلك فإنَّه يُعتبر "فعل جُرمي ويُعاقب عليه".
وأوضّح أنَّ عملية الإتلاف تُجرى بإشراف لجنة من أخصائيّي المُختبر والطبيب المسؤول عن الحالة من خلال إخراج البويضات من "منطقة الحفظ"، مؤكِّدًا على أنَّهم يُحفظون بالنايتروجين السائل وبحرارة تُقارب الـ(180-)، فـبمُجرَّد إخراجهم وتعريضهم للهواء فإنَّه يتم إتلافهم.
ومن ناحيةٍ قانونية، أشار المحامي النظامي سفيان القرالة أنَّ أساس إنشاء وحدات الإخصاب تعود لغايات إنسانية مٌتمثلة بالأنساب، مُحذِّرًا من استخدامها لأغراض تجارية، لافتًا إلى أهمّيّة عدم الاستهانة بالعينات حتّى لا يحدث اختلاط للأنساب، إذ أنّ العيّنات المُحتَفظ بها لدى المستشفيات يجب أن تُحدَّد في سجلات مُتخصَّصة، فإذا كان الطبيب غير مختص فإنَّها تُشكِّل حالة من حالات المخالفة، وذلك كما ذكرت مادة رقم "13 ج"، فإنَّه يستوجب إغلاق الوحدة بقرار من الوزير أو من يفوِّضه والتحويل للمحكمة المختصّة في حالة عدم اتِّخاذ الاحتياطات اللازمة وبما يؤدي إلى خلط الأنساب".
وبالاستناد إلى المادّة رقم 11 فإنَّه "يجب أن يتوفَّر مكان لحفظ الملفات الطبية الخاصَّة بالمرضى ويجب أن تكون هذه الملفات على مستوى عالٍ من الدّقة (تحمل رقمًا متسلسلًا/ أسماء الزوجين/ صورة عن عقد الزواج/ أو دفتر العائلة)، جميع التسجيلات توثَّق من قِبَل المسؤول عن الوِحدة وتُحفظ في أماكن آمنة لا يُمكن اطِّلاع أحد عليها سوى الطبيب المُتابع للمريض ولا يجوز إتلاف السجلات قبل مرور عشرة سنوات".
وأمَّا من الناحية الدينية، فقد صرَّحت دائرة الإفتاء العامّة سابقًا "لـلأنباط" بأنَّه لا يمكن إصدار حكم عام لمثل هذه القضية، إذ يجب أن تدرس كل حالة بشكلٍ فردي لمعرفة مدى توفُّر الحاجة الطبية للإجراء كالفتيات المصابات بالأورام مثلًا، داعيًا لتواصل الدائرة مع عدّة أطباء لإثبات أن طرق سحب البويضات تختلف ولا تقتصر على فض غشاء البكارة، وإنَّما يوجد طرق أخرى تُقرَّر من قِبَل الطبيب، إذ يُشترط بالتلقيح أن يكون بعد الزواج.