مطالبات بضبط الأنشطة المدرسية الجانبية مراعاة لظروف الأسر الاقتصادية

نبض البلد -

المساد: المدارس الخاصة مطالبة بالرقابة الذاتية للتقليل من حجم الظاهرة
درويش: ضرورة تدخل وزارة التربية لوضع حد للنفقات الزائدة في المدارس الخاصة

الأنباط – شذى حتاملة
تعاني أسر أردنية مؤخرًا من مبالغ إضافية تفرض عليها من قبل المدارس الخاصة كتكاليف لأنشطة وفعاليات مثل الرحلات المدرسية والحفلات والأنشطة اللاصفية ومواد دراسية إضافية، ما أثار جدلًا واسعًا بين الأسر حول شرعية هذه الرسوم.
وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الأسر الأردنية باتت هذه المصاريف تثقل كاهل الأهالي وتحملهم أعباء إضافية غير مبررة، ما يؤكد ضرورة تدخل وزارة التربية والتعليم لتشدد الرقابة على المدارس لضبط هذه الرسوم وضمان أن تكون هذه المبالغ ضمن إطار المعقول.
وقالت أم نورا وابنتها في إحدى المدارس الخاصة، تقول لـ"الأنباط" إنه تم إبلاغ أولياء الأمور بأن رسوم الأنشطة المدرسية ليست مشمولة في الرسوم الأساسية، في البداية كانت الأنشطة المدرسية تتضمن حصص الرياضة والموسيقى، ولكن مع مرور الوقت، بدأت المدرسة تطلب مبالغ إضافية لتنظيم فعاليات وأيام رياضية ورحلات مدرسية، مضيفة أنها كانت تعمل في وظيفة بدوام جزئي ولا تستطيع توفير أموال إضافية شهريًا، ولكنها لم ترغب في أن يشعر أطفالها بالحرمان ما دفعها لدفع نفقات الأنشطة حيث كانت تجد نفسها تدفع أموالًا طائلة بشكل غير مبرر.
ولفتت إلى أمر آخر، ويتعلق بالمناهج، حيث يقوم المعلمين بتخليص المواد بدوسيات مدرسية ويجبرون الطلبة على شرائها للحصول على المادة المدرسية.
أما سامي، والد لطالبة في المرحلة الثانوية بإحدى المدارس الخاصة، فكان قد دفع رسومًا مدرسية معتدلة، ولكن في بداية العام الدراسي، تم إبلاغه بأن المدرسة تخطط لتنظيم رحلة مدرسية، على الرغم من أن الرحلة كانت اختيارية، فقد بدأ الطلاب يتعرضون لضغوط من المعلمين للمشاركة، ولم يكن أمام "سامي" سوى دفع المبالغ المالية الكبيرة لهذه الرحلة، رغم أنها ليست ضرورية للتعليم الأكاديمي، إذ شعر أنه يتم استغلال رغبة الأطفال في حبهم للرحلات المدرسية ورغبتهم بمشاركة زملائهم.
فيما بينت "رقية " وهي والدة طالبة في مدرسة خاصة، أن هذه المدارس تفرض عليهم رسومًا إضافية تحت مسمى "أنشطة طلابية" تشمل حفلات نهاية العام الدراسي، والرحلات الترفيهية، والتجهيزات الخاصة بالمناسبات المدرسية، مؤكدة أن المدارس تدافع عن تلك الرسوم على أساس أنها ضرورية لتنظيم أنشطة تربوية ترفيهية، حيث ترى أنها عبئًا إضافيًا على ميزانيتهم.
بدوره، أشار الدكتور محمود المساد، مدير المركز الوطني لتطوير المناهج سابقًا، إلى وجود العديد من الأعباء المترتبة على أولياء الأمور، وهذه الأعباء تتجاوز الرسوم المدرسية المقررة وبدل المواصلات، لتشمل متطلبات إضافية مثل المواد والأدوات العينية التي تدعم الأنشطة التعليمية، والتي يتعين على كل مدرسة توفيرها، كما تشمل الرحلات المدرسية بأكثر من كلفتها، بالإضافة إلى الدوسيات والملخصات والكتب المدرسية، إلى جانب الكتب المدرسية المقررة، هذه الزيادة في التكاليف تؤثر على ميزانية الأسر وتسبب استياءهم، خاصة أنها غير قانونية، وتتناقض مع التعليمات الوزارية التي تحارب مثل هذه الممارسات.
وتابع أن الأمر الأكثر إزعاجًا هو أن أولياء الأمور يدركون أن هذه الطلبات لغايات ربحية، ما يساهم في رفع قيمة عوائد المقاصف المدرسية، والزي المدرسي الإلزامي، ويعزز من تشغيل الحافلات المدرسية، فضلًا عن تقليص تكاليف المواد الأولية اللازمة للأنشطة المدرسية، كما أن هذه الممارسات قد ترفع دخل المعلمين والمعلمات أو تزيد من رضا إدارات المدارس وملاكها عليهم.
وأوضح المساد أن معظم المدارس الخاصة تتسم بهذه الممارسات غير العادية، ولكن يختلف ذلك من مدرسة لأخرى وفقًا لمستواها وتصنيفها، فالمدارس الكبرى والعالية التصنيف تبيع كتبها بمبالغ تصل إلى أربعمائة دينار على الأقل، بينما تطلب المدارس الصغيرة من كل طالب توفير كأس من الأرز أو العدس أو غيرها من المواد التي قد تحتار المدرسة فيما بعد في كيفية جمعها أو بيعها، مضيفًا أن هذه الممارسات السلبية تؤثر بشكل كبير على سمعة المدارس الخاصة، التي لا يعزز من صورتها أمام أولياء الأمور سوى جودة التعليم، والأمان المدرسي، وبيئات التعلم الجاذبة والممتعة، مع استثناءات قليلة لا تلتزم بهذه القواعد.
ودعا المدارس الخاصة وملاكها، إلى التقليل من حجم هذه الظاهرة في إطار الرقابة الإدارية الذاتية، لأن الوزارة مشغولة بقضايا كثيرة،وأن تُضيف إن رغبت هذه المبالغ المتحصلة على الرسوم المدرسية، أو وهذا الأفضل أن تعتبر سمعتها أكثر ربحًا من عوائد هذه الممارسات.
وفي السياق ذاته، أكد الخبير التربوي محمود درويش أن بعض أولياء الأمور يضطرون لإلحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة رغم عدم قدرتهم على تحمل تكاليفها، وذلك بسبب عدم وجود مدارس حكومية قريبة من مناطق سكنهم، مضيفًا أن بعض المدارس الحكومية لا تقدم نفس مستوى التعليم الذي توفره المدارس الخاصة، كما أن بعض المدارس الخاصة تفرض متطلبات تفوق قدرة الأهالي، مثل احتفالات، أنشطة، زي مدرسي، ورحلات.
ودعا درويش وزارة التربية والتعليم إلى وضع حد للنفقات الزائدة، بحيث يتم تحديد الأقساط الدراسية والنشاطات لتغطيتها من الرسوم، مع ضرورة مراقبة الوزارة بشكل أكثر فاعلية، حيث أشار إلى أن دورها في هذا الصدد لا يزال ضعيفًا.