علماء اجتماع وشريعة: القيم الدينية لا ترتبط بطقوس رمضان بل أن قدر الله لنا بلوغه وصيامه

نبض البلد -
نبض البلد -يستقبل المسلمون شهر رمضان هذا العام في ظروف مختلفة لم يألفوها، فرضتها عليهم جائحة فيروس كورونا التي غيبت العديد من الطقوس الرمضانية والعادات الاجتماعية المرافقة لهلال هذا الشهر الكريم.
ويرى اساتذة علم اجتماع وشريعة، في أحاديث لوكالة الانباء الاردنية (بترا)، أن الفرحة بقدوم شهر رمضان الكريم لا ترتبط بالطقوس والعادات والشعائر التي اعتادها المسلمون فقط، بل تتعداها إلى بهجة المسلمين وفرحتهم بأن قدّر الله لهم بلوغ رمضان وصيامه، فهو شهر الصبر والتقوى والإيمان ونزول القرآن الكريم، والتقرب إلى الله بالأعمال الحسنة، فرغم جائحة كورونا التي حرمتنا من بعض طقوس رمضان بما تمثله من تهديد لحياة البشرية، والتغيرات الظاهرية التي طالت تقاليده وطقوسه والتراويح في المساجد إلا أن جوهره وقيمه الدينية ما زالت حاضرة في نفوس الصائمين، وتتجلى باسمى معاني الفرح والسعادة والطمأنينة.
يقول عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين: شهر رمضان سيبقى كما هو، فهو يختمر قيم الإيمان والنفس البشرية، وأي تغييرات ظاهرية لن تؤثر في جوهره، ولن تتمكن من حجب قيم الارتقاء نحو الخالق عز وجل، ولا الحد من معاني وسلوكيات التكافل الإنساني.
ويشير إلى أن رمضان بقيمه الدينية والزمنية عابر للأقوام واللغات والجغرافيا وموحَد باتجاه ما هو أسمى من الحياة العادية، مثلما هو موحَد في طقوسه الزمانية من حيث الصيام والمعاني التربوية المصاحبة لهذا السلوك الديني المنتظم بعكس ما هو دنيوي متبدل أو متغير، حاثا على الإقبال على رمضان بالتفاؤل وأعمال الخير والتكافل الاجتماعي؛ لأن ديننا الحنيف يحضنا على ذلك.
ويؤكد أن فيروس كورونا وما سبقه من جوائح عبر المسيرة الإنسانية ما هي إلا تمارين عقلية وعلمية قادها الإنسان وتغلب عليها بالعلم والإيمان، وأن ما يميز هذا الشهر ارتباطه بنزول القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبمعاني الجهاد الأكبر مع النفس لدى المسلمين، وفيه يزداد المسلم تقربا إلى الله بالأعمال والطاعات.
ويرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور يوسف خطايبة أن هذا الوباء سيؤثر اجتماعيا على الأجواء الرمضانية في المجتمعات الإسلامية والعربية، فتختفي الكثير من العادات والتقاليد الرمضانية، كدعوة الأقارب والأصدقاء ومظاهر الابتهاج والسهرات الرمضانية، وممارسة الشعائر الدينية الجماعية كالصلوات وصلاة التراويح لتصبح داخل البيوت بدلا من المساجد.
ويتوقع خطايبة أن يكيف المجتمع ذاته سواء من حيث العبادات فيزداد ميل الأفراد للتعبد وأداء الشعائر الدينية داخل منازلهم، أو من حيث المحافظة على مظاهر الفرح والاحتفال من خلال تزيين واجهات منازلهم بهلال رمضان والفوانيس، وكذلك العادات الاجتماعية لتقتصر في داخل المنازل.
أما مدير المركز الأردني للاستشارات النفسية الدكتور تيسير شواش فيقول ان شهر رمضان هذا العام سيختلف عما اعتدنا عليه، وعلينا أن نتقبل ونتذكر أن هذه مرحلة مؤقتة، مبينا أن التأثير النفسي في هذا الشهر يعتمد على طريقة تفكيرنا، وما يتبعه من مشاعر، لذا علينا أن نفكر بإيجابية بأن الصيام في هذه الظروف هو امتحان على الصبر وقوة الإيمان.
ويشير الى فوائد الصيام في تحسين الحالة المزاجية للإنسان وقدرته على التعامل مع الضغوطات، وبخاصة في الظروف التي نعيشها، وأن للصلاة فوائد نفسية كالشعور بالأمان والاطمئنان وخفض التوتر وطرد الأفكار السلبية، منوّهاً بأننا نعيش في نعمة عندما نصوم مع أسرتنا ونتناول الإفطار معهم، وغيرنا يفتقدها لأسباب مختلفة. ويضيف من الممتع تأدية الشعائر الدينية وتلاوة القرآن الكريم ، وصلاة التراويح في البيت مع افراد اسرنا لنُعلمهم ونُشجعهم على هذه العبادات، فهي فرصة إيجابية لمن لم يَعتد عليها.
مدير العلاقات العامة والناطق باسم دائرة الإفتاء الدكتور حسان أبو عرقوب يقول: علينا ان نبتهج بأن احيانا الله لبلوغ هذا الشهر الكريم، فهذه نعمة عظيمة، لقوله تعالى: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا)، ورمضان من مظاهر الفضل الإلهي، والرحمة الربانية، وأن ما نعيشه من عُسر، قد وعدنا الله أن يأتي بعده يسرا، (فإنّ مع العسر يسرا، إنّ مع العسر يسرا)، ولن يغلب عسر يسرين، والعسر الكبير يليه يسران كبيران، فلنفرح ونبتهج، فإننا لا نظنّ بربّنا إلا خيرا.
وبالنسبة للصوات في المساجد يوضح، يستطيع الإنسان أن يصلي الفرض والنفل والتراويح جماعة في منزله مع أسرته، وإن صلاها فرادى صحت، لكن الجماعة أفضل، ومن كان مواظبا على الجماعة في المسجد بالظروف العادية، سيكتبُ له نفس الأجر وإن صلّى في منزله، كما بيّن القرآن الكريم وسنة نبيّنا صلى الله عليه وسلم.
وفيما يتعلق بصلة الارحام في ظلّ هذه الأزمة يقول: "رغم أنها من الواجبات الشرعية، وقطع الأرحام محرم شرعا، لكن يستطيع الإنسان أن يصل رحمه من خلال الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي، وتقديم المال اللازم أو الموادّ التموينية لأرحامه واقرابه، لينال أجر إفطار الصائم، دون الحاجة لإقامة الولائم التي يجتمع فيها الناس، ويعرّضون أنفسهم وغيرهم لخطر تفشّي الوباء، وهذا امر كاف في هذه الظروف.
--(بترا)