المهندس هاشم نايل المجالي
من المتعارف عليه ان الاقتصاد المعرفي اصبح محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي في أي دولة تواكب التحضر والتطور والتقدم ، حيث انه يعتمد بشكل رئيسي على تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الاتصال والتواصل والابداع والابتكار .
وهذا ساعد الكثير من الدول غير النفطية من الخروج من أزماتها الاقتصادية وتحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية ، واصبحت مصدرة للالكترونيات والمعدات والالات الحديثة والسيارات ذات التقنية العالية وغيرها .
على خلاف الدول المعتمدة بشكل كلي واساسي على المشتقات النفطية والمواد الاولية وغير ذلك من المواد المتعارف عليها ، والتي اصبحت من ضمن صفقات التبادل التجاري بين الدول .
ولقد اصبح الميزان التجاري يميل لصالح الدول المصنعة للتكنولوجيا والمعتمدة على الاقتصاد المعرفي ، خاصة بوجود الكثير من البدائل لتوليد الكهرباء مثل الطاقة المتجددة بانواعها ، والسيارات الكهربائية واعادة تدوير النقايات وغيرها الكثير التي تنبيء بمستقبل ضعيف للدول النفطية التي تعتمد باقتصادها على النفط ومشتقاته .
ولقد اصبحت دول العالم الثالث مستوردة اكثر منها مصدرة اي دول مستهلكة للتكنولوجيا الحديثة بأنواعها ، والتي تتطور باستمرار بأمتيازات متجددة مما شكل عبئاً كبيراً على تلك الدول وحملها ديون كثيرة مع مرور الوقت ، حيث ان الدول النامية او دول العالم الثالث تدفع المال بالعملة الصعبة لتستورد السيارات الكهربائية والهواتف الحديثة والاجهزة الالكترونية والالات الصناعية الحديثة وغيرها ، مما يشكل عبئاً على اقتصادها وموازنتها حيث ان دول العالم الثالث اصبحت سوقاً رئيسياً لهذه الصناعات بالاضافة الى ما تستورده من معدات واجهزة وآليات عسكرية هي في حاجتها باستمرار .
فاليابان والصين وكوريا والعديد من تلك الدول ادركت بعد الحرب العالمية الثانية انه لا سبيل لنهوضها سوى بالعلم والعمل والابداع والابتكار والانتاج ، فتخلصوا بالعقول المخلصة من الخراب والدمار لينهضوا بتطور حديث ومنظم حيث الكفاءات والابداعات والعمل المنمق والمدروس والذي يواكبه تقييم في الاداء على عكس دول العالم الثالث الذي تتوفر لديه كافة امكانيات التطور والابداع وافضل الاقتصادات بسبب توفر المواد الاولية ، الا انه بسبب المحسوبية والشللية وانعدام الشفافية والفساد بانواعها بقيت هذه الدول ترواح مكانها ، بل الكثير منها تراجع وخاض حروب اهلية ضد حكامها الذين عاثوا بالبلاد فساداً .
فاذا نظرنا الى نهضة المانيا بعد الحرب العالمية الثانية فاننا سنجد ما بين السطور ان الشعب الالماني بشبابه وعقوله اراد ان يعيد لنفسه كرامته واعتباره فحقق المعجزة الاقتصادية والصناعية معتمداً على فكرة السوق الاجتماعي وحرية السوق مستندين على التعليم العالي الميسر من قبل الجامعات والمعاهد برسوم رمزية وبنظام صحي شامل اجباري مقابل رسوم رمزية لشركات التأمين وغيرها الكثير ، حيث ابدعت بصناعة السيارات والالات والمعدات الصناعية والطبية وغيرها ، فحققت اعلى فائض تجاري في عام 2014 بقيمة 285 مليار دولار مما جعلها عاصمة التصدير العالمية .
فماذا عن عواصم الدول العربية التي زادت مديونيتها اي ان العالم العربي لا يزال بعيداً عن تصدير التكنولوجيا حتى وان كان هناك بعض الدول تضع استراتيجية وخطط لذلك ، لكنها لا زالت في مرحلة الخداج لعدم توفر المؤهلات الكافية لذلك ابرزها مراكز الابحاث والبحث العلمي والكوادر الفنية المؤهلة والانفاق المالي على هذه المؤسسات ، بالاضافة لعدم توفر بيئة مالية للاستثمار في هذه المجالات .
علماً بأنه سيصبح تطور اي دولة يقاس بحجم ما تملكه من تقنيات في مختلف القطاعات ومدى انتاجها ، لذلك من اجل ان نكون مصدرين للتكنولوجيا وليس مستهلكين للتكنولوجيا .//
hashemmajali_56@yahoo.com