حسين الجغبير
فيما تقترب صفقة القرن من العلن، والمقرر بعد شهر رمضان المقبل، ما يزال الضغط يتواصل على المملكة ويأخذ أشكالا متعددة، فيما الدعوات تتواصل من أجل توعية كل مواطن أردني من أقصى الجنوب لشماله، ومن أبعد نقطة بالشرق إلى الغرب، توعية مفادها أن هناك أجندات تسعى إلى زعزة ثقة الأردني بدولته عبر بث سموم لا حصر لها.
هذه السموم كان آخرها ما نشرته صحيفة القبس الكويتية في عددها الصادر الجمعة ويحمل عنوانا لا يمت للمهنية بصلة وحمل خمس كلمات وحرف جر "الأردن ينجو من مخطط خطير".
ما يحتويه هذا الخبر من فبركات واشاعات يدلل على أن المرحلة هي في أصعب مراحلها، حيث من الطبيعي أن تجد أجندات تنفذ عبر مواقع التواصل الاجتماعي لما لها من فضاء واسع يصعب السيطرة عليه، ويتمتع بحدود معدومة من المهنية والمسؤولية، أما من غير الطبيعي ان يتصدر صحيفة تصدر في دولة نكن لها كل الاحترام والتقدير، ونتمتع واياها بعلاقات مميزة، وتعكس رسائلية العمل العربي المشترك. هنا لا نحمل الكويت المسؤولية بقدر ما نحمل الصحيفة مسؤولية اللامهنية التي تتمتع بها.
قد يكون ما نشرته القبس الكويتية هو بداية لمرحلة جديدة من الضغط على المملكة من أجل الموافقة على خطة كوشنير للسلام، تلك الخطة التي راعت المصالح الصهيونية على حساب القضية الفلسطينية، والموقف الأردني، وسط تخاذل عربي وغربي واضح للعيان.
ولأن ذلك يؤشر على أننا أمام مرحلة جديدة، فهذا يتطلب وعيا شعبيا لا محدودا تجاه مثل هذه السموم، وعدم الانجرار وراء كل ما ينشر وكأن مثل هذه الأخبار حقائق ومسلمات وواقع.
بداية الهزيمة تبدأ من داخلنا، فعندما نشكك بقدرتنا على النجاة سنغرق جميعا، وعندما لا نؤمن بأننا على حق سنهزم هزيمة قاسية جدا، وسنعطي ذريعة للعدو لأن يتغلغل أكثر وأكثر في نفوسنا، فنسقط في فخ وضعناه لأنفسنا قبل أن يفكر عدونا بوضعه في طريقنا.
انعكاسات عديدة ستظهر خلال المرحلة المقبلة، فالمياه باتت تغلي في الوعاء، والأبخرة تتصاعد، ونتيجة لذلك فإن الحذر مطلوب لأن وضع اليد داخل هذا الماء سيؤدي حتما لحرق الجلد، وسنكون نحن من يشعر بالألم. القصة ليست كتابة خبر في صحيفة، وليست فقط ردود أفعال آنية تنتقد الصيغة التي كتب بها، إذ أن كل أردني مطالب بأن يتعامل مع مثل هذه "الخزعبلات" على أنها وهم خيط بعقل صاحبه، لا نقف عنده، ولا نسمح له بأن يخطف أبصارنا ويخترق أدمغتنا دون مقاومة.
الأردن أكبر من كل ذلك، أكبر من إشاعة، وصراع، أكبر بقائده وبتركيبته المجتمعية، وبتاريخه، وبشعبه، وأكبر من أن يستمع لأصوات النشاز التي تعزف مقطوعة لا تحقق أي تقدم في مجتمعنا المتماسك المؤمن بقضيته.//