بلال العبويني
من السهل على المتابع أن يلحظ أن علاقة الأردن مع بعض حلفائه التقليديين ليست كما السابق في بعض الملفات على الأقل.
ومن السهل أيضا على أي متابع أن يلحظ تحركا سياسيا أردنيا في فضاء الحلف النقيض، إن جاز التعبير، وإن كان هذا التحرك ما زال محدودا، على الرغم من حاجة الآخر واستعداده لبناء علاقات أوثق مع الأردن.
خلال الأيام الأخيرة، كان ثمة تنسيق أردني قبرصي يوناني، وخرج عن القمة مواقف مهمة منها ما تعلق بالوصاية الهاشمية على المقدسات بالإضافة إلى الاتفاق على تعاون في مجالات مختلفة سياحية واقتصادية واستثمارية.
قد لا يجد المتابع أي رابط بين التقارب مع قطر وتركيا مثلا، والتقارب مع قبرص واليونان، على اعتبار أن الدولتين الأخيرتين لا تربطهما تاريخيا علاقات وطيدة مع تركيا، وفي الواقع ليس من الضروري أن يكون هناك رابط طالما نتحدث عن تنويع التحالفات.
ثمة من قرأ التقارب مع قبرص واليونان على أنه انقلاب على التقارب مع تركيا، وهذا ليس دقيقا، بل من الممكن النظر إليه من زاوية الحاجة لتنويع الخيارات والتحالفات السياسية مع دول الإقليم، كما أشرنا، ولو للاستفادة من الناحية الاقتصادية على اعتبار أن التوقعات تتجه نحو مزيد من التضييق الاقتصادي على الأردن تبعا لموقفه الرافض لكل ما يحاك ضد القضية الفلسطينية من مؤامرات للتصفية وما يُحاك أيضا ضد الوصاية الهاشمية على المقدسات.
لكن، وعلى الرغم من ذلك، فإن الخطوات الأردنية ما زالت محدودة تجاه الانفتاح على تحالفات جديدة، وما زال الأمر يحتاج إلى خطوات أسرع تترافق أيضا مع توسيع دائرة التحالفات إلى حلفاء جدد لهم حضورهم في المنطقة.
وأقصد هنا على وجه التحديد إيران، إذ أعلنت طهران موقفا متقدما من الوصاية الهاشمية على المقدسات، في وقت لم نسمع فيه ذات الموقف وبذات الصراحة من دول طالما كانت من قائمة حلفائنا، وطالما قدمنا إليها أكثر مما ينبغي وعلى مستويات مختلفة.
اليوم، ليس المطلوب من الأردن أن يعلن القطيعة مع حلفائه التقليديين، لكن في الوقت ذاته حجم التحديات والأخطار المحدقة نتيجة الموقف من القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية، كبير وربما من الصعب تحمله دون اللجوء إلى كافة الخيارات ومنها تنويع التحالفات السياسية والاقتصادية وفقا لما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا.
إن كنا ماضين في سياسة الاعتماد على الذات تحسبا لمرحلة قادمة تتقلص فيها المساعدات إلى مستويات متدنية، فإن الحل يكون بالمسارعة في بناء تحالفات سياسية واقتصادية متنوعة كما جرى خلال الأيام الماضية مع قبرص واليونان.
وهذا يفرض أيضا المضي قدما في تحسين العلاقة أكثر مع قطر وتركيا وسوريا والعراق وغيرها من دول الإقليم، فلم يعد من المنطق بعد اليوم تبني مواقف من دول لصالح أخرى حليفة أو غير حليفة، دون أن يكون لنا في ذلك "ناقة أو جمل".
القادم من الأيام، يشير الجو العام إلى أنه صعب للغاية، وأن الأردن بمفرده لا يمكنه تحمل تبعات الموقف الأخلاقي والمبدئي من القضية الفلسطينية، وبالتالي يحتاج لحلفاء جدد في الإقليم، لينضموا إلى قائمة ما لدينا من أصدقاء أو حلفاء أوروبيين.
لذلك، وفي ظني، هذا قد يكون واحدا من خيارات المقاومة لما هو قادم من تحديات.//