عصام الغزاوي
في طريقي الى عروس الشمال شاهدت سنابل القمح تتمايل بطمأنينة وشموخ وهي تفترش آخر ما تبقى من سهول حوران التي كانت الى عهد ليس ببعيد تنبض بالحياة، تذكرت الشهيد وصفي التل الذي حاول ان يجعلنا نأكل مما نزرع حتى نبقى أحرارا ولا يكون رغيف خبزنا مغمسا بالذل وخاضعا للإبتزاز، ولعل عهد وصفي كانت آخر سنوات امتلأت فيها "كواري" الاردنيين بالقمح، حيث وصل الإنتاج في عام 1964 حداً منعت معه الحكومة استيراد أي كميات من الخارج، لا بل صّدرت القمح في العام التالي لمصر والسعودية، للأسف بعد استشهاده تراجعت المساحات المزروعة بالقمح والشعير بعد ان عمل عبيد المال تجار الاوطان على تنظيم الاراضي الزراعية بدلا من حمايتها من البناء عليها، وأغرقت امريكا البلد بمساعدات القمح رخيص الثمن مما جعل عملية زراعته غير مجدية حتى هجر المزارعون اراضيهم وإستبدل ورثتهم زراعة القمح بزراعة الاسمنت والحديد، صباح كل يوم يحتاج الأردن لـ2000 طن من القمح لإنتاج الخبز لإطعام نحو 10 ملايين شخص يعيشون على أراضيه، بينما لا يتجاوز انتاجه من القمح 13 الف طن سنوياً، وبذلك فإن إنتاج الأردن بالكاد يكفي احتياجاته لعشرة ايام في أحسن أحواله، على الجهات المختصة المبادرة فوراً بحملة للتوسع في زراعة القمح وذلك تزامناً مع إرتفاع اسعاره عالمياً وخطر التهديد الامريكي المستمر على الأمن الغذائي الأردني بقطع القمح عنه، وحماية مزارعي الأغوار قبل ان تتحول الأغوار الى منتجعات سياحية وفنادق.//