الدكتور هاني البدري
في مواجهة تلك القلة القليلة من اصحاب النظارات السوداء الذين لا يعدمون وسيلة في البحث عن السلبيات حتى من صميم الإيجابيات حتى وان قلت ، أولئك الذين لا تبرح ألسنتهم عبارة " البلد واقعة" يحملونها مشاعل احباط ودوافع يأس ..أولئك الذين اكتشفوا متأخرا قدراتهم الإعلامية الخلاقة عبر منصات اعلام اجتماعي وجدوا عبرها ضالتهم في الهدم ، ونفذوا من ثقبها نحو نفوس متعبة تحاول ان تجد بديلاً لروايات رسمية حكومية مهترئة كذبها (مش حلو) فأبدعوا بصنع الإشاعة وخلطوا الأوراق فغلفوا أذاهم وإساءاتهم وفبركاتهم بسولافان حرية التعبير ..
أمام هؤلاء من فرسان التواصل الاجتماعي الذين لا يعجبهم الا ما ينفثون من سموم التشرذم والتناحر الاجتماعي ، فيطلقون التهم ويوزعون الألقاب .. تهمهم جاهزة ، من يتحدث في الإيجابية ومحاربة أزمتنا الأخلاقية بالرومانسي .. من يرى بصيص أمل وخيط نور يخالف ظلاميتهم .. ب"السحيج".. وجدت لزاماً علي كسحيج قديم ان انقل بالصورة الصوتية على طريقة عصام الشوالي ما تابعته في قاعة كاتدرائية كنيسة سان فرانشيسكو دي أسيزي بمدينة اسيزي الإيطالية التي شهدت تكريم الملك عبد الله الثاني بن الحسين بجائزة مصباح السلام العالمي بحضور اثنين من زعماء الاتحاد الأوروبي الكبار، إنجيلا ميركل زعيمة ألمانيا الكبيرة
و جوزيبي كونتي رئيس وزراء إيطاليا ..ونخبة من شخصيات عالمية على المستويات السياسية والدينية والثقافية..
الجائزة مهمة فقط لانها احدى اهم مثيلاتها في مجال نحن والعرب والعالم والكون باكمله بأمس الحاجة له.. التسامح والتأخي والحوار .. ومن الحاصلين عليها خلال عقدين قامات كبيرة في العالم ارتبطت أسماءها بهذه المعاني السامية.. كان اخرها العام الماضي هذه السيدة الألمانية العملاقة ميركل التي حرصت على الحضور ومخاطبة الحفل المهيب..
وهنا مربط الفرس..
ماذا قالت ميركل للملك ولشريكها الإيطالي في الاتحاد الأوروبي ولقيادات العالم السياسية والدينية
تغزلت ميركل (سياسياً) بالأردن وبجهود الملك .. تندرت بعظمة الدور الذي يقوم به ومن خلاله بلده الصغير تجاه مآساة اللجوء السوري " إن الأردن الذي يبلغ عدد سكانه نحو 10 ملايين نسمة، منح أكثر من 770،000 لاجئ سوري الحماية، وهذه فقط أرقام رسمية"، ملمحة الى أن عددهم الفعلي قد يكون أعلى بكثير.
"يبدو كما لو ان ألمانيا تستضيف 5،7 ملايين لاجئ أو إيطاليا أكثر من 4 ملايين. يجب ان نساعد الأردن، وان نقف الى جانبه". اشارت ميركل وكأنها تقول لنفسها ولشركائها في الاتحاد تعلموا من الأردن وزعيمه..
ميركل عبرت عن مدى إعجابها بالأردن وملكها بأبسط الطرق الألمانية بالأرقام .."حيث متوسط دخل الفرد في ألمانيا يفوق مثيله في الأردن بمرات وفي المقابل فان الدور الإنساني للأردن فاق مثيله الألماني والأوروبي بمرات عديدة"..
في الحديث عن التسامح والتعايش واعلاء قيم حقوق الإنسان لم يتاخر رئيس وزراء إيطاليا أيضا وهو زعيم احدى الاقتصادات العملاقة في العالم عن الإشادة بالملك
"الأردن علامة مضيئة في المنطقة والعالم، والملك عبد الله يجسد القيم الإنسانية، وقدم الكثير من الإنجازات لتعزيز العيش المشترك، إضافة إلى التزامه بالسعي لتحقيق السلام والاستقرار".
ألمانيا وإيطاليا عملاقا الاتحاد الأوروبي يعلنا بشكل جلي " الأردن نموذج يحتذى به في العالم ويجب أن نثني على جهد الأردن والملك عبد الله المميز، وأن نشعر بالغيرة مماتمكن من إنجازه وعمله".
ألمانيا وإيطاليا تغيران منا إذن..!؟
الصورة كما نقلت من كاتدرائية اسيزي العريقة التي شهدت وقوف نخبة من زعماء وقادة العالم لتسلم المصباح تشي بوضوح ان العالم يقدرنا اكثر مما نقدر أنفسنا..
الا إذا كانت ميركل التي قالت لترامب (بعينه) .."ننتهج سياسة مستقلة وألمانيا حرة".. قد قررت ان تنضم إلى مواكب السحيجة حسب أولئك السوداويين من صناع الحكايات المفبركة على شبكات التواصل