دبي - عرب جي تي
حوادث الطائرات ليست متكررة مثل حوادث السيارات ، فبينما تتسبب حوادث السيارات بقرابة 1.35 مليون حالة وفاة سنوياً – وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية ، لم تتجاوز وفيات حوادث الطائرات 1,040 حالة وفاة في عام 2018 ناتجة عن 113 حادث فقط ، مقابل ملايين الحوادث السنوية التي تتعرض لها السيارات .
ولكن بالطبع فإن هذا لا يخفف من مصاب العائلات التي تفقد أحد أفرادها في مثل هذه الحوادث – نسأل الله أن يجنبنا ويجنبكم شر الحوادث – ولا يعتبر مبرراً في حال من الأحوال للتهاون في اتخاذ أقصى إجراءات الأمان والحفاظ على السلامة ، سواء من قبل العاملين في مجال الطيران أو في مجال صناعة الطائرات ، ولا يقلل من حجم مسؤوليتهم في توفير وسيلة نقل آمنة للركاب .
ولذلك فبعد حادث الطائرة الأثيوبية الأليم يوم الأحد الماضي الموافق العاشر من شهر مارس الحالي ، عندما تحطمت طائرة الخطوط الجوية الأثيوبية من نوع بوينغ 737 ماكس 8 بعد دقائق من إقلاعها من مطار أديس أبابا ، كان من االضروري أن تبدأ التحقيقات لمعرفة أسباب تحطم الطائرة ، خاصة وأن الحادث أدى إلى وفاة كل من كان على متن الطائرة من ركاب والذين بلغ عددهم 149 راكباً بالإضافة إلى طاقم الطائرة والمكون من 8 أفراد .
منع طائرات بوينغ 737 من التحليق في الأجواء
وفي المقابل فقد قررت العديد من شركات الطيران التي تمتلك في أسطولها هذه الطائرة تعليق استخدامها في الرحلات الجوية ، لحين ظهور نتائج التحقيقات والتأكد من سلامة هذا النوع من الطائرات خوفاً من وقوع حوادث الطائرات
كما اتخذت عدة دول – أكثر من 45 دولة – قرارات حاسمة بمنع طائرات (بوينغ 737 ماكس 8 ) من التحليق فوق أراضيها ، ومنها دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وسنغافورة والصين وأستراليا وماليزيا وتركيا وأخيراً الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم أمس الاربعاء منع كل طائرات البوينغ 737 ماكس 8 وماكس 9 من التحليق فوق الأراضي الأمريكية .
ومن الدول العربية نذكر الإمارات العربية المتحدة والكويت وعمان والعراق والمغرب ومصر ولبنان .
وفي الحقيقة عزيزي القارئ ففي البداية كانت إدارة الطيران الفيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية قد أعلنت في تصريح سابق لها يوم الثلاثاء الماضي أنها لم تلاحظ أي أعطال في أداء النظام تؤدي إلى اتخاذ قرار بوقف الرحلات على متن هذه الطائرات أمريكية الصنع ، ولكن هذا تغير في اليوم التالي …
ولكن وفي تراجع سريع عن التصريح السابق أعلنت سلطات الطيران الأمريكية والكندية أنهم سيمنعون تحليق هذه الطائرات فوق أراضيهم بعد وصول معلومات جديدة سجلتها الأقمار الاصطناعية أشارت إلى وجود تشابه بين حادثة يوم الأحد الماضي في أثيوبيا وبين حادثة أخرى وقعت شهر أكتوبر من العام الماضي في أندونيسيا تعرضت لها أيضاً طائرة بوينج 737 ماكس 8 تابعة لشركة طيران اندونيسية وتسبب الحادث بـ189 حالة وفاة .
تشابه بين الحادثتين
حيث أوضح (مارك غارنو) وزير النقل الكندي بأن المعلومات التي سجلتها الأقمار الاصطناعية أظهرت نفس التغيرات المفاجئة والتموجات في المسار العمودي لكلتا الطائرتين ، وبعدها بساعات أعلنت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية كذلك أن قراراها الجديد جاء بعد أن أظهرت النحقيقات معلومات جديدة من حظام الطائرة تتعلق بوضعية وإعدادات الطائرة بعد الإقلاع مباشرة .
وعند جمع هذه المعلومات مع بيانات الأقمار الاصطناعية ، قالت إدارة الطيران الأمريكية أن هذه المعلومات أشارت إلى وجود تشابه بين حادثتي الطائرة الاثيوبية والاندونيسية ، وهو ما يتطلب إجراء المزيد من التحقيقات حول إمكانية وقوع الحادثين لنفس السبب ، ومعرفة هذا السبب بشكل دقيق .
وأضاف (دانييل كيه إلويل) مدير إدارة الطيران الأمريكي بقوله :”منذ وقوع الحادث ، كنا مصممين على موقفنا وهو اننا لن نتخذ أي إجراء قبل أن تتوفر لنا معلومات كافية لاتخاذ هذا الإجراء ، والآن وصلت هذه المعلومات واتخذنا الإجراء المناسب”
وفي وقت سابق قالت الخطوط الجوية الإثيوبية أن أحد الطيارين في رحلة الأحد المأساوية أبلغ عن وجود "مشاكل في التحكم بالطائرة” قبيل تحطم الطائرة الاثيوبية ، وأخبر العاملين في برج المراقبة أنه يريد العودة إلى مطار أديس أبابا ، وانهم أعطوه الضوء الأخضر للعودة ، ولكن الاتصال انقطع بين غرفة قيادة الطائرة وبرج المراقبة قبل ثلاث دقائق من الحادث .
هذه المعلومات التي تم الكشف عنها تشير إلى احتمال وقوع مشكلة في أنظمة التحكم بالطائرة قد تكون تسببت في تحطم الطائرة ، كما أن الجهات الرسمية التي تفحصت حادث تحطم الطائرة الأندونيسية أشارت إلى احتمال وجود عطل في نظام التحكم الجديد أدى إلى الحادثة ، وهو ما يحتاج إلى المزيد من الدراسة والتحقيق للوصول إلى نتائج مؤكدة .
من جهتها أصدرت شركة بوينج التي تعتبر من أكبر شركات الطائرات في العالم ، بياناً قالت فيه أنها تؤيد التعليق العالمي المؤقت لكافة طائرات 737 ، فيما انخفضت أسهم الشركة بمقدار 13% هذا الأسبوع وهو ما أدى إلى خسائر بقيمة 26 مليار دولار ، كما بدأ شركات الطيران المطالبة بتعويضات مالية مقابل وقف تشغيل طائراتها ، وذلك بعد أن أوقفت قرابة 50 دولة مرور طئراتها في مجالها الجوي.
وفي آخر المستجدات على هذه القضية التي شكلت سابقة في تاريخ حوادث الطائرات ، ونالت اهتماماً عالمياً وعلى أعلى المستويات، فقد تم نقل الصندوق الأسود من أثيوبيا إلى العاصمة الفرنسية باريس ليتم تحليل المعلومات التي سجلها ، وهو ما يتوقع أن يقدم إجابات واضحة لأهالي الضحايا الذين ما يزالون في حالة حداد على أبنائهم .