نبض البلد -
نبض البلد-عمان-كاظم الجغبير
تتنافس الدول في جميع أنحاء العالم من أجل اغتنام هذه الفرص. وبينما تخوض القوتان العظمتان في العالم، الولايات المتحدة والصين، معركة قوية لفرض الهيمنة على الساحة التقنية، فقد انتهجت الولايات المتحدة نهجاً صارماً وشجعت الدول الغربية على حظر الشركات الصينية الرائدة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات من المنافسة داخل الأسواق المحلية لشبكات الجيل الخامس في هذه الدول. وقد واجهت "هواوي"، على وجه التحديد، عاصفة من الانتقادات، ووقعت ضحية الادعاءات التي تتهم بنيتها التحتية بأنها غير آمنة وأن الحكومة الصينية تستخدمها لتركيب أنظمة تنصت خفية للتجسس عبر شبكات الجيل الخامس.
وهذا النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة نهج هدّام ويضر بمصلحة الجانبين الأمريكي والصيني، بل بالعالم أجمع. إن إقصاء الشركات الرائدة المهمة في تطوير شبكات الجيل الخامس من المنافسة داخل الأسواق يحرم الشركات والمستخدمين من حقهم في الاختيار بين أفضل تقنيات الاتصالات المطروحة في الأسواق. وسيؤدي وجود سوق غير تنافسية إلى ارتفاع تكلفة إنشاء الشبكات وسيكون له آثار سلبية طويلة الأمد على تحول الدول إلى الاقتصاد الرقمي.
من الطبيعي أن تضع الحكومات والمؤسسات مسألة أمن شبكات الاتصالات لديها على رأس سلم الأولويات، وقد خصصت "هواوي" ميزانية تُقدّر بنحو 2 مليار دولار لزيادة المعايير الأمنية لمعداتها وتحسين قدرات وممارسات هندسة البرمجيات. ولكن أن تخص هذه الحكومات الشركات الصينية وحدها بالحظر هو أمر غير مقبول وتحركه دوافع سياسية، ولا يكاد يمت بصلة للمغزى الحقيقي لهذه التهديدات. الجدير بالذكر أن العديد من المؤسسات، بدءاً من المركز الأمن السيبراني الوطني في المملكة المتحدة وحتى المكتب الفيدرالي لأمن المعلومات في ألمانيا، أجرت تحقيقات مع "هواوي" ولم تنجح مساعيها في العثور على أي دليل يثبت وجود أي نشاط إلكتروني ضار يهدد الأمن السيبراني وتتورط فيه الحكومة الصينية.
وبدلاً من إلحاق الأذى بالسوق العالمية لشبكات الجيل الخامس بهذه الإتهامات التي لا أساس لها من الصحة، حري بهذه الدول أن تتعاون مع بعضها البعض لاغتنام الفرص الكبيرة التي توفرها تقنية الجيل الخامس. ستستفيد الولايات المتحدة كثيراً من ريادة الصين في تطوير شبكات الجيل الخامس، لأن الصين أدركت أهمية شبكات الجيل الخامس منذ البداية وتفوقت إلى حدٍ كبير على الولايات المتحدة من حيث حجم الاستثمارات التي تضخها في نشر وتركيب هذه الشبكات. ووفقاً لإحصائيات شركة الاستشارات ديلويت، فقد تفوقت الصين على الولايات المتحدة من حيث الإنفاق على بنيتها التحتية لشبكات الجيل الخامس منذ عام 2015 بمقدار 24 مليار دولار، ونجحت في بناء 350 ألف برج تغطية جديد على مدار ثلاث سنوات، بينما بَنت الولايات المتحدة أقل من 30 ألف في الفترة ذاتها. وستتسع هذه الفجوة بلا شك، إذ تتطلب الخطة الخمسية الاقتصادية للصين زيادة حجم الاستثمارات المتعلقة بتركيب شبكات الجيل الخامس بنحو 400 مليار دولار. والولايات المتحدة لديها الآن فرصة عظيمة للاستفادة من الجهود الكبيرة والاستثمارات الهائلة للشركات الصينية.
وكانت "هواوي" الشركة الوحيدة التي أعلنت رسمياً عن طرح شريحة متعددة الأنماط لشبكات الجيل الخامس Balong 5000، بالإضافة إلى طرح أول جهاز تجاري لشبكات الجيل الخامس يعتمد على تلك الشريحة، والمسمى Huawei 5G CPE Pro. وبفضل هذين المنتجين اللذين يعملان بتقنية الجيل الخامس، استطاعت "هواوي" مؤخراً توفير خدمات الاتصالات اللاسلكية الأسرع في العالم. وقد ساعد تفوق "هواوي" في تقنية الجيل الخامس على أن تحتل مركز الصدارة ليس في مجال تقنية المستخدم فحسب، وإنما أيضاً في التقنيات التي تعتمد على شبكات الجيل الخامس، مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي. ففي العام الماضي، أطلقت "هواوي" سلسلة "أسيند" من رقاقات معالج الذكاء الاصطناعي، أول تقنية ذكاء اصطناعي من نوعها في العالم تعتمد على بروتوكول الإنترنت وسلسلة رقاقات المعالج المصممة خصيصاً لمجموعة متنوعة من السيناريوهات.
بالرغم من الهالة الإعلامية التي تلتف حول الولايات المتحدة وتروّج لاتهاماتها لشركة "هواوي"، لا تزال تقف "وحيدة" في هذه المواجهة، وقد أعلنت بعض من الشركات والمؤسسات الرائدة في مجال الاتصالات من جميع أنحاء العالم عن دعمها الكامل لهواوي. وأوضح الكثير من عملائنا أنهم لا يعتقدون مطلقاً أن هناك أي تهديدات أمنية تتعلق باستخدام معدات "هواوي". وحتى حلفاء الولايات المتحدة الذين يدعمون قرارها بحظر التعامل مع "هواوي"، ، لديهم شركات اتصالات رائدة تعارض هذا الموقف وتقر بأن "هواوي" لا تمثل أي تهديد أمني على الإطلاق.
وتواصل المؤسسات في جميع أنحاء العالم اختيار "هواوي" لتكون شريكها الاستراتيجي المفضل لتسريع وتيرة إطلاق شبكات الجيل الخامس في هذه الدول، وهو الأمر الذي يظهر بوضوح في معدلات التنمية القوية التي حققتها هذه الدول. ومن المتوقع أن تصل إيرادات"هواوي" من مبيعاتها في عام 2018 إلى 108.5 مليار دولار، لتحقق بذلك قفزة سنوية في الإيرادات بنسبة 21%. ولا يتردد أي من مشغلي اتصالات في استخدام معدات "هواوي" لشبكات الجيل الخامس: فقد نجحت "هواوي" حتى الآن في توقيع أكثر من 30 عقداً تجارياً وشحنت ما يزيد على 25 ألف محطة اتصالات رئيسية لشبكات الجيل الخامس. وقد علقت المملكة المتحدة أن شركة هواوي تواجه خطرًا يمكن التعامل معه تجاه الجيل الخامس ، وكانت بمثابة الضربة الأخيرة لجهود الولايات المتحدة لحظر شركة الاتصالات الصينية من شبكات اتصالات الحلفاء. وقد استنتجت الحكومة البريطانية أنها تستطيع تخفيف مخاطر استخدام أجهزة هواوي في شبكات الجيل الخامس