نبض البلد - عبيدات لـ"الانباط": رفع الرسوم الحل الأسهل للادرات الضعيفة للجامعات
المساد: إجراءات غير عادلة وتخالف مواثيق حقوق الإنسان ومبادئ العدالة الاجتماعية وتوفير تعليم منصف
الانباط – شذى حتاملة
يشهد ملف الرسوم الجامعية في الأردن تصاعدًا لافتًا يثير قلق الطلبة وذويهم، هذا ما اكدته عدة جهات معنية بهذا الموضوع المهم، ومنها حملة "ذبحتونا " التي كشفت في دراسة لها اخيرا، مقدار رفع الرسوم في الجامعات الرسمية بين عامي 2017/2018 و 2025/2026 وما ترتب عليها من أثر مباشر على الحق الدستوري في التعليم، واستعرضت الحملة في الدراسة ابرز الارقام والتحليلات التي تتبين حجم الارتفاع المتسارع في كلفة الدراسة الجامعية والذي وصفته الحملة بالجنوني.
بدورها قامت صحيفة "الانباط " بالتواصل مع خبراء تربويين للوقوف على الاسباب التي تدفع الجامعات الرسمية إلى انتهاج سياسة الرفع واثر هذه الزيادات على حق الطلبة في التعليم وقدرة الاسر الاردنية على تحمل كلفته المتصاعدة .
وحول ذلك، يرى الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات، إن لجوء الجامعات إلى رفع الرسوم الدراسية يعود في جوهره إلى ضعف الإدارات والتي تلجأ إلى أسهل الحلول بدل البحث عن خيارات إصلاحية حقيقية، مؤكدا أن هناك اختلالاً واضحاً بين حاجات الإنسان وقدرته على تلبيتها ما ينعكس على مختلف مناحي الحياة في الأردن وبالتالي يصبح من الطبيعي ظهور اختلالات داخل الجامعات نفسها.
وأضاف عبيدات أن دخل المواطن لا يتناسب مع حاجاته في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار مقارنة بالدخل ما يدفع الكثيرين إلى اللجوء للديون، مشيراً إلى غياب نظام إنساني يأخذ حاجات الفرد الأساسية بعين الاعتبار.
وفيما يتعلق باستحداث تخصصات جديدة ذات رسوم مرتفعة، أوضح عبيدات أن بعض هذه التخصصات ضروري فيما لا يحمل بعضها الآخر أي ضرورة فعلية، متساءلا، هل يتطلب استحداث التخصصات الجديدة أن تكون مكلفة؟ داعياً إلى فحص كل تخصص لمعرفة ما إذا كان الهدف منه تحصيل الأموال أم تغطية تكلفة تعليم الطالب فعلياً، لافتاً إلى ميل الإدارات نحو الحلول السهلة.
وأكد عبيدات على ضرورة اعتماد معايير الخبرة والإنجاز عند تعيين المسؤولين، مشيراً إلى أنه عندما يتم تعيين مديرين أصحاب خبرة حقيقية لا تضطر المؤسسات للجوء إلى الحلول السطحية، لافتا إلى وجود نماذج ناجحة في الإدارة الأردنية، منها المركز الوطني للسكري، ومؤسسة الحسين للسرطان، وشركة الفوسفات، والأمن العام، وإدارات الجوازات وترخيص المركبات.
وفي السياق ذاته، أكد مدير المركز الوطني لتطوير المناهج سابقًا الدكتور محمود المساد، إن صورة المشهد العام للتعليم في الأردن كشفت عن جزء هام منه الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" في دراسة المقارنة التي أجرتها حول التغييرات في الرسوم الجامعية في الجامعات الرسمية للفترة من العام الدراسي 2017/2018 ولغاية العام الدراسي 2025/2026،وأثر هذه التغييرات على الحق في التعليم، الذي تبين بأنه يدعو للقلق والدهشة.
بيد ان المساد استغرب تجاهل الدراسة للأسباب الحقيقية التي تدفع الجامعات الحكومية إلى مواصلة رفع الرسوم، وفي مقدمتها تضخم مديونيتها وتراجع دورها المجتمعي والبحثي، مضيفا إنه رغم ذلك وجد بحسب ما عرضته الدراسة أن مسلسل رفع الرسوم كشف عن قضايا جوهرية وعززها، من أبرزهأ، ترسيخ سياسة تعليم طبقية قائمة على القدرة المالية، سواء كانت هذه السياسة مقصودة أم لا، إذ إنها تتعارض في الحد الأدنى مع حق الإنسان في الحصول على تعليم جيد وعادل، يتناسب مع قدرات الأسر المالية ومكان السكن واختلاف الأعراق والمعتقدات.
وأضاف المساد أن الأولى بصناع القرار كان استثمار اندفاع الأباء الشديدة في تعليم أبنائهم مهما كلّفهم ذلك من صعوبات ومعيقات، بدل الاستجابة غير المبررة لإجراءات تؤدي إلى تجهيل كثير من الطلبة وتسطيح فكرهم، وهو الفكر الذي تقوم عليه قوة الأمم وازدهارها، مبينا أن الأسباب المالية التي تتخذ مبررًا لرفع الرسوم لا علاقة للطلبة بها.
وحول رفع رسوم الجامعات، بين أن قيادات الجامعات الحكومية تفننت في اختراع أشكال تفضي لرفع الرسوم الدراسية، مع علمهم اليقيني أن هذا الرفع في أغلبه فوق قدرات أولياء أمور الطلبة المالية، وأن هذه الرفعات المتتالية في الرسوم الدراسية ستدفع معظمهم إلى التسرب، أو يدفع بذويهم إلى الاستدانة ورهن بيوتهم وأنفسهم للمجهول.
وتطرق المساد على سبيل المثال لا الحصر، إلى أن مواطنًا قد يجد نفسه مضطرًا لدفع 6300 دينار سنويًا لتعليم ابنه أو ابنته الحاصل على معدل لا يقل عن 96% في تخصص طب الأسنان، مشيرا إلى غياب العدالة الاجتماعية مع لجوء جامعات الأطراف، حيث تتركز بؤر الفقر والبطالة، إلى رفع رسوم معظم تخصصاتها بنسب وصلت إلى 150%.
ولفت المساد إلى أننا نتحدث هنا عن تكلفة تتجاوز 100 دينار شهريًا على المواطن، أي ما يعادل 25% من متوسط الراتب الشهري للأردني، وذلك وفق ما جاء في الدراسة وما طُرح خلال المؤتمر الصحفي.
وشدد على إن هذه الإجراءات غير المبررة على الطالب من قِبل الجامعات الحكومية، وعلى مسمع ومرأى الحكومات المتعاقبة غير عادلة، وتخالف مواثيق حقوق الإنسان، ومبادئ العدالة الاجتماعية، وفي توفير تعليم منصف وجيد يراعي قدرات أفراد المجتمع المالية وغيرها، وتساءل هل مع الطلبة والمجتمع أن يرفعوا الصوت؟.
ودعا المساد الحكومة ومن أجل حل المشكلة وخدمة المتعلمين أجيال المستقيل وبناة الوطن ومادة قوته الحقيقية، إلى اتخاذ قرارات جريئة في توفير صندوق لدعم التعليم، يوجه دعمه للجامعات مقابل تخفيض مكافئ لرسوم الساعة المعتمدة، مضيفا أن ذلك يعوض على الجامعات ما تخسره جراء برامج الحكومة في الابتعاث عموما، وبرنامج جسيم وغيره من البرامج والمنح التي أثقلت موازنات الجامعات، ودفعتها إلى مثل هذه السلوكيات غير المنطقية وغير المنصفة.