هل تحقق المؤتمرات أهدافها ... أم أنها مجرد استعراض بلا أثر؟

نبض البلد -
د. خويلة: المؤتمرات فرصة للدول للتباهي بثقافتها والتعريف بمقدرات البلد المضيف
د. زريقات: الكثير من المؤتمرات تتحول لاستعراض لأن القائمين عليها من غير الاختصاص
الانباط – شذى حتاملة
تنظم العديد من الدول المؤتمرات بمختلف المجالات والتي تعد فرصة لتبادل الخبرات والافكار ما بين الخبراء والخروج بالعديد من التوصيات والحلول لبعض القضايا والمشاكل لكن هناك العديد من التساؤلات هل المؤتمرات تحقق اهدافها وتتابع توصياتها ام هي مجرد استعراض؟
وتسعى دول عديدة ومن بينها الاردن إلى تنظيم المؤتمرات في مختلف المجالات، باعتبارها منصة لتبادل الخبرات والأفكار بين الخبراء والمختصين، وفرصة للخروج بتوصيات وحلول لقضايا وإشكاليات امطروحة، غير أن هذه الفعاليات على الرغم من أهميتها تثير تساؤلات ملحة منها هل تنجح المؤتمرات فعلًا في تحقيق أهدافها ومتابعة توصياتها، أم أن بعضها يتحول إلى مجرد استعراض بلا أثر حقيقي؟

وبهذا الخصوص ترى المستشارة التربوية ومديرة إدارة التعليم الخاص السابقة الدكتورة ريما زريقات، أن أي مؤتمر هادف يجب أن يقوم على تقديم حلول لمشكلات أو فجوات أو قضايا تمثل تحديات، وأن يعتمد على المنهجية العلمية والبحث العلمي، لذلك ينبغي أن يكون المؤتمر الهادف مستمرًا وأن يبدأ من حيث انتهى الآخرون الذين تناولوا المشكلة أو الموضوع نفسه، ولتحقيق النجاح والوصول إلى الهدف لا بد من متابعة تنفيذ توصيات المؤتمر وتقييم تطبيقها على أرض الواقع.
وأضافت، أنه وللأسف تفشل بعض توصيات المؤتمرات بسبب طابعها الشكلي وعدم قابليتها للتنفيذ، إما لأن الجهات المسؤولة عن تطبيقها جهات عليا أو أصحاب قرار، أو بسبب تضارب المصالح الذي يعيق تنفيذها.
وبينت أن مشاركة أصحاب الاختصاص بالمؤتمرات والمساهمة في صياغة توصيات قابلة للتنفيذ إضافة إلى تشكيل لجان للمتابعة والتقييم لتنفيذ توصيات هذه المؤتمرات تعد خطوات كفيلة بتحقيق الهدف منها وانجاح هذه المؤتمرات، مؤكدة على اهمية وضع توصية بعقد مؤتمر بعد فترة زمنية معينة تنطلق من نفس الموضوع واعتبار أي توصية لم تتحقق موضوع المؤتمر الجديد .
واشارت إلى أن المدعوين للمؤتمرات هم الفئة الاكثر اهمية كونهم من أصحاب الخبرة والرأي والاختصاص ، والتزام المدعوين بالحضور طيلة فترة المؤتمر تجعل التوصيات سليمة ناضجة يمكن تفيذها وتحقيقها ، مبينة أن المؤتمرات التي لايتم الالتزام والحضور بها مشكلة تفشل هذه المؤتمرات ونعلم أن الحضور فقط في النصف الأول من المؤتمر يلتزمون حين يتواجد راعي الحفل ثم يحضر المشارك فقط حسب دوره ووقته في أو استلام شهادته مما يفقد الجلسات التشاركية في تبادل الخبرات والآراء .
واضافت أن الكثير من المؤتمرات تظهر وتتحول إلى استعراض لأن القائمين عليها هم من غير الاختصاص ، فيرى البعض أن اعداد مؤتمر أو المشاركة في بعض المؤتمرات اظهار له وتسليط الأضواء على شخصه فقط ، أو هناك دعم مقدم لعمل مؤتمر ويتم ذلك ،مشددة على أن مشاركة ودعوة أشخاص من غير الاختصاص أيضا تشكل مشكلة ، إضافة إلى عدم اختيار مشاكل وقضايا مجتمعية أو مهنية تحول هذه المؤتمرات إلى استعراض فقط ، غير ذلك افتقار هذه المؤتمرات لغير المختصين أو أصحاب القرار بخصوص التوصيات ، تفقد هذه المؤتمرات معناها والغاية منها ، كذلك افتقار الكثير من المشاركين للمنهجية العلمية في في اعداد أوراق المؤتمر وطرح أوراق لا تنبثق من مشكلة والوصول لحلها تفقد المؤتمر غايته ولا يحدث فرقا في مجتمعه وسياقه .
وبدوره قال المتخصص في علم الاجتماع الإعلامي الدكتور محمد خويلة ، إنه من الضروري في البداية التأكيد على أنّ كلمة "مؤتمر" تعني تجمع عدد من الأفراد في مكان وزمان محددين، بهدف التواصل وتبادل الخبرات والآراء والأفكار حول موضوع واحد أو مجموعة من الموضوعات، بما يسهم في البحث عن حلول للقضايا المطروحة.
وأشار إلى أن المؤتمرات تسهم في رفع السوية العلمية وهو ما ينعكس بدوره على تطورمختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة المحلية والدولية، واستشهد بقول ابن خلدون الذي اكد أن الرحاله كانوا يرغبون في ارتياد المجهول وتقصي الحقائق وطلب العلم والمعرفة من مواطنها الأصلية .
كما لفت إلى أن ابن خلدون شدد على اهمية المناظرة المباشرة بين أصحاب الاختصاص ودورها في إثراء المجال العلمي من خلال ما ينتج عنها من حوارات فكرية بين أصحاب الاختصاص اذ قال "فلقاء أهل العلوم وتعدد المشايخ يفيده تميز الإصطلاحات بما يراه من اختلاف الطرق فيها من المعلمين ويصحح معارفه ويميز سواها" .
وتابع خويله أن المؤتمرات تعد منصة للتفاعل بين أصحاب الاختصاص والاهتمامات المشتركة وتبادل المعرفة بين الباحثين والمهنيين وتمكنهم من مواكبة احدث الإبتكارات والتطورات، موضحا ذلك بأن المؤتمرات تعتبر فرصة لتبادل المعلومات والابحاث ويعزز التواصل ويساعد المشاركين على توسيع تأثيرهم في فطاعاتهم المختلفة وزيادة معارفهم وتنمية قدراتهم البحثية ، إضاقة إلى أنها تتيح فرص التعاون بين الخبراء والأكاديميين وبناء علاقات مهنية جيدة مما يساهم في زيادة التعاون بين المشاركين .
ولفت إلى أن المؤتمرات تشكل ركيزة أساسية في حل المشكلات وتعزيز الإبداع والابتكار، إذ تدفع نحو التفكير النقدي وتوليد أفكار جديدة تسهم في إيجاد حلول للتحديات المرتبطة بمجالات اختصاصها، فضلاً عن دور توصياتها في ترشيد صناعة القرار ودعم مسار التقدم.
كما شدد على أنّ نجاح المؤتمرات وتجنب فشلها يستوجب من المشاركين متابعة مدروسة وتواصلًا مستمرًا مع الجهات المعنية، لضمان تحقيق أقصى فائدة من هذه المشاركات .
وأكد خويلة على أن المؤتمرات فرصة للدول للتباهي بثقافتها وتوطيد العلاقات الدولية والتعريف بمقدرات البلد المضيف وعرض صورته الثقافية التي تميزه عن غيره ، كما أن المؤتمر يسمح لتجمع ثقافي واسع الطيف لا يسمح فقط بالتبادل المعرفي إنما يتجاوزه للتبادل الثقافي والمعرفي.