كاليفورنيا.. الأردن يرسخ ريادة المرأة حامية للتراث

نبض البلد -

من كاليفورنيا - خاص

من قلب جامعة لا سييرا في كاليفورنيا، نسج الأردن خيطاً جديداً في نسيج التراث العالمي، بتوقيع شراكة استراتيجية وصفها المراقبون بأنها "قفزة نوعية" تضع الحرفيات الأردنيات في مصاف السفيرات الثقافيات والاقتصاديات. وقّع الاتفاقية الدكتور أحمد العمايرة، عميد معهد مادبا لفن الفسيفساء وترميم الفن (MIMAR)، مع مركز CNEA، ليؤكد أن الأردن لم يعد مجرد حارس للتراث، بل باني لجسور أكاديمية وثقافية تصل الشرق بالغرب.

وقال العمايرة في كلمة بالغة الأهمية: "هذه الشراكة ليست مجرد وثيقة، بل هي اعتراف عالمي بالريادة الأكاديمية التي حققها معهد مادبا، وتجسيد لالتزامنا بتحويل الفسيفساء من مجرد تراث نحافظ عليه، إلى محرك إلهام واقتصاد مستدام".
واكد العمايرة أن الهدف من الاتفاقية أن يكون معهد الفسيفساء مركز اقليمي دولي حسب توجيهات من معالي وزير السياحة ليكون مركز اقليمي دولي وسنشهد مزيدا من الاتفاقيات الدولية.

صوت المرأة.. روح الاتفاقية

لكن الاتفاقية اكتسبت روحها من كلمة الدكتورة هبة حدادين، التي ألقت خطاباً مؤثراً مرتديةً الزي الأردني التراثي، لتقدم للعالم صورة نابضة بالحياة عن المرأة الأردنية. لم تكن مجرد ممثلة، بل كانت الصوت الذي عبر عن جوهر التجربة.

وقالت حدادين في كلمتها التي حملت عنوان "تراث مادبا الحي": "نحن هنا للاحتفال بالشراكات التي تبني الجسور، وهذه الاتفاقية هي تعهد مشترك لبناء مستقبل أفضل لإرثنا".

أضافت بثقة: "المرأة الأردنية هي القلب والروح الحقيقيان اللذان يحافظان على استمرارية هذا التراث. إنهن المعلمات والقائدات اللواتي يحولن الحجر والألياف إلى قصص تربطنا بتاريخنا، والأهم من ذلك، أنهن القائدات الاقتصاديات اللواتي يثبتن أن التراث يعني القوة والاستقلال المالي من خلال مبادرات مثل 'سوق مساواة'".

واستشهدت حدادين بعبارة مؤثرة باللغة الإنجليزية: "في عالم يثمن المساواة، تثبت نساء مادبا قيمتهن ليس بالكلمات، بل بجودة فنهن وقيمة عملهن".

ومن الكلام إلى الفعل.. شاهد ملموس على النجاح

وترجمةً لهذا الكلام إلى واقع ملموس، وفي ختام كلمتها، قدمت الدكتورة حدادين هدايا تذكارية من مؤسسة "مساواة" للحضور، كرمز للشراكة والتقدير. كما تم عرض مجموعة متميزة من منتجات "سوق مساواة" التي شملت قطع الفسيفساء والتطريز اليدوي، لتكون هذه المنتجات شاهداً حياً على نجاح تحويل التراث إلى مصدر دخل مستدام، وتجسيداً عملياً لروح الشراكة التي أعلنت عنها.

خارطة طريق نحو التميز

حددت حدادين الأهداف الثلاثة للشراكة، والتي تشكل خارطة طريق واضحة:

التميز العالمي: ضمان أن تلبي الحرف الأردنية أعلى المعايير الدولية.
التجارة العادلة: فتح قنوات مباشرة لبيع المنتجات بأسعار عادلة في الأسواق العالمية.
التبادل الثقافي: تعزيز الفهم العميق بين الثقافات.
أصوات موحدة من الأردن

عززت أصوات أخرى في الوفد الأردني أبعاد هذه الشراكة. فقدم الدكتور محمد الهواوشة رئيس الجالية الأردنية في أوهايو، جاءت مشاركته في مؤتمر Archaeology Discovery Weekend في جامعة لاسييرا ليؤكد فخرنا بالمشاريع الأثرية الأردنية في مادبا، ولأبرز الدور العالمي للأردن في الاكتشافات التي تعيد رسم تاريخ الحضارات.
أما الأستاذ عادل الجنادبة، رئيس بلدية أم الرصاص، فقدم البعد المجتمعي المباشر: "الفن ليس مجرد قطع في المتاحف، بل هو مصدر رزق وهوية. هذه الاتفاقية هي استثمار حقيقي في الإنسان والأرض، وستفتح أبواباً جديدة لشبابنا ونسائنا".

جاءت هذه الجهود ضمن وفد أردني موحد ضم كلًا من نائب عميد كلية الفسيفساء السيد أمجد عوض، والسيد محمد أبو قاعود، والسيد محمد بريزات، ليؤكدوا أن هذه المبادرة ليست مجرد مشروع، بل هي رؤية وطنية متكاملة.

في النهاية، لم يكن الحدث مجرد توقيع على ورق، بل كان إعلاناً عن سرد جديد للأردن؛ سرد تقوده نساء مادبا، وترسخه أكاديمياً جامعة لا سييرا، وتحتضنه مجتمعات محلية تفخر بتراثها وتنظر به نحو المستقبل