نبض البلد - دينا محادين
تفاعلت الفعاليات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني في محافظة العقبة مع مضامين خطاب العرش السامي الذي ألقاه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة العشرين، باعتباره وثيقة سياسية جامعة، وخارطة طريق واضحة لمسار الإصلاح والتحديث في المملكة الأردنية الهاشمية.
وحمل الخطاب الملكي في طياته رسائل متعددة الأبعاد، وجاء محمّلا برؤية استراتيجية شاملة، تعكس إدراكا عميقا لطبيعة التحديات التي تواجه الأردن داخليا وخارجيا، وتؤكد في الوقت ذاته على ثوابت الدولة الأردنية وهويتها العروبية الهاشمية الراسخة.
في محافظة العقبة، التي تمثل بوابة الأردن الاقتصادية والسياحية، عبّر المواطنون والناشطون عن تقديرهم العميق لمضامين الخطاب، مؤكدين أنه يعكس إرادة سياسية واضحة للمضي قدما في مسارات الإصلاح، رغم التحديات الإقليمية والدولية.
يقول الناشط الشبابي الدكتور محمد كريشان ان الخطاب الملكي كان بمثابة إعلان وطني شامل، يضع الجميع أمام مسؤولياتهم، ويؤكد أن الإصلاح لم يعد خيارا، بل ضرورة وطنية، مشيراً لقد لمسنا في الخطاب وضوحا في الرؤية، وجرأة في الطرح، وحرصا على تمكين الشباب والمرأة، وتعزيز دور الأحزاب البرامجية، مبينا ان العقبة، بما تحمله من خصوصية اقتصادية وتنموية، تجد في خطاب العرش دعوة مباشرة لتفعيل دورها كمركز اقتصادي متقدم، خاصة في ظل الحديث عن التحديث الإداري والاقتصادي.
وترى عضو مجلس محافظة العقبة السابق ريم الرواشدة أن الخطاب الملكي وضع السلطات الوطنية كافة أمام مسؤولياتها، مشيرة إلى أن جلالة الملك تحدث بصراحة عن ضرورة أن تعمل الحكومة والبرلمان ومؤسسات الدولة بروح الفريق الواحد، وبما يخدم مصلحة الوطن والمواطن، مؤكدة ان الخطاب حمل توجيهات عملية واضحة، بدءا من تحديث القطاع العام، مرورا بالتحديث الاقتصادي، وانتهاء بتحسين الخدمات وتعزيز المشاركة الحزبية، مؤكدة أن العقبة، التي تشهد حراكا اقتصاديا وسياحيا متناميا، بحاجة إلى ترجمة هذه التوجيهات إلى خطط تنفيذية، خاصة في مجالات الاستثمار، وتطوير البنية التحتية، وتمكين الشباب.
اللافت في خطاب العرش، كما ترى رنا الحسن، ناشطة في العمل الشبابي، هو التركيز على تمكين الشباب والمرأة، كركائز أساسية في مشروع التحديث السياسي، مشيرة ان جلالة الملك تحدث عن أهمية مشاركة الشباب والمرأة في الحياة العامة، وهذا يعكس تحولا في النظرة الرسمية نحو هذه الفئات، مبينة اننا في العقبة نرى أن هناك طاقات شبابية كبيرة بحاجة إلى احتضان وتوجيه، والخطاب الملكي جاء ليؤكد أن الوقت قد حان لإشراكهم فعليا في صنع القرار.
ولم يغفل الخطاب الملكي التأكيد على الثوابت الوطنية، وعلى رأسها دعم القضية الفلسطينية، والتمسك بالهوية الأردنية العروبية الهاشمية، وهو ما اعتبره سالم أبو عيشة، منسق إحدى المبادرات الشبابية في العقبة، رسالة واضحة بأن الأردن لا يساوم على مبادئه، رغم كل الضغوط، مبينا ان جلالة الملك أكد أن الأردن دولة ذات هوية عروبية هاشمية، تسعى للحفاظ على مصالحها ومصالح أشقائها، وتسعى لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، مشيرا ان هذا الموقف يعكس عمق الدور الأردني في الإقليم، ويؤكد أن المملكة ستظل صوتا عقلانيا ووازنا في محيط مضطرب.
الفعاليات الشعبية في العقبة لم تكتف بالتعبير عن التأييد، بل طالبت بترجمة مضامين الخطاب إلى واقع ملموس، عبر خطط تنفيذية واضحة، ومؤشرات أداء قابلة للقياس، خاصة في مجالات التحديث الإداري، وتحسين الخدمات، وتعزيز المشاركة السياسية.
يؤكد المواطن صبحي الخضري ان الخطاب الملكي وضع الإطار العام، لكن التنفيذ مسؤولية الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني، مؤكداً نحن بحاجة إلى آليات واضحة لترجمة هذه الرؤية، وإلى شراكة حقيقية بين الدولة والمواطن، ويشير أن العقبة يمكن أن تكون نموذجا للتحديث، إذا ما تم تفعيل دور المنطقة الاقتصادية الخاصة، وتطوير التشريعات، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي.
في هذا السياق، يرى الزميل الصحفي احمد الرواشدة، أن الخطاب الملكي غني بالمضامين، ويحتاج إلى تفكيك وتحليل، وهذا دور الإعلام، مؤكداً ان الاعلام في العقبة يعمل على إنتاج محتوى إعلامي يعكس هذه الرؤية، ويربطها بالواقع المحلي، ويحفز النقاش المجتمعي حولها، مضيفا أن الإعلام التنموي يمكن أن يكون أداة فعالة في دعم الإصلاح، إذا ما تم توظيفه بشكل مهني وموضوعي.