إسرائيل في مواجهة التحولات

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

تواصل الحكومة الإسرائيلية تجاهل كافة المستجدات الإقليمية والدولية التي تضع نهجها المتطرف في مواجهة مباشرة مع موازين قوى يجري إنتاجها، معوّلة في موقفها على دعم الولايات المتحدة الأميركية التي عارضت الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين وقدم رئيسها ترامب الخطاب ذاته الذي أطلقه نتنياهو في هذا الشأن والذي يُصوّر الاعتراف بفلسطين كمكافأة لما تسميه "الإرهاب". لم يكن هذا الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة هو المستجد الوحيد، فقد صاحبه المزيد من المستجدات الإقليمية والدولية، كالتقارب الأردني - القطري والإعلان عن التحالف السعودي - الباكستاني والتنسيق العسكري بين مصر وتركيا، وذلك كله في إطار التعاطي مع السياسة الإسرائيلية الجديدة التي رفعت مستوى التهديد للأمن الإقليمي، خصوصاً بعد مهاجمة العاصمة القطرية.

الغطاء السياسي والعسكري الذي توفره الولايات المتحدة الأميركية لإسرائيل لن يضمن لها على المدى الطويل القدرة على اعتراض ما قد يُلزمها بتقديم تنازلات في ملفات جوهرية خصوصاً في ظل التحولات المتسارعة في موازين القوى الإقليمية والدولية وارتفاع كلفة تجاهل الحقوق الفلسطينية المشروعة وتهميشها عالمياً، ولذلك فإن المعادلة القائمة على الردع العسكري الإسرائيلي والتغطية الأميركية اللا متناهية بدأت تقابلها معادلة جديدة فرضت نفسها مع استمرار الحرب البشعة التي تقودها إسرائيل في المنطقة. هذه المعادلة تستند على المقاومة الشعبية والتضامن الدولي الآخذ بالاتساع والذي بدأ يبدد الرواية التي أشاعتها تل أبيب منذ 7 أكتوبر 2023 وما قبل هذا التاريخ.

التطرف يحجب الحقائق، ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية وقعت في شرك تطرفها المتصاعد، ففي ظل عزم نتنياهو الرد على الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين فور عودته إلى تل أبيب فإن نيته الواضحة لضم الضفة الغربية قد تفجر الأوضاع في المنطقة وتضع إسرائيل في مواجهة المجتمع الدولي الذي يتمسك بحل الدولتين. من الواضح أز منهج صناعة القرار لدى الحكومة الإسرائيلية يكشف عن عجز واضح في قراءة التحولات الإقليمية والدولية الجارية، ولذلك فإنه سينتج المزيد من التصعيد في حال استمراره، وهذا يحتم على الدول التي بدأت تدرك مخاطر ذلك أن تتخذ خطوات ملموسة لوضع حد للانفلات الإسرائيلي من كافة الالتزامات القانونية والأخلاقية.