بهدوء
عمر كلاب
لا يحتاج المجتمع الى ما يزيد عكارة مزاجه, فهو يتنشق على اي تصريح او مفردة, لصبّ جام غضبه, والتعبير عن احتقانه, تحديدا مجتمع الافتراض, ولعله وجد في بعض تصريحات وزير المياه والري الاخيرة ما يغريه, فأمسك بقضية الهواية وعدّ الهواء وترك باقي المقابلة, المليئة بما يقلق, والمليئة ايضا بمحاولات تجاوز الازمة المائية الخانقة التي لا تخفى على احد.
بداية يجب تسجيل علامة نجاح للوزير, على شفافيته, في الكشف عن هذا الخلل, وطرح الحل له, وهو خلل تقني يمكن معالجته بكلفة قليلة, اقل من عدد اصابع اليد الواحدة من الدنانير, بل بأقل من كلفة علبتين من السجائر, التي يستهلكها الاردني يوميا, فنحن نستهلك 12 مليون علبة سجائر يوميا, ولو افترضنا ان كلفة متر المياه الواحد تساوي ثمن علبة سجائر, فإن الحل الجذري لمشكلة المياه وجودتها حاصل وبسرعة, لكن لا احد يجرؤ على الكلام, في هذا الظرف العصيب, الذي يتطلب الكلام وبجرأة, حتى لو كان الثمن, مواجهة هذا المزاج العكر, وتحمّل كلفة النقد الجائر.
ازمة المياه طويلة وصعبة في بلد يعاني من ندرة الموارد المائية, وانحسار المواسم المطرية,والاهم التأخر في الاعتماد على موارد مائية موجودة ومتوفرة, مثل التحلية, التي هي اساس الناقل الوطني, ولا يمكن تحميل وزر هذه الازمة لوزير بعينه, بل هي ازمة التأخر في اتخاذ القرار الجذري, التي نعاني منها منذ سنوات, ومشكلة ترحيل الازمات لتنفجر في حضن حكومة قادمة, فالناقل الوطني مطروح منذ ان كانت كلفته اقل من نصف مليار دينار, ومع ذلك جرى ترحيله وتاجيله, بل ان بعض الحكومات حاربته.
اعرف ان الحديث عن المياه " بنشّف الريق " حسب تعبير الوزير الحالي رائد ابو السعود, لكننا سنتحدث فيه, بعد ان اجتازت الوزارة وكوادرها, اصعب صيف مائي ربما في تاريخ الاردن, ولم يشعر المواطن بأزمة مياه, وسنتحدث عن بنية تحتية في المياه والكهرباء, هي معجزة بكل الاحوال, في بلد يعاني من الندرة وقلة الموارد, ومع ذلك فالمياه والكهرباء تصل الى كل بيوت الاردنيين, ولكننا دوما ما نعجز عن رواية قصص النجاح مقابل التحديات.
قطاع المياه, يعاني من ازمة الطاقة, ولم يتحرك احد لحل هذه المشكلة من الطاقة النظيفة, حتى تنخفض كلفة المتر الواحد على المواطن, وهذا ليس ذنب وزارة المياه ووزيرها, والزراعة تستنزف نصف مليار متر من المياه, بطريقة يمكن توفير نصفها واكثر, لو وضعنا اجندة زراعية محترمة, ووفرنا التقانة للمزارعين, وهذه ايضا ليست ازمة الوزارة, التي تتحمل وزر غياب سياسة منفتحة على المواطن منذ فترة ليست بالقصيرة وتتحمل ايضا وزر غياب منهجية اعلامية منفتحة بمعرفة وبوسيلة ايصال سلسة كالتي استخدمها الوزير في لقائه الاخير.
omarkallab@yahoo.com