نبض البلد - عمر الكعابنة
فليعتبرني البعض "سحيجًا" أو "منظّرًا"، لكن الحق يُقال ولو كان كتب ضده ألف مقال، من المؤسف أن تخط يداي هذا المقال ولكن للضرورة أحكامها، ففي كل حدث أو مكروه يصيب أي دولة خليجية، يخرج بعض المتشفّين والمنبطحين للتشفي بتلك الدولة التي حصل بها مكروه واخرها دولة قطر التي تعرضت لضربة صهيوينية غاشمة استهدفت فيها الوفد المفاوض من حركة حماس إلا أن أهدافهم المتوقعة لم تتم، هذا التشفي جاء على الرغم من أن قطر تلعب دورًا محوريًا من السابع من أكتوبر لعام 2023 بقيادتها للمفاوضات المتبادلة بين حماس والكيان الصهيوني.
وهنا لا بد من التوضيح لهؤلاء المتشفيين كيف تقاس العلاقات بين الدول والتي لا تُبنى على العواطف أو الانفعالات اللحظية، بل تُقاس بالأرقام والتبادلات الاقتصادية والاتفاقيات المشتركة بين الدول.
الأردن ودول مجلس التعاون الخليجي نموذج حي لهذا الترابط، فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين الجانبين خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري إلى 2.56 مليار دينار (نحو 3.61 مليارات دولار)، مقارنة بـ2.15 مليار دينار (3.04 مليارات دولار) للفترة ذاتها من عام 2023، بحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة الأردنية.
كما أن الاستثمارات الخليجية في الأردن تُعد الأعلى بين نظيراتها، إذ تمثل حوالي 40% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتصل قيمتها إلى نحو 40 مليار دولار، هذه الاستثمارات تتوزع على قطاعات استراتيجية تشمل: الصناعة، الطاقة، الزراعة، تكنولوجيا المعلومات، السياحة، الخدمات المالية، إضافة إلى قطاعات الإنشاءات، الخدمات الرياضية، التعبئة والتغليف، البلاستيك، المستلزمات الطبية، العقارات، الصناعات التحويلية والهندسية، والخلايا الشمسية.
أما على الصعيد البشري، فإن نحو 130 ألف مغترب أردني يعملون في شتى القطاعات بدول الخليج العربي، أي ما نسبته 13% من إجمالي المغتربين الأردنيين الذين يُقدّر عددهم بمليون شخص، وتُشكّل تحويلاتهم المالية عنصرًا حيويًا للاقتصاد الأردني، حيث تبلغ نحو 4 مليارات دولار سنويًا، يأتي 75% منها من دول الخليج.
إن هذه الأرقام والحقائق تؤكد أن العلاقة بين الأردن ودول الخليج علاقة استراتيجية متينة ومتبادلة منذ التاريخ، وليست مجرد شعارات أو مجاملات فكلما تعززت هذه الشراكة، انعكس ذلك استقرارًا ونموًا على الجانبين.