اليوم التالي للضفة الغربية

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

تُمهّد الحكومة الإسرائيلية المتطرفة للواقع السياسي الذي ستكون عليه الضفة الغربية في اليوم التالي للحرب المستمرة على قطاع غزة، حيث تتوالى التصريحات التي يُطلقها رموز التيارات الدينية والقومية حول المستقبل السياسي لنواة الدولة الفلسطينية الموعودة والتي تكشف عن رؤية صهيونية متكاملة دخلت مرحلة التنفيذ، حيث إن الظروف الفلسطينية والعربية والإسلامية - من وجهة نظر إسرائيل - مُواتية لفرض مشروعها الصهيوني الذي يتجاوز حدود فلسطين ليشمل أجزاء واسعة من العالم العربي، وبالتالي فإن القرارات التي تتخذها حكومة نتنياهو لتوسيع نشاطات الاستيطان في الضفة الغربية، والتصورات التي تطرحها لفرض السيادة الإسرائيلية عليها، ولتهجير سكانها من أراضيهم التاريخية، وحظر دخول الرئيس الفلسطيني محمود عباس وثمانين مسؤول من كبار مسؤولي السلطة الوطنية الفلسطينية للولايات المتحدة الأميركية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، هي جزء من مساعيها الواضحة لتقويض أي فرصة لمعالجة القضية الفلسطينية، سواء عن طريق حل الدولة الواحدة أو حل الدولتين، فهي لا تُرحبّ بقيام أي كيان سياسي فلسطيني موحد، بل تريد إدارات مدنية مُجزّئة ومعزولة لا تتبنى اتجاها سياسياً جامعاً فيما ستتركه من أراض فلسطينية، وذلك لبقائها قادرة على استغلال الخلافات والتناقضات بين المكونات الفصائلية، وهو ما عبر عنه بكل صراحة وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش

لعل الثابت الوحيد الذي التزمت به إسرائيل وسط هذا الكم الهائل من المتغيرات على المستويين الفلسطيني والإقليمي، هو أنها ترفض مسار السلام ومسار المقاومة في آن واحد، وأنها تريد بالفعل حلاً جذرياً وشاملاً للقضية الفلسطينية، لكن على طريقتها التي تتطلب إقصاء الشعب الفلسطيني من الجغرافيا ومن التاريخ، والاندماج في البيئة الإقليمية وكأنها جزءً أصيل منها، وليست طارئة عليها، وهو حلم لا يمكنه أن يتحق، لأنه يتجاهل جوهر القضية الفلسطينية ويستبدلها بمنظومة أمنية واقتصادية تفرغ القضية من بعدها الإنساني