المهندس عبدالحكيم الهندي يكتب : ضمير الأردن "الحي" .. غزة مرة أخرى ومرات

نبض البلد -



مرة أخرى، يثبت الأردن بأنه رئة فلسطين، وقلب غزة، فما أن سنحت الفرصة للأردن لإيصال المساعدات والغذاء والدواء إلى الأهل في القطاع، بعد أن فتك بهم الجوع، وبعد أن تخلى عنهم كل من يفترض أن يمد لهم يد العون، بقي الأردن لهم السند والمعيل في لحظات تاريخية عصيبة يمر بها قطاع غزة، وتمر بها القضية الفلسطينية، بل منطقة الشرق الأوسط عموما. 
هي لحظات تخالجها مشاعر الفخر الكبير بأنك أردني، وبأنك ما زلت قابضاً على ذات القضية التي حمل الأردن همها ومسؤوليتها، منذ عشرات السنين.
 في لحظة بدأ يرتقي بها الشهداء "جوعاً" في قطاع غزة، كان الأردن حاضراً على الأرض ليمدهم بالغذاء الذي عز وجوده جراء الحرب الغاشمة التي بدأت عليهم منذ نحو سنتين. 
وفي الوقت الذي سكتت به كل الأصوات، كان صوت الأردن هو الأعلى، فلم تغب معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة، وفي عموم فلسطين، عن قلب وضمير جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله، فما لبث جلالته أن يُذكّر العالم بأن هناك مأساة، وأن هناك إنسان يعاني، طفل وشيخ وامرأة، وشاب تحطمت أحلامه على وقع الرصاص،
وبين جنازير الدبابات التي عاثت فساداً في أرضه كما في مستقبله. 
نعم يا سادة هنا الأردن الذي طالما كان عوناً للأهل وللعرب أينما كانوا  ولربما أن مثل الجيران في سوريا الشقيقة هو الأكثر وضوحا، ففي الوقت الذي اشتدت فيه الفتنة بين أهل البلد الواحد هناك، كان الأردن يتحرك دبلوماسياً وعلى جميع الأصعدة، لإسكات صوت الرصاص وتقديم صوت العقل والحكمة بين الأشقاء، فكان ضامناً، إلى جانب دول عالمية وإقليمية فاعلة، لبسط الأمن بين أهل البلد الواحد توطئة للانتقال إلى حلول سياسية تجمعهم على كلمة واحدة ليبنوا دولة أنهكتها المدافع والقنابل والرصاصات  وحتى اللحظة، ما زلنا نشهد بعضاً من السلام بين الأهل في الجنوب السوري حتى لا يدفعوا مزيداً من دمائهم، وحتى يتصالحوا، وحتى يذهبوا إلى المستقبل ببلدهم وليس إلى مزيد من الدماء.
 تلك مشاهد خالجت القلب وأنت ترى أمّاً غزيةً تشكر جلالة الملك والشعب الأردني على إيصال المواد الغذائية التي منعها حصار دولة الاحتلال من الوصول إليهم، فكان الأردن، ومن غير كثير من الكلام. يعمل بصمت ليكسر ذلك الحصار، وليمد يد العون إلى الأهل في قطاع غزة.
هو الأردن الذي نفخر به ونباهي به الدنيا، فليس عبثاً، وليست صدفة، أن يبقى الأردن صامداً في وجه كل التحديات، وفي وجه كل المؤامرات التي طالما حاولوا إشعالها، وجر الأردن إليها، لكن هذا البلد، وفي الوقت الذي يحمي فيه جبهته الداخلية ويزيدها صلابة، فإنه لم يتخلى عن مسؤوليته الإنسانية تجاه الأشقاء في فلسطين، وفي كل بقعة عربية.