صندوق الطالب الجامعي… حين تتحول الأرقام إلى أعمدة للعلم

نبض البلد -

محمد علي الزعبي

في أمةٍ تعي أن العلم هو الحصن الأمتن، والطالب هو رأس المال الأغلى، يجيء القرار الحكومي ببيع أرقام السيارات الحكومية المميزة وتحويل عائداتها إلى صندوق دعم الطالب الجامعي خطوة تتجاوز حدود الإجراء المالي، لتصبح فعلًا وطنيًا مؤسسًا على رؤية بعيدة المدى.

إن تحويل هذه الأرقام – التي كانت مجرد رموز معدنية على مركبات – إلى موارد تموّل طموحات الشباب، هو ترجمة صريحة لفلسفة أن الاستثمار في الإنسان هو أسمى أشكال الاستثمار. فالجامعات ليست قاعات ومحاضرات فحسب، بل مصانع للقيادات، ومشاتل للأفكار، ومنصات لإطلاق الطاقات الكامنة.

صندوق دعم الطالب الجامعي ليس مجرد حساب مصرفي يوزع منحًا وقروضًا، بل هو جسر يربط بين حاضر الوطن ومستقبله، يرفع على أكتافه آمال آلاف الطلبة الذين تعترضهم الحواجز الاقتصادية، ويفتح أمامهم أبواب المعرفة دون أن تكبلهم قيود الحاجة.

بهذا القرار، تضع الحكومة لبنة جديدة في بناء منظومة تعليمية متقدمة، تنسجم مع رؤى التحديث الثلاث، وتؤكد أن التعليم ليس هامشًا في جدول الأولويات، بل محورًا تدور حوله خطط التنمية الشاملة. إنها رسالة بأن إدارة المال العام يمكن أن تكون مبتكرة، وأن كل أصل يمكن أن يتحول إلى رافعة للنهوض إذا وُضِع في المسار الصحيح.

هكذا، تتحول لوحات الأرقام المميزة من ترفٍ إداري إلى أداة تنموية، ومن زينة على سيارات رسمية إلى دعامة لصروح العلم. وهذه فلسفة دولة تعرف أن النهضة تبدأ من مقاعد الدراسة، وأن الاستثمار في العقول هو الضمانة الأبدية لأمنها وتقدمها.

فليعلم الجميع أن كل دينار يوضع في صندوق دعم الطالب الجامعي، هو رصاصة في صدر الجهل، ودرع في وجه الفقر، وبذرة في أرض النهضة. ومن اليوم، لن تبقى أرقام السيارات المميزة حكرًا على لوحات تتباهى بها المركبات، بل ستصبح أرقامًا محفورة في ذاكرة الوطن، لأنها تحولت إلى مقاعد دراسة، وشهادات تخرج، ووجوه شابة ترفع اسم الأردن عاليًا. فالتاريخ لا يخلد الأرقام الباردة… بل يخلد القرارات التي صنعت الفرق.