"ورقة النار الإيرانية" بإغلاق مضيق هرمز.. ما مصير الاقتصاد العالمي؟

نبض البلد -

توقع اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية مع تصاعد التضخم

عايش: أسعار الطاقة وكُلف الشحن والتأمين ستقفز إلى مستويات تهدد استقرار الأسواق

الأنباط - عمر الخطيب

على وقع التطورات الإقليمية المتسارعة، وبعد توجيه الولايات المتحدة ثلاث ضربات جوية استهدفت مواقع داخل إيران يُعتقد أنها مرتبطة ببرنامجها النووي، أصبحت الأنظار تتجه إلى مضيق هرمز الذي تلوح طهران بإغلاقه.

ذلك المضيق، الذي تمر عبره نحو 20% من إمدادات النفط العالمية، لطالما وُصف بأنه "ورقة نادرة" لا تُستخدم إلا في لحظة حاسمة. وبحسب مراقبين، فإن إيران تُدرك بدقة متى وأين تُخرج هذه الورقة، إذ بإمكانها، إن قررت، أن تشل حركة الشحن العالمية وتُربك أسواق الطاقة بضغطة واحدة على الزناد.

أزمة عابرة أم انهيار اقتصادي؟

التهديد بإغلاق المضيق لا يعني فقط تعطيل إمدادات النفط، بل يُنذر بأزمة اقتصادية عالمية محتملة، قد ترتفع معها أسعار النفط إلى ما فوق 150 دولارًا للبرميل، وتتصاعد كلف الشحن والتأمين بشكل غير مسبوق، وفق تقديرات أولية.

وفي تصريحٍ للممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كالاس، الاثنين، أكدت أن إغلاق إيران لمضيق هرمز سيكون بالغ الخطورة "وليس في صالح أحد".

وأضافت كالاس، في حديثها للصحفيين قبيل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أن "المخاوف من الرد وتصاعد هذه الحرب كبير، وخاصة أن إغلاق إيران لمضيق هرمز أمر بالغ الخطورة وليس في صالح أحد".

في هذا السياق، يرى خبراء أن سلاسل التوريد العالمية ستواجه اضطرابات حادة، مع تصاعد التضخم، وتعرّض الاقتصادات النامية لأضرار أكبر، في مشهد يعيد إلى الأذهان أزمات الطاقة في السبعينات. في الخلفية، تسعى إسرائيل إلى تعزيز نفوذها الإقليمي بدعم أميركي غير مشروط، ما يجعل المنطقة أمام سيناريوهات مفتوحة، قد تنتهي بـ"لحظة انفجار كبير" تطيح بالاستقرار العالمي.

ودعا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يوم الاثنين، في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، الصين إلى لعب دور في ردع إيران عن إغلاق مضيق هرمز، معتبرًا أن الخطوة ستكون "انتحارًا اقتصاديًا" لطهران، موضحًا أن بكين تعتمد بشكل كبير على النفط القادم عبر المضيق، ما يجعل من مصلحتها التدخل، محذرًا من أن أي إغلاق للممر الحيوي، الذي تمر عبره نحو خمس إمدادات النفط العالمية، سيُشكّل تصعيدًا خطيرًا لا يضر الولايات المتحدة فقط، بل الاقتصاد العالمي بأسره، مشددًا على أن الرد يجب أن يكون جماعيًا، وليس أميركيًا فقط.

عايش: الأسواق على حافة أزمة كبرى

ويقول الخبير الاقتصادي حسام عايش إن مضيق هرمز يُعد شريانًا حيويًا للأسواق العالمية، وإن أي إغلاق له سيمثّل جزءًا من تصعيد عسكري قد يمتد ليشمل مضيق باب المندب، وقناة السويس، والبحر الأحمر، وبحر العرب، وهو ما يُربك حركة الشحن ويرفع كلف التأمين والنقل والطاقة إلى مستويات غير مسبوقة.

ويضيف أن التقديرات الحالية تشير إلى احتمال وصول أسعار النفط إلى ما بين 130 و150 دولارًا، مع تحذيرات خليجية من إمكانية تضاعف هذه الأسعار إذا اتسع نطاق الصراع، الأمر الذي يضع الاقتصاد العالمي في دائرة الخطر.

وحذر عايش من تداعيات محتملة على قطاعات حيوية، تشمل الكهرباء والمياه والموانئ والمطارات، وحتى حركة الشحن الجوي والبري داخل الإقليم، في ظل احتمال مواجهة عسكرية واسعة في حال حاولت الولايات المتحدة منع إغلاق المضيق.

هروب استثمارات ومخاطر انتشار نووي

وفي حال اندلاع مواجهة شاملة، يتوقع عايش أن تشهد دول الخليج موجة مغادرة لمواطنين ومقيمين ومستثمرين، نحو وجهات أكثر أمانًا كالأردن. وتابع: "الأزمة لا تتوقف عند حدود التجارة والنفط، بل تطال البنية الأمنية والمعيشية والنفسية في المنطقة، مع مخاوف حقيقية من تسرب أو انتشار نووي محتمل، ما يجعل المشهد أكثر خطورة".

ويرى أن إغلاق المضيق سيمنح إيران ورقة ضغط استراتيجية على الدول الغربية، مستعيدًا تجربة حظر النفط عام 1973، التي أحدثت تحولات عميقة في خريطة الطاقة العالمية. وأشار إلى أن الإغلاق قد يؤثر بشكل مباشر على دول مثل الكويت والعراق وقطر، وجزئيًا على الإمارات والسعودية، رغم اعتماد بعضها على بدائل عبر بحر العرب.

نحو ركود تضخمي عالمي؟

ويحذر عايش من أن العالم بات أقرب إلى وصفة أزمة عالمية كبرى، تعيد مشهد "الركود التضخمي" إلى الواجهة، مع تصاعد معدلات الفائدة وتباطؤ النمو الاقتصادي، خاصة في الدول النامية. ويضيف أن الأزمة قد تتفاقم لتأخذ طابعًا عسكريًا واسعًا، وسط تصعيد أميركي - إيراني - إسرائيلي محتمل، قد يشمل استهداف منشآت نووية، ما ينذر بتداعيات كارثية.

أجندات انتخابية على حساب الاستقرار الدولي

وفي سياق تحليله السياسي، أشار عايش إلى أن ما يحدث يجري ضمن محاولات إسرائيل لفرض هيمنتها على المنطقة، بدعم أميركي يتجاهل القوانين الدولية، ويمنح تل أبيب حرية التحرك دون محاسبة.

وأضاف أن الخطاب السلمي للرئيس الأميركي يتناقض مع واقع عدواني يقود إلى انفجار إقليمي واسع، في محاولة لتحقيق مكاسب انتخابية لكل من نتنياهو وترامب، محذرًا من أن "الثمن قد يكون فادحًا للعالم بأسره، في ظل سياسة أميركية متهورة تتجنب الصدام مع روسيا أو الصين، لكنها تدفع الشرق الأوسط إلى حافة الهاوية".