الذهب على صفيح ساخن عالميا...ارتفاعات حادة وتذبذبات مستمرة

نبض البلد - الذهب على صفيح ساخن عالميا...ارتفاعات حادة وتذبذبات مستمرة 
شهد معدن الذهب في الآونة الأخيرة تقلبات وتذبذبات كبيرة على أسعاره نتيجة للتغيرات الاقتصادية والسياسية الراهنة إقليميًا وعالميًا. فقد تأثرت أسعار الذهب بشكل كبير بالتضخم العالمي، والسياسات النقدية التي طبقتها البنوك المركزية، بالإضافة إلى التوترات السياسية والحروب التي أدت إلى زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن. كما لعبت الصناديق الاستثمارية والبنوك المركزية دورًا بارزًا في رفع الأسعار.
سليم ذيب أمين سر نقابة أصحاب محلات المجوهرات تحدث للأنباط قائلا: " كلما ارتفع التضخم، زادت قيمة الذهب كملاذ آمن ضد تآكل القوة الشرائية للعملات. وبالتالي، اعتُبر الذهب ملاذاً مهماً للمستثمرين الذين سعوا إلى الحفاظ على أموالهم في مواجهة الارتفاع المستمر في الأسعار".
وأشار الى أن العجز والدين العالمي المرتفع، بالإضافة إلى معدلات الفائدة على الدولار الأمريكي، تسببت في ارتفاع أسعار الذهب موضحا أنه كلما تم خفض سعر الفائدة، ارتفعت أسعار الذهب بشكل مباشر، وأن ذلك كان بسبب انخفاض العوائد على الاستثمارات بالدولار الأمريكي، مما دفع المستثمرين إلى التوجه نحو الذهب كبديل أكثر أمانًا.
وأتبع الذيب قائلا: " نظرًا لأن الذهب يُسعر بالدولار، فإن تراجع القوة الشرائية للدولار يؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب مقابل الدولار، هذا التراجع في قيمة الدولار يساهم في زيادة الطلب على الذهب، مما يرفع من أسعاره."
ولفت الى أن أحد أهم العوامل التي أدت ايضا الى ارتفاع أسعار الذهب هو عمل الصناديق الاستثمارية والبنوك المركزية على زيادة مخزونها من الذهب بشكل مستمر، مما خلق ضغطاً على العرض وأدى إلى ارتفاع أسعاره بشكل متزايد.
وبين الذيب أن السياسة النقدية الفيدرالية الأمريكية كانت محصورة بين أمرين أحلاهما مر، إما رفع الفائدة للحد من التضخم، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة البطالة وتراجع مبيعات السلع المعمرة، أو خفض الفائدة الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب.
كما أكد أن القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس ترامب ساهمت بشكل كبير في ارتفاع أسعار الذهب، خاصة مع تغيير بعض السياسات مثل رفع الرسوم الجمركية، تبعها زيارة الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط ، والتي أدت الى بعض الاستقرار في أسعار الذهب نوعًا ما، لكن مع استمرار الحرب على غزة، والحرب الروسية الاوكرانية، ودخول الكيان الاسرائيلي حربا مع ايران، عاد التذبذب الجنوني إلى أسعار الذهب.
من جانب آخر، أشار الذيب إلى تأثير الأسعار العالمية على السوق المحلي في الأردن حيث يبدأ التسعير من السعر العالمي ثم يتم تعديله بناء على العرض والطلب في السوق المحلي، مضيفا أن الطلب على الذهب في الأردن شهد تحولًا هذا العام، حيث أصبح الشراء لأغراض الاستثمار أكثر من كونه لشراء مجوهرات الزينة. فقد شهد السوق زيادة في الطلب على الأونصات والليرات الذهبية، خاصة بعد ارتفاع سعر الأونصة بنسبة تجاوزت 30% خلال عام واحد.
وبين أن نقابة تجار الذهب عملت على مواكبة تقلبات الأسعار من خلال إصدار نشرات يومية حول تغيرات الأسعار العالمية، كما سمحت النقابة بإنتاج الذهب عيار 14 محاولة لايجاد خيار يناسب امكانيات المواطنين أكثر، مع الحفاظ على مراقبة الأسواق المحلية عن كثب بالتعاون مع دائرة المواصفات والمقاييس.

من جهته، قال التاجر محمد الحروب، إن الارتفاع في أسعار الذهب عالميا بات جنونيا، لا سيما في ظل الحروب القائمة سواء بين روسيا واوكرانيا وحرب غزة في منطقة الشرق الأوسط اضافة الى الحرب التي اندلعت مؤخرا بين ايران والكيان الاسرائيلي والتوترات السياسية المستمرة في المنطقة بالإضافة إلى توجه الصين الى شراء كميات كبيرة من الذهب كملاذ آمن يعطي ثقلا اقتصاديا.

وأشار، إلى حالة الحيرة والقلق التي بدت على تصرفات المواطنين في السوق المحلية، حيث توجه السواد الأعظم من الناس لشراء الذهب كخزينة وليس زينة، مما أدى الى زيادة الطلب على الليرات الذهبية الرشادية والانجليزية على حد سواء، اضافة الى زيادة الطلب على الاونصات، بينما توجه الكثير لبيع ما يمتلكون من ذهب ومصاغ بهدف تحقيق ربح مادي كبير مقارنة بأسعار الذهب في السنين الماضية.
ونوه الحروب على توجه السوق المحلية وتجار الذهب لتوفير مصوغات الذهب من عيار أقل كعيار 14، وأوزان أقل ليتمكن المواطنون ولا سيما المقبلون على الزواج من شراء الذهب بما يتناسب مع امكانياتهم في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، مؤكدا أن الكثير من الشباب المقبلين على الزواج باتو عاجزين عن تقديم (الشبكة) والتي تعتبر من أهم طقوس وعادات الزواج في مجتمعنا الأردني. 
في الختام، تبقى أسعار الذهب عرضة للتقلبات المستمرة نتيجة للأحداث السياسية والاقتصادية التي تشهدها الساحة العالمية. ورغم التحديات التي تواجه أسواق الذهب، إلا أن هذا المعدن النفيس سيظل أحد الملاذات الآمنة التي يلجأ إليها الأفراد والمؤسسات في أوقات الأزمات. ومن المتوقع أن تستمر التذبذبات في أسعار الذهب بناءً على التغيرات في السياسة النقدية والعوامل الجيوسياسية العالمية، مما يجعل متابعة هذه المتغيرات أمرًا بالغ الأهمية للمستثمرين والتجار والمواطنين على حد سواء.