حسين الجغبير
قرارات متوقعة اتخذتها الحكومة أمس تجاه جماعة الإخوان المسلمين غير المشروعة، أنهت حقبة من الزمن كان عنوانها التسامح، ومحاولة إدارة العلاقة معها باعتبارها جزءًا من التركيبة الأردنية، حتى صعدت هذه الجماعة فوق السحاب، ورأت في نفسها أنها قادرة على العبث بالوطن وأمنه، مرتكزة على ذلك بدعم خارجي، وبحاضنة شعبية اعتقدَت أنها ستتعاطف معها مهما كان الوضع.
لم ينفع الجماعة دعمها الخارجي، ووجدت دعمًا شعبيًا متأصلًا مع الدولة في وضع حد للإخوان المسلمين بعد إدراكهم بأنها كانت تتلاعب بعواطفهم لعقود طويلة من الزمن، فخسرت الجماعة أيما خسارة، ولم تستثمر احتضان الدولة لها لتكون رافعة وطنية أردنية بدلًا من خلية تخريبية أخذها الغرور إذ اعتقدت أنها قادرة على هز استقرار الدولة بتصنيع أسلحة وصواريخ ومتفجرات للاستخدام المحلي.
القرارات التي أصدرها وزير الداخلية مازن الفراية أمس، كانت بمثابة الوصول إلى نهاية الطريق لجماعة الإخوان المسلمين بإعلان العمل على الإنفاذ الفوري لأحكام القانون على ما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين المنحلة باعتبارها جمعية غير مشروعة، وحظر كافة نشاطاتها واعتبار أي نشاط لها أيًا كان نوعه عملًا يخالف أحكام القانون ويوجب المساءلة القانونية، ومصادرة ممتلكاتها سواء أكانت منقولة أو غير منقولة واعتبار الانتساب لها أمرًا محظورًا، كما يحظر الترويج لأفكارها وتحت طائلة المساءلة القانونية، إلى جانب إغلاق أي مكاتب أو مقار تُستَخدم من قبلها في كافة أنحاء المملكة.
منذ العام 2015 ومرورًا بالعام 2020 حتى الكشف عن خلية الصواريخ، اتخذت الحكومة قرارات هامة بحق جماعة الإخوان المسلمين، لكن على أرض الواقع لم تُطبَّق هذه القرارات لاعتبارات ترى فيها الدولة فرصة للجماعة لإعادة التموضع في العلاقة من الدولة، التي بقيت تنظر إليهم بعين الريبة، حتى جاء السابع من أكتوبر العام 2023، حيث علا صوت الإخوان المسلمين على امتداد شوارع المملكة وأطلقوا العنان لوهم أنهم أقوى من الدولة في هذه المرحلة، فكان الانتماء لغير الأردن، والمناداة بشعارات لرموز غير أردنية هو الأبرز، في وقت لم يتوقفوا فيه عن التنسيق مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وبعض أذرع إيران بالمنطقة، في محاولة لزرع الفوضى والفتنة في المملكة لتحقيق نقلة نوعية في مخطط عملهم التخريبي وهو كسب المزيد من المساحة في الأردن، وصولًا إلى الكشف عن خلية الصواريخ التي أجبرت الدولة على وضع حد لخراب الإخوان خصوصًا وأن ما يستهدفونه هو خط أردني أحمر لا يمكن السكوت عليه على كافة المستويات الشعبية والرسمية، فكان لا بد من وضع النقاط فوق الحروف والانتهاء من مسلسل الجماعة في الأردن، وإنهاء وجودها لضمان أمن واستقرار ليس الأردن فقط، وإنما المنطقة برمتها.
ربما أخطأت الدولة بمنح هؤلاء مساحة زمنية ومكانية لأن يعيثوا في الأرض فسادًا، لكن لا ضير في ذلك، ما دامت النتيجة هي التي وصلنا إليها من وضع نهاية لهم، مع ضمان التخلص من أعوان ناشري الفوضى بالمنطقة.