منصور: البيئة التشريعية تستخدم لتقييد الحريات بدلًا من تنظيمها
مهنة المتاعب.. الصحفيون العرب في صراع متواصل مع القيود
منصور: البيئة التشريعية تستخدم لتقييد الحريات بدلًا من تنظيمها مهنة المتاعب.. الصحفيون العرب في صراع متواصل مع القيود محسن: قانون حق الحصول على المعلومة يقيد عمل الصحفيين عبد الحفيظ: الأوضاع الاقتصادية تفرض ضغوطًا على حرية الصحفيين الريس: استشهاد 175 صحفيًا في غزة منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر سلامة: الظروف الاقتصادية تدفع الصحفي لالتزام الصمت خوفًا على مصدر رزقه الربيعي: الروتين الإداري من أبرز العقبات التي تواجه الصحفيين الحمود: لا يوجد صحفي حر في الشمال السوري محمد خطايبة وعبد الرحمن دهون سميت الصحافة بالسلطة الرابعة لعظم دورها إلى جانب السلطات الثلاث التشريعية
والتنفيذية والقضائية، ونعتت بمهنة المتاعب جراء ما تحتاجه من جهد لإيصال المعلومة
أو تحليلها من جهة، ولما قد يتكبده ناقل هذه المعلومة من تحديات أو تهديدات أو عقاب
أو إخفاء قسري أحيانًا وصولًا إلى فقدان الحياة. ولا شك أن حرية الصحافة حجر الزاوية في المجتمعات الديمقراطية، فهي تمكن
الصحفيين من أداء دورهم الحيوي في نقل الحقيقة ومساءلة السلطات، ومع ذلك شهدت السنوات
الأخيرة تصاعدًا مقلقًا في الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون حول العالم، ما يهدد
دورهم الحيوي ويقوّض حرية التعبير. وبحسب منظمة مراسلون بلا حدود فقد قتل 201 صحفي عربي خلال عام 2023، علاوة
على تصنيف 12 دولة عربية من أصل 22 دولة ضمن أعداء الإنترنت، كما أن أكثر من 300 صحفي
عربي معتقل حاليًا، وفقًا للجنة حماية الصحفيين. منصور: البيئة التشريعية تُستخدم لتقييد الحريات بدلاً من تنظيمها وقال مؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور إن الصحفيين يواجهون
تحديات متعددة بأشكال مختلفة، بسبب البيئة القانونية المقيدة لحرية الصحافة؛ موضحًا
أن هناك العديد من التشريعات، مثل قانون الجرائم الإلكترونية، وقانون المطبوعات والنشر،
وقانون الإعلام المرئي والمسموع، وقانون حق الحصول على المعلومات، لا تتوافق مع المعايير
الدولية لحرية الإعلام، علاوة على وجود تناقض بينها وبين الحقوق الدستورية. وأكد أن أكثر ما يثير القلق هو قانون الجرائم الإلكترونية الذي أُقر منذ
حوالي عام، ويتضمن عقوبات سالبة للحرية وعقوبات مالية مغلظة، مشددًا على أن البيئة
التشريعية تُستخدم لتقييد الحريات بدلًا من تنظيمها. وتابع منصور أنه إلى جانب التحديات القانونية، هناك تحديات متعلقة بالانتهاكات،
مشيرًا إلى أن بعض هذه الانتهاكات قد تكون غير جسيمة، مثل منع التغطية أو زيادة مستوى
الرقابة الذاتية من خلال إدارات التحرير، علاوة على وجود انتهاكات جسيمة مثل الحبس
والاعتداءات الجسدية التي تحدث أثناء تغطية الصحفيين لمواقع التوتر والأزمات، كالاحتجاجات
والمظاهرات ، مبينًا أن التحدي الأكبر لا يكمن في حدوث هذه الانتهاكات، لأنها تحدث
في جميع أنحاء العالم، بل في الإفلات من العقاب؛ إذ لا تتم مساءلة مرتكبي هذه الانتهاكات
أو ملاحقتهم قضائيًا،و من بين هذه الانتهاكات الحق في الوصول إلى المعلومات، إذ أنه
رغم وجود قانون حق الحصول على المعلومات الصادر في عام 2007، إلا أنه لا يُطبَّق بشكل
فعال. الصحفي بين مطرقة السوق وسندان القمع.. هل بقي للحياد مكان؟ وقالت الصحفية الأردنية المختصة في حقوق الإنسان عهود محسن إن الضغوط
الاقتصادية تؤثر على الجميع، سواء الصحفيين أو غيرهم، لكن الصحفيين يتعرضون لهذه الضغوط
بشكل أكبر نظرًا لعملهم في مؤسسات تتأثر بشكل مباشر بالحالة الاقتصادية السائدة في
البلاد. وأضافت أنه كلما تحسنت الظروف الاقتصادية والمعيشية، نشهد انتعاشًا في
مجال الإعلام والصحافة والطباعة، وكلما تراجعت هذه الظروف، فإننا نلاحظ انكماشًا في
المهن الصحفية وفي عمل الصحف والمطابع والكتابة، مؤكدة أن التحولات الرقمية، التي أصبحت سائدة، ساهمت في
تقليص أعداد الصحفيين، خاصة مع تطور الذكاء الاصطناعي الذي أدى إلى الاستغناء عن عدد
كبير من الصحفيين في بعض المجالات. وبينت محسن أن ذلك يؤثر سلبًا على استقلالية الصحفيين، إذ يُضطر الكثير
منهم إلى العمل في مؤسسات ليست صحفية بالمعنى التقليدي أو المعروف أو حتى المطلوب،
إذ يصبح الصحفي مجبرًا على التكيف مع ما هو متاح في السوق للحفاظ على مصدر رزقه، لافتة
إلى أن هذا يؤثر على استقلاليته من حيث تبعيته للمؤسسة وعدم حصوله على الوقت والجهد
والتقدير الكافي لمهنته وللتحديات التي يواجهها. وأوضحت أن الأصل في القوانين أن تحمي الحريات، لكن ما يحدث في الوطن العربي
هو أن القوانين تعمل على تقييد هذه الحريات، بما في ذلك حرية الصحافة، مما يؤدي إلى
تأثير سلبي عليها، مضيفة أن هذه القوانين تُستغل
من قبل بعض الأطراف "لخنق" الحريات الإعلامية وتقييد حرية الصحفيين في الوصول
إلى المعلومات، إذ أن هذه القوانين تنعكس سلبًا على قدرة الصحافة على معالجة القضايا
الأكثر أهمية للجمهور. وأشارت محسن إلى العديد من القضايا التي تتأثر سلبًا نتيجة هذه القوانين،
مثل القضايا المرتبطة بالتوقيف الإداري بموجب قوانين منع الجرائم وقضايا اللجوء وقضايا
العمال المهاجرين والقضايا المتعلقة بقوانين العمل وقضايا الخدمات، بالإضافة إلى قضايا
الفساد، مشيرة إلى أن كل ذلك يؤدي إلى ضعف المحتوى الإعلامي بسبب الضغوط والخوف والرقابة
الداخلية أو الذاتية التي تنتج عن هذه القوانين. ولفتت إلى أن من بين القوانين المثيرة للجدل، قانون الجرائم الإلكترونية،
إذ يواجه العديد من الإشكاليات، منها ارتفاع العقوبات المالية وعدم وضوح آليات تكييفه
قضائيًا وقانونيًا، مبينة أن هذا الأمر يعزز من الرقابة الذاتية لدى الصحفيين ويضعهم
تحت ضغوط متعددة، تتعلق أحيانًا بالمؤسسات التي يعملون فيها وأجنداتها التحريرية والإعلامية. وأوضحت أنه يجب أن يُمنح الإعلام هامشًا من الحرية للحديث عن أخطاء المؤسسات،
إلا أن الأنظمة السياسية السائدة تختلف في نظرتها للصحافة والحريات الإعلامية، إذ ترى
الصحافة كأداة يجب أن تتوافق مع سياساتها، مشيرة إلى أنه في حال خرج الإعلام عن هذا
الإطار فيما يتعلق بطبيعة المواد المنشورة أو طريقة التناول أو حجم الانتشار، فإن ذلك
قد يؤثر سلبًا أو إيجابًا على دوره، علاوة على أنه في بعض الحالات يؤدي إلى "عرقلة"
حرية الصحافة. وأكدت محسن أن الاستراتيجيات التي يتبعها الصحفيون لتجاوز التهديدات السياسية
تختلف بناءً على الأفراد والمؤسسات والأنظمة السياسية التي يتعاملون معها، إذ نجد أن
بعض الصحفيين يحافظون على مهنيتهم وفي الوقت نفسه يحتفظون بجزء من حرياتهم الشخصية
وقدرتهم على مساءلة هذه الأنظمة، لكن دون الوصول إلى صدام مباشر مع القوانين أو المؤسسات
الأمنية في تلك البلدان. وفيما يتعلق بالعقبات التي تواجه الصحفيين في الحصول على المعلومات، أشارت
إلى أن قانون حق الحصول على المعلومة في الأردن، رغم أنه الأول في المنطقة، إلا أنه
في رأيها الشخصي يشكل ضغطًا على الحريات بدلًا من أن يكون قانونًا يضمن المعرفة وحق
الحصول على المعلومة. واعتبرت محسن قانون حق الحصول على المعلومة، مقيدًا لعمل الصحفيين، إذ
أنه يفرض مدةً زمنية طويلة ويعاني من إشكاليات تتعلق بسياسة تصنيف المعلومات التي تفتقر
إلى الوضوح، موضحة أنه قد يقدم شخص ما طلبًا للحصول على معلومة، ويتم تقييدها بحجة
أنها "أسرار دولة" أو أن الصحفي لا يملك الحق في الاطلاع عليها، مما يشكل
تحديًا كبيرًا للصحفيين. وأشارت إلى وجود مشكلة بين الإعلام والمؤسسات نفسها، إذ تنظر بعض المؤسسات
إلى الإعلام بعين عدائية وترفض الإفصاح عن المعلومات باعتبارها ليست حقًا للصحفي، قائلة
أرى أن المشكلة في الحصول على المعلومات هي جزء من منظومة متكاملة تشمل الصحفيين والمؤسسات
الإعلامية والجهات الحكومية والخاصة، مؤكدة أن الصحفيين يعانون من نقص كبير في البيانات
والمعلومات، سواء بسبب غيابها أو عدم توثيقها بشكل جيد. وأضافت فيما يتعلق بكيفية التغلب على القيود المفروضة على الصحفيين، أنه
يجب على الصحفي أن يكون مستقلًا ومدربًا جيدًا كما يمتلك أخلاقيات مهنية وإنسانية تؤهله
للتعامل مع مختلف الفئات والقضايا التي تواجهه، علاوة على أن يكون الصحفي على اطلاع
دائم بالمعلومات وأن يكون لديه عمق في الفهم والمعرفة لمختلف القضايا. وأوضحت أن الصحفي يحتاج إلى التدريب على أخلاقيات الصحافة وكيفية التعامل
مع الآخرين والنزول إلى الميدان، ومعرفة الأساسيات التي تساعده في عمله، لتجنب القيود
المفروضة عليه، مؤكدة أن الإعلام العربي يعاني من إشكاليات ترتبط بالنشر وإعادة النشر
وحقوق النشر الأول والثاني، بالإضافة إلى مسائل متعلقة بالتصوير، مثل تصوير النساء
والأطفال وذوي الإعاقة والجرائم والحوادث في الشارع، وأيضًا الاعتماد على المصادر المجهولة،
إذ أن كل هذه الأمور تعتبر أدوات تعيق عمل الصحفي. عبد الحفيظ: العامل الاقتصادي الأخطر في مواجهة الصحافة وأكد الصحفي المصري ونائب رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون صبري عبد
الحفيظ، أن العامل الاقتصادي هو الأكثر خطورة على مستقبل صناعة الصحافة في العالم العربي،
مشيرًا إلى أن ازدهار الاقتصاد يؤدي إلى نمو الصحافة وتنوع أدواتها، في حين أن تراجع
الأوضاع الاقتصادية يفرض ضغوطًا كبيرة تؤثر مباشرة على حرية الصحفيين واستقلاليتهم. وأوضح عبد الحفيظ أن الصحفي الذي يعجز عن تأمين احتياجات أسرته الأساسية،
لا يمكنه الدفاع عن حرية التعبير أو نقل قضايا مجتمعه، مشيرًا إلى أن هذه الضغوط تفاقمت
بعد جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وما تبعها من عدوان إسرائيلي مستمر على
غزة، ما ألقى بظلاله على الوضع الاقتصادي عربيًا. وتابع أن صناعة الصحافة مكلفة بطبيعتها، وتتأثر بتراجع الإعلانات والدعم،
ما يضعف قدرة الصحفيين على إنتاج محتوى نوعي ويحد من استقلاليتهم، لافتًا إلى أن تدهور
الأوضاع الاقتصادية يجعل من الصعب تمويل التحقيقات الصحفية، في ظل تقشف تعانيه أغلب
المؤسسات الإعلامية. وأشار إلى أن حرية الصحافة تمثل ركيزة أساسية في بناء المجتمعات، ولكن
الصحفيين يواجهون تضييقات سياسية متزايدة، أبرزها صعوبة الوصول إلى المعلومات والتعرض
للمضايقات الأمنية وتلفيق التهم، وصولًا إلى محاكمات جائرة، ما يجعل العمل الصحفي محفوفًا
بالمخاطر. ولمواجهة هذه التحديات، يلجأ الصحفيون إلى أساليب غير مباشرة في التعبير،
مثل تناول موضوعات تاريخية ذات رمزية سياسية أو تسليط الضوء على قضايا اجتماعية ناتجة
عن سياسات معينة، كما يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي، أو التعاون مع كيانات صحفية
داعمة لحرية الإعلام. وبين أن الصحفيين كثيرًا ما يراجعون موادهم مع القانونيين تفاديًا للاتهامات
الفضفاضة كـ"تكدير السلم العام"، ويضطر بعضهم أحيانًا إلى التخفي وعدم الكشف
عن هويتهم للحصول على المعلومات. وفيما يخص التحديات في الحصول على المعلومة، قال إن الظروف السياسية تجعل
الأنظمة تنظر للصحفيين بريبة، وتسعى لاستقطابهم أو إخضاعهم، وإن خرج أحدهم عن هذا الإطار
يصبح هدفًا محتملًا للتهديد أو الملاحقة، مشددًا على أهمية سلامة الصحفي أثناء تغطية
الأحداث، علاوة على أن أمنه الشخصي يجب أن يأتي قبل الحصول على المعلومة. ولفت إلى أن هذا النهج لم يعد مقتصرًا على دول المنطقة فقط، بل امتد حتى
إلى الدول الغربية التي بدأت ترى في حرية الصحافة أداة تهديد بدلاً من وسيلة بناء،
موضحًا أن المزاج الشعبي أيضًا لم يعد يثق كثيرًا بالصحفيين، خاصة عندما تتعارض التغطيات
مع مصالح بعض الفئات. واعتبر أن وسائل التواصل الاجتماعي تمثل تحديًا جديدًا للصحافة المهنية،
إذ تنتشر من خلالها الشائعات والمعلومات المغلوطة دون رقابة، ما يفرض عبئًا إضافيًا
على الصحفيين في التحقق والمنافسة دون عائد مادي، خاصة مع استغلال محتواهم مجانًا على
هذه المنصات. العمل الصحفي في غزة "ضرورة لا خيار" وقال الصحفي الفلسطيني سالم الريس إن أبرز التحديات التي تواجه الصحفيين
في فلسطين، خاصة في قطاع غزة، هي غياب الاستقرار الاقتصادي، إذ يعمل معظمهم بشكل مؤقت
أو بنظام القطعة مع وكالات ومحطات إعلامية عربية، وتزداد حدة هذه التحديات في أوقات
الحروب، إذ يتحمل الصحفيون نفقات التنقل، الإنترنت، والمعدات دون دعم من المؤسسات الإعلامية. وأشار الريس إلى تجربته الشخصية كنازح من غزة بعد تدمير منزله في أكتوبر
الماضي، موضحًا أنه اضطر لشراء هاتف جديد بقيمة 2300 دولار رغم أن سعره الطبيعي لا
يتجاوز 1500 دولار، بسبب ارتفاع الأسعار خلال الحرب، مبينًا أن هذه الظروف تؤثر على
استقلالية الصحفيين، وتجبر بعضهم على العمل مع مؤسسات لا تتوافق مع قناعاتهم لتأمين
لقمة العيش. وعن صعوبة الحصول على المعلومات، أوضح أن الحصار الإسرائيلي المفروض منذ
عام 2007 أدى إلى غياب المؤسسات الرسمية، ما يعقّد عمل الصحفيين، مؤكدًا أن المؤسسات
الرسمية في الحرب تكون شبه منهارة، ولا تقدم معلومات دقيقة، ما يعرقل التوثيق والتغطية
الصحفية. وفيما يتعلق بواقع الإعلام الفلسطيني، شدد على أن الإعلام المحلي هو إعلام
حزبي، يتبع لحركات مثل فتح، حماس، الجهاد، والجبهات اليسارية، ولا يوجد إعلام مستقل،
ما يجعل من حرية الصحافة أمرًا بالغ الصعوبة، خاصة في ظل الانقسام السياسي بين غزة
والضفة الغربية. وأضاف أن الصحفيين يعملون ضمن منظومة حزبية مسيّسة، ما يشكّل ضغطًا إضافيًا
عليهم، ويدفعهم أحيانًا لمحاولة إرضاء جميع الأطراف، في ظل غياب خيارات أخرى لاكتساب
الخبرة أو الحصول على فرصة عمل. أما فيما يخص التهديدات الجسدية، فأوضح أن الصحفيين يواجهون مخاطر دائمة،
أبرزها الاستهداف المباشر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي منع إدخال معدات الحماية،
لافتًا إلى استشهاد 175 صحفيًا منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر، فضلًا عن إصابات وبتر أطراف
لبعضهم. وعن الجانب النفسي، أكد أن الضغوط الناجمة عن تغطية القصف والمجازر تؤثر
بشدة على الصحفيين، الذين لا يتلقون دعمًا نفسيًا كافيًا من المؤسسات الإعلامية، مضيفًا:
"نحن نعيش تحت القصف، نغطي الأحداث ونقلق على أسرنا، ولا نملك مكانًا نلجأ إليه
للراحة". وشدد الريس على أن ممارسة الصحافة في غزة لم تعد خيارًا، بل ضرورة لمواجهة
الواقع المعيشي المتدهور، قائلًا "نواصل العمل لأننا لا نملك خيارًا آخر، فالصحافة
مصدر رزقنا الوحيد وسط انهيار شبه كامل في كل القطاعات". القوانين الإعلامية في لبنان بحاجة لإعادة هيكلة وأكدت الصحفية اللبنانية ناهلة سلامة أن العائد المادي من العمل الصحفي
لا يتناسب مع حجم الجهد أو المخاطرة، خاصة في ظل اعتماد معظم المؤسسات الإعلامية على
الصحفيين المستقلين، الذين يعانون من دخل غير ثابت وقلق دائم بسبب غياب المشاريع المنتظمة. وأوضحت سلامة أن الظروف الاقتصادية قد تدفع الصحفي إلى العمل في مؤسسات
لا تتوافق مع آرائه أو مبادئه، ما يجبره على التزام الصمت خوفًا من فقدان مصدر رزقه،
مشيرة إلى أن هذا الواقع يؤثر سلبًا على استقلالية الصحفيين وحريتهم في التعبير. ورأت أن القوانين الإعلامية في لبنان بحاجة إلى إعادة هيكلة، خاصة تلك
المتعلقة بالمواقع الإلكترونية، التي لا تخضع لضوابط قانونية صارمة إلا في حالات محددة
كخطاب الكراهية أو الذم والقدح، قائلة "في النهاية، كل شخص يفعل ما يشاء، دون
رقابة حقيقية". وأضافت أن بعض المنصات في لبنان قد تمارس التحريض بين فئات المجتمع دون
أن تواجه إجراءات رادعة، في ظل غياب تطبيق فعلي لميثاق الشرف الإعلامي، وخرق متكرر
لمعايير العمل الصحفي من المؤسسات والأفراد على حد سواء. وعبرت عن القيود السياسية المفروضة على الإعلام في العالم العربي ولبنان،
معتبرة أن الأنظمة أصبحت أداة لتقييد حرية الصحافة، إذ يتعرض الصحفيون للاستدعاء والتحقيق
بشكل متكرر رغم وجود هامش حرية نسبي، لافتة: "نحن كصحفيين نحاول تجنب المواجهة،
وأحيانًا نمتنع عن تسليم هواتفنا، لكن في بعض الحالات نُجبر على ذلك". وأكدت أن الضغوط الاجتماعية تشكل عبئًا إضافيًا، لا سيما على الصحفيين
المستقلين، الذين يتحملون مسؤولية جمع المادة وتفريغها وكتابتها بأنفسهم، ما يؤدي إلى
تراجع حياتهم الشخصية وتدهور حالتهم النفسية، وصولًا إلى الإرهاق أو ما يُعرف بـ"الاحتراق
المهني". وأشارت إلى دور بعض المؤسسات اللبنانية، مثل مؤسسة سمير قصير وجمعية
"رؤية"، في دعم الصحفيين عبر جلسات نفسية وتدريبات متخصصة لتعزيز الصمود
والتعامل مع التحديات. وحول الحصول على المعلومات، أوضحت سلامة أن غياب المصادر أحيانًا، بالإضافة
إلى البيروقراطية والضغوط السياسية، يُعيق الوصول للمعلومة الدقيقة، وفي بعض الحالات
يُطلب من الصحفيين دفع مبالغ مالية مقابلها، ما يُضعف مصداقية المهنة ويعرقل العمل
الصحفي. واختتمت حديثها بالقول إن الصحفيين لا يستطيعون تجاوز جميع القيود، لكنهم
قادرون على التكيف من خلال حلول مدروسة وبسيطة، إلى جانب الحماية التي توفرها نقابة
المحررين، والتي رغم أهميتها، تبقى غير كافية لمواجهة التحديات بشكل كامل. الروتين الإداري أبرز العقبات التي تواجه الصحفيين في العراق وقال الصحفي العراقي أسعد الربيعي إن التحديات الاقتصادية التي تواجه
الصحفيين تنقسم إلى قسمين: الأول يتعلق بالصحفي المستقل الذي لا ينتمي إلى مؤسسة إعلامية،
إذ تكون هذه التحديات أكبر لأنه يتحمل وحده مسؤولية الوصول إلى المعلومة وتغطية تكاليف
النقل، علاوة على النفقات المرتبطة بإنتاج المادة الإعلامية. وتابع أن القسم الثاني يتمثل في الصحفيين الذين يعملون في مؤسسات إعلامية
أو وكالات وفضائيات، وهنا يواجه الصحفي تحديًا كبيرًا يتمثل في العائد المالي
"الرواتب والأجور"، الذي يؤثر بشكل مباشر على وضعه الاقتصادي، ويضعه تحت
ضغوط قد تؤثر على أدائه المهني، وهذه الضغوط قد تنعكس على رسالته الإعلامية، سواء فيما
يتعلق بالمصداقية أو الحيادية أو الموضوعية، مما يؤدي في النهاية إلى تقديم رسالة إعلامية
لا تتماشى مع أخلاقيات المهنة. وأوضح الربيعي أن لكل نظام سياسي قوانين ودساتير خاصة يتم العمل بها،
وتختلف تأثيرات الأنظمة السياسية على حرية الصحافة تبعًا لطبيعتها؛ ففي البلدان التي
لا تتبع النظام الديمقراطي وتغيب فيها ممارسات الفصل بين السلطات، تتعرض الصحافة للتضييق
وتُكمّم الأفواه وتُقمع حرية التعبير. وبيّن أنه في الواقع لا توجد استراتيجيات يتبعها الصحفيون لتجاوز التهديدات
السياسية لعملهم بقدر ما هو عمل بمعايير تتماشى مع الأخلاق والقوانين، فالصحفي الذي
يدرك أهمية القانون ويعرف النصوص القانونية يستطيع تقديم مادة إعلامية متزنة وخالية
من المغامرات أو الطيش. وتابع الربيعي أن الضغوط الاجتماعية تؤثر على الصحفيين في تغطيتهم للأحداث
اليومية، فهناك مجتمعات تتعامل مع الصحفيين بطريقة سلسة وتتفهّم دورهم، وغالبًا ما
تكون هذه المجتمعات تمتلك إرثًا ثقافيًا وتعايشًا إيجابيًا في قبول الآخر والتفاعل
مع الأحداث. وأشار إلى أن بعض المجتمعات قد ترى في الصحفيين عنصرًا مثيرًا للمشكلات،
أو تنظر إليها بعدم ثقة أو عدم قبول للمشاركة في طرح القضايا، إذ يوجد نوع من التوترات
في بعض الأحيان بين عامة الناس والصحافة. وتابع الربيعي أن كثيرًا من وسائل الإعلام لا تتسم بالحيادية، وتنظر إلى
الأمور من زاوية ضيقة بدلًا من رؤية شاملة وواسعة، ومن هنا تنشأ الضغوط الاجتماعية
أو التوترات بين الجمهور ووسائل الإعلام. وبين الربيعي أن في الشرق الأوسط، يواجه الصحفيون تحديات كبيرة في الحصول
على المعلومات تتمثل في مواجهة الروتين الإداري والشكوك من قبل الجهات المخولة بتقديم
تلك المعلومات، بالإضافة إلى الخوف من بعض وسائل الإعلام، حيث يعتقد المسؤولون أن تقديم
المعلومات قد يؤدي إلى إساءة استخدامها أو التسبب في أضرار للطرف الآخر، بينما في الحقيقة،
العلاقة بين الصحافة والمؤسسات هي علاقة تبادلية تهدف إلى تحسين الوضع العام، والارتقاء
بجودة الخدمات، وتعزيز عمل المؤسسات. ولفت إلى وسائل الصحفيين للتغلب على هذه القيود، فأهمها المشاركة السياسية،
والعمل على إيصال صوت الحق من خلال التشريعات القائمة، والسعي لتحسين صياغة القوانين
بما يخدم الصحفي ويعزز وجوده، إذ إن حقوق الصحفي هي في الأساس حقوق المجتمع، وهذه القيود
شائعة، خاصة في المجتمعات التي تعاني من تأخر في الديمقراطية والمشاركة الجماهيرية. لا يوجد صحفي حر في الشمال السوري وقالت الصحفية السورية ميسا الحمود إن التحديات الاقتصادية التي تواجه
الصحفيين تلعب دورًا كبيرًا في استقلالية الصحفي، إذ قد يضطر الصحفي للعمل مع وكالة
لديها سياسة تتعارض مع أفكاره ومبادئه، وخاصةً في الدول التي تتعرض للأزمات والحروب،
لأن هذه المهنة تؤمّن قوت يومه، لذا قد يُضطر الصحفي للعمل ضد مبادئه. وأضافت الحمود أنه لا يوجد صحفي حر في الشمال السوري، بالرغم من عدم وجود
قوانين تنص على تقييد النشر، مشيرة إلى عدم وجود قانون يحمي الصحفي، ما يؤثر سلبًا
على النشر بالمحتوى الصحفي، حيث إن أي فصيل عسكري أو مؤسسة ترتكب أخطاء لا يمكن للصحفي
انتقادها، لأنه سيُصبح معرضًا للاختفاء القسري أو القتل من قبل سلطات الأمر الواقع. وترى الحمود أنه لا توجد استراتيجية واضحة لتجاوز هذه التهديدات، وبخاصة
في الأماكن التي تشهد أزمات أو صراعات، لأن أي محاولة للانتقاد أو إظهار الحقيقة قد
تعرضه للاختطاف أو القتل. وأوضحت الحمود أنه لا توجد ضغوطات اجتماعية يتعرض لها الصحفيون، إنما
هناك تمييز بين النساء والرجال، وعدم تقبّل المجتمع للصحفية في أغلب الدول، إذ إن النساء
لا يستطعن تغطية الأماكن التي يوجد بها قصف دون أن يتعرضن للانتقادات من قبل المجتمع
المحلي. وبيّنت أن من العقبات التي تواجه الصحفيين في الحصول على المعلومات، وبخاصة
في الشمال السوري، أنهم لا يستطيعون الحصول على المعلومات إلا في المسائل المتعلقة
بالقصف أو المؤتمرات، مبينةً أنه في حالات الاختفاء القسري أو القتل أو السجن، فمن
الصعب الحصول على المعلومات. وتابعت أنه حتى في حالة الحصول على المعلومة الأكيدة، لا نستطيع النشر،
لأن صاحب المعلومة قد يتعرض للتهديد أو القتل، لافتة إلى أنه "حتى من الناجين
من الاعتقال، إذا أجيت لتحصل على معلومة منهم، بيكون خائف إنه يتعرض للأذية من قبل
الجهات التي قامت باختطافه". وأكدت الحمود أن من أبرز الأمور التي تساعد الصحفي على التغلب على القيود
هي التخصص، والحيادية في النقل، بالإضافة إلى انتقاء المواضيع التي تهم المجتمع وتساهم
في تطوره.
محسن: قانون حق الحصول على المعلومة يقيد عمل الصحفيين
عبد الحفيظ: الأوضاع الاقتصادية تفرض ضغوطًا على حرية الصحفيين
الريس: استشهاد 175 صحفيًا في غزة منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر
سلامة: الظروف الاقتصادية تدفع الصحفي لالتزام الصمت خوفًا على مصدر رزقه
الربيعي: الروتين الإداري من أبرز العقبات التي تواجه الصحفيين
الحمود: لا يوجد صحفي حر في الشمال السوري
الأنباط - محمد خطايبة وعبد الرحمن دهون
سميت الصحافة بالسلطة الرابعة لعظم دورها إلى جانب السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، ونعتت بمهنة المتاعب جراء ما تحتاجه من جهد لإيصال المعلومة أو تحليلها من جهة، ولما قد يتكبده ناقل هذه المعلومة من تحديات أو تهديدات أو عقاب أو إخفاء قسري أحيانًا وصولًا إلى فقدان الحياة.
ولا شك أن حرية الصحافة حجر الزاوية في المجتمعات الديمقراطية، فهي تمكن الصحفيين من أداء دورهم الحيوي في نقل الحقيقة ومساءلة السلطات، ومع ذلك شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا مقلقًا في الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون حول العالم، ما يهدد دورهم الحيوي ويقوّض حرية التعبير.
وبحسب منظمة مراسلون بلا حدود فقد قتل 201 صحفي عربي خلال عام 2023، علاوة على تصنيف 12 دولة عربية من أصل 22 دولة ضمن أعداء الإنترنت، كما أن أكثر من 300 صحفي عربي معتقل حاليًا، وفقًا للجنة حماية الصحفيين.
منصور: البيئة التشريعية تُستخدم لتقييد الحريات بدلاً من تنظيمها
وقال مؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور إن الصحفيين يواجهون تحديات متعددة بأشكال مختلفة، بسبب البيئة القانونية المقيدة لحرية الصحافة؛ موضحًا أن هناك العديد من التشريعات، مثل قانون الجرائم الإلكترونية، وقانون المطبوعات والنشر، وقانون الإعلام المرئي والمسموع، وقانون حق الحصول على المعلومات، لا تتوافق مع المعايير الدولية لحرية الإعلام، علاوة على وجود تناقض بينها وبين الحقوق الدستورية.
وأكد أن أكثر ما يثير القلق هو قانون الجرائم الإلكترونية الذي أُقر منذ حوالي عام، ويتضمن عقوبات سالبة للحرية وعقوبات مالية مغلظة، مشددًا على أن البيئة التشريعية تُستخدم لتقييد الحريات بدلًا من تنظيمها.
وتابع منصور أنه إلى جانب التحديات القانونية، هناك تحديات متعلقة بالانتهاكات، مشيرًا إلى أن بعض هذه الانتهاكات قد تكون غير جسيمة، مثل منع التغطية أو زيادة مستوى الرقابة الذاتية من خلال إدارات التحرير، علاوة على وجود انتهاكات جسيمة مثل الحبس والاعتداءات الجسدية التي تحدث أثناء تغطية الصحفيين لمواقع التوتر والأزمات، كالاحتجاجات والمظاهرات ، مبينًا أن التحدي الأكبر لا يكمن في حدوث هذه الانتهاكات، لأنها تحدث في جميع أنحاء العالم، بل في الإفلات من العقاب؛ إذ لا تتم مساءلة مرتكبي هذه الانتهاكات أو ملاحقتهم قضائيًا،و من بين هذه الانتهاكات الحق في الوصول إلى المعلومات، إذ أنه رغم وجود قانون حق الحصول على المعلومات الصادر في عام 2007، إلا أنه لا يُطبَّق بشكل فعال.
الصحفي بين مطرقة السوق وسندان القمع.. هل بقي للحياد مكان؟
وقالت الصحفية الأردنية المختصة في حقوق الإنسان عهود محسن إن الضغوط الاقتصادية تؤثر على الجميع، سواء الصحفيين أو غيرهم، لكن الصحفيين يتعرضون لهذه الضغوط بشكل أكبر نظرًا لعملهم في مؤسسات تتأثر بشكل مباشر بالحالة الاقتصادية السائدة في البلاد.
وأضافت أنه كلما تحسنت الظروف الاقتصادية والمعيشية، نشهد انتعاشًا في مجال الإعلام والصحافة والطباعة، وكلما تراجعت هذه الظروف، فإننا نلاحظ انكماشًا في المهن الصحفية وفي عمل الصحف والمطابع والكتابة، مؤكدة أن التحولات الرقمية، التي أصبحت سائدة، ساهمت في تقليص أعداد الصحفيين، خاصة مع تطور الذكاء الاصطناعي الذي أدى إلى الاستغناء عن عدد كبير من الصحفيين في بعض المجالات.
وبينت محسن أن ذلك يؤثر سلبًا على استقلالية الصحفيين، إذ يُضطر الكثير منهم إلى العمل في مؤسسات ليست صحفية بالمعنى التقليدي أو المعروف أو حتى المطلوب، إذ يصبح الصحفي مجبرًا على التكيف مع ما هو متاح في السوق للحفاظ على مصدر رزقه، لافتة إلى أن هذا يؤثر على استقلاليته من حيث تبعيته للمؤسسة وعدم حصوله على الوقت والجهد والتقدير الكافي لمهنته وللتحديات التي يواجهها.
وأوضحت أن الأصل في القوانين أن تحمي الحريات، لكن ما يحدث في الوطن العربي هو أن القوانين تعمل على تقييد هذه الحريات، بما في ذلك حرية الصحافة، مما يؤدي إلى تأثير سلبي عليها، مضيفة أن هذه القوانين تُستغل من قبل بعض الأطراف "لخنق" الحريات الإعلامية وتقييد حرية الصحفيين في الوصول إلى المعلومات، إذ أن هذه القوانين تنعكس سلبًا على قدرة الصحافة على معالجة القضايا الأكثر أهمية للجمهور.
وأشارت محسن إلى العديد من القضايا التي تتأثر سلبًا نتيجة هذه القوانين، مثل القضايا المرتبطة بالتوقيف الإداري بموجب قوانين منع الجرائم وقضايا اللجوء وقضايا العمال المهاجرين والقضايا المتعلقة بقوانين العمل وقضايا الخدمات، بالإضافة إلى قضايا الفساد، مشيرة إلى أن كل ذلك يؤدي إلى ضعف المحتوى الإعلامي بسبب الضغوط والخوف والرقابة الداخلية أو الذاتية التي تنتج عن هذه القوانين.
ولفتت إلى أن من بين القوانين المثيرة للجدل، قانون الجرائم الإلكترونية، إذ يواجه العديد من الإشكاليات، منها ارتفاع العقوبات المالية وعدم وضوح آليات تكييفه قضائيًا وقانونيًا، مبينة أن هذا الأمر يعزز من الرقابة الذاتية لدى الصحفيين ويضعهم تحت ضغوط متعددة، تتعلق أحيانًا بالمؤسسات التي يعملون فيها وأجنداتها التحريرية والإعلامية.
وأوضحت أنه يجب أن يُمنح الإعلام هامشًا من الحرية للحديث عن أخطاء المؤسسات، إلا أن الأنظمة السياسية السائدة تختلف في نظرتها للصحافة والحريات الإعلامية، إذ ترى الصحافة كأداة يجب أن تتوافق مع سياساتها، مشيرة إلى أنه في حال خرج الإعلام عن هذا الإطار فيما يتعلق بطبيعة المواد المنشورة أو طريقة التناول أو حجم الانتشار، فإن ذلك قد يؤثر سلبًا أو إيجابًا على دوره، علاوة على أنه في بعض الحالات يؤدي إلى "عرقلة" حرية الصحافة.
وأكدت محسن أن الاستراتيجيات التي يتبعها الصحفيون لتجاوز التهديدات السياسية تختلف بناءً على الأفراد والمؤسسات والأنظمة السياسية التي يتعاملون معها، إذ نجد أن بعض الصحفيين يحافظون على مهنيتهم وفي الوقت نفسه يحتفظون بجزء من حرياتهم الشخصية وقدرتهم على مساءلة هذه الأنظمة، لكن دون الوصول إلى صدام مباشر مع القوانين أو المؤسسات الأمنية في تلك البلدان.
وفيما يتعلق بالعقبات التي تواجه الصحفيين في الحصول على المعلومات، أشارت إلى أن قانون حق الحصول على المعلومة في الأردن، رغم أنه الأول في المنطقة، إلا أنه في رأيها الشخصي يشكل ضغطًا على الحريات بدلًا من أن يكون قانونًا يضمن المعرفة وحق الحصول على المعلومة.
واعتبرت محسن قانون حق الحصول على المعلومة، مقيدًا لعمل الصحفيين، إذ أنه يفرض مدةً زمنية طويلة ويعاني من إشكاليات تتعلق بسياسة تصنيف المعلومات التي تفتقر إلى الوضوح، موضحة أنه قد يقدم شخص ما طلبًا للحصول على معلومة، ويتم تقييدها بحجة أنها "أسرار دولة" أو أن الصحفي لا يملك الحق في الاطلاع عليها، مما يشكل تحديًا كبيرًا للصحفيين.
وأشارت إلى وجود مشكلة بين الإعلام والمؤسسات نفسها، إذ تنظر بعض المؤسسات إلى الإعلام بعين عدائية وترفض الإفصاح عن المعلومات باعتبارها ليست حقًا للصحفي، قائلة أرى أن المشكلة في الحصول على المعلومات هي جزء من منظومة متكاملة تشمل الصحفيين والمؤسسات الإعلامية والجهات الحكومية والخاصة، مؤكدة أن الصحفيين يعانون من نقص كبير في البيانات والمعلومات، سواء بسبب غيابها أو عدم توثيقها بشكل جيد.
وأضافت فيما يتعلق بكيفية التغلب على القيود المفروضة على الصحفيين، أنه يجب على الصحفي أن يكون مستقلًا ومدربًا جيدًا كما يمتلك أخلاقيات مهنية وإنسانية تؤهله للتعامل مع مختلف الفئات والقضايا التي تواجهه، علاوة على أن يكون الصحفي على اطلاع دائم بالمعلومات وأن يكون لديه عمق في الفهم والمعرفة لمختلف القضايا.
وأوضحت أن الصحفي يحتاج إلى التدريب على أخلاقيات الصحافة وكيفية التعامل مع الآخرين والنزول إلى الميدان، ومعرفة الأساسيات التي تساعده في عمله، لتجنب القيود المفروضة عليه، مؤكدة أن الإعلام العربي يعاني من إشكاليات ترتبط بالنشر وإعادة النشر وحقوق النشر الأول والثاني، بالإضافة إلى مسائل متعلقة بالتصوير، مثل تصوير النساء والأطفال وذوي الإعاقة والجرائم والحوادث في الشارع، وأيضًا الاعتماد على المصادر المجهولة، إذ أن كل هذه الأمور تعتبر أدوات تعيق عمل الصحفي.
عبد الحفيظ: العامل الاقتصادي الأخطر في مواجهة الصحافة
وأكد الصحفي المصري ونائب رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون صبري عبد الحفيظ، أن العامل الاقتصادي هو الأكثر خطورة على مستقبل صناعة الصحافة في العالم العربي، مشيرًا إلى أن ازدهار الاقتصاد يؤدي إلى نمو الصحافة وتنوع أدواتها، في حين أن تراجع الأوضاع الاقتصادية يفرض ضغوطًا كبيرة تؤثر مباشرة على حرية الصحفيين واستقلاليتهم.
وأوضح عبد الحفيظ أن الصحفي الذي يعجز عن تأمين احتياجات أسرته الأساسية، لا يمكنه الدفاع عن حرية التعبير أو نقل قضايا مجتمعه، مشيرًا إلى أن هذه الضغوط تفاقمت بعد جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وما تبعها من عدوان إسرائيلي مستمر على غزة، ما ألقى بظلاله على الوضع الاقتصادي عربيًا.
وتابع أن صناعة الصحافة مكلفة بطبيعتها، وتتأثر بتراجع الإعلانات والدعم، ما يضعف قدرة الصحفيين على إنتاج محتوى نوعي ويحد من استقلاليتهم، لافتًا إلى أن تدهور الأوضاع الاقتصادية يجعل من الصعب تمويل التحقيقات الصحفية، في ظل تقشف تعانيه أغلب المؤسسات الإعلامية.
وأشار إلى أن حرية الصحافة تمثل ركيزة أساسية في بناء المجتمعات، ولكن الصحفيين يواجهون تضييقات سياسية متزايدة، أبرزها صعوبة الوصول إلى المعلومات والتعرض للمضايقات الأمنية وتلفيق التهم، وصولًا إلى محاكمات جائرة، ما يجعل العمل الصحفي محفوفًا بالمخاطر.
ولمواجهة هذه التحديات، يلجأ الصحفيون إلى أساليب غير مباشرة في التعبير، مثل تناول موضوعات تاريخية ذات رمزية سياسية أو تسليط الضوء على قضايا اجتماعية ناتجة عن سياسات معينة، كما يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي، أو التعاون مع كيانات صحفية داعمة لحرية الإعلام.
وبين أن الصحفيين كثيرًا ما يراجعون موادهم مع القانونيين تفاديًا للاتهامات الفضفاضة كـ"تكدير السلم العام"، ويضطر بعضهم أحيانًا إلى التخفي وعدم الكشف عن هويتهم للحصول على المعلومات.
وفيما يخص التحديات في الحصول على المعلومة، قال إن الظروف السياسية تجعل الأنظمة تنظر للصحفيين بريبة، وتسعى لاستقطابهم أو إخضاعهم، وإن خرج أحدهم عن هذا الإطار يصبح هدفًا محتملًا للتهديد أو الملاحقة، مشددًا على أهمية سلامة الصحفي أثناء تغطية الأحداث، علاوة على أن أمنه الشخصي يجب أن يأتي قبل الحصول على المعلومة.
ولفت إلى أن هذا النهج لم يعد مقتصرًا على دول المنطقة فقط، بل امتد حتى إلى الدول الغربية التي بدأت ترى في حرية الصحافة أداة تهديد بدلاً من وسيلة بناء، موضحًا أن المزاج الشعبي أيضًا لم يعد يثق كثيرًا بالصحفيين، خاصة عندما تتعارض التغطيات مع مصالح بعض الفئات.
واعتبر أن وسائل التواصل الاجتماعي تمثل تحديًا جديدًا للصحافة المهنية، إذ تنتشر من خلالها الشائعات والمعلومات المغلوطة دون رقابة، ما يفرض عبئًا إضافيًا على الصحفيين في التحقق والمنافسة دون عائد مادي، خاصة مع استغلال محتواهم مجانًا على هذه المنصات.
العمل الصحفي في غزة "ضرورة لا خيار"
وقال الصحفي الفلسطيني سالم الريس إن أبرز التحديات التي تواجه الصحفيين في فلسطين، خاصة في قطاع غزة، هي غياب الاستقرار الاقتصادي، إذ يعمل معظمهم بشكل مؤقت أو بنظام القطعة مع وكالات ومحطات إعلامية عربية، وتزداد حدة هذه التحديات في أوقات الحروب، إذ يتحمل الصحفيون نفقات التنقل، الإنترنت، والمعدات دون دعم من المؤسسات الإعلامية.
وأشار الريس إلى تجربته الشخصية كنازح من غزة بعد تدمير منزله في أكتوبر الماضي، موضحًا أنه اضطر لشراء هاتف جديد بقيمة 2300 دولار رغم أن سعره الطبيعي لا يتجاوز 1500 دولار، بسبب ارتفاع الأسعار خلال الحرب، مبينًا أن هذه الظروف تؤثر على استقلالية الصحفيين، وتجبر بعضهم على العمل مع مؤسسات لا تتوافق مع قناعاتهم لتأمين لقمة العيش.
وعن صعوبة الحصول على المعلومات، أوضح أن الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2007 أدى إلى غياب المؤسسات الرسمية، ما يعقّد عمل الصحفيين، مؤكدًا أن المؤسسات الرسمية في الحرب تكون شبه منهارة، ولا تقدم معلومات دقيقة، ما يعرقل التوثيق والتغطية الصحفية.
وفيما يتعلق بواقع الإعلام الفلسطيني، شدد على أن الإعلام المحلي هو إعلام حزبي، يتبع لحركات مثل فتح، حماس، الجهاد، والجبهات اليسارية، ولا يوجد إعلام مستقل، ما يجعل من حرية الصحافة أمرًا بالغ الصعوبة، خاصة في ظل الانقسام السياسي بين غزة والضفة الغربية.
وأضاف أن الصحفيين يعملون ضمن منظومة حزبية مسيّسة، ما يشكّل ضغطًا إضافيًا عليهم، ويدفعهم أحيانًا لمحاولة إرضاء جميع الأطراف، في ظل غياب خيارات أخرى لاكتساب الخبرة أو الحصول على فرصة عمل.
أما فيما يخص التهديدات الجسدية، فأوضح أن الصحفيين يواجهون مخاطر دائمة، أبرزها الاستهداف المباشر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي منع إدخال معدات الحماية، لافتًا إلى استشهاد 175 صحفيًا منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر، فضلًا عن إصابات وبتر أطراف لبعضهم.
وعن الجانب النفسي، أكد أن الضغوط الناجمة عن تغطية القصف والمجازر تؤثر بشدة على الصحفيين، الذين لا يتلقون دعمًا نفسيًا كافيًا من المؤسسات الإعلامية، مضيفًا: "نحن نعيش تحت القصف، نغطي الأحداث ونقلق على أسرنا، ولا نملك مكانًا نلجأ إليه للراحة".
وشدد الريس على أن ممارسة الصحافة في غزة لم تعد خيارًا، بل ضرورة لمواجهة الواقع المعيشي المتدهور، قائلًا "نواصل العمل لأننا لا نملك خيارًا آخر، فالصحافة مصدر رزقنا الوحيد وسط انهيار شبه كامل في كل القطاعات".
القوانين الإعلامية في لبنان بحاجة لإعادة هيكلة
وأكدت الصحفية اللبنانية ناهلة سلامة أن العائد المادي من العمل الصحفي لا يتناسب مع حجم الجهد أو المخاطرة، خاصة في ظل اعتماد معظم المؤسسات الإعلامية على الصحفيين المستقلين، الذين يعانون من دخل غير ثابت وقلق دائم بسبب غياب المشاريع المنتظمة.
وأوضحت سلامة أن الظروف الاقتصادية قد تدفع الصحفي إلى العمل في مؤسسات لا تتوافق مع آرائه أو مبادئه، ما يجبره على التزام الصمت خوفًا من فقدان مصدر رزقه، مشيرة إلى أن هذا الواقع يؤثر سلبًا على استقلالية الصحفيين وحريتهم في التعبير.
ورأت أن القوانين الإعلامية في لبنان بحاجة إلى إعادة هيكلة، خاصة تلك المتعلقة بالمواقع الإلكترونية، التي لا تخضع لضوابط قانونية صارمة إلا في حالات محددة كخطاب الكراهية أو الذم والقدح، قائلة "في النهاية، كل شخص يفعل ما يشاء، دون رقابة حقيقية".
وأضافت أن بعض المنصات في لبنان قد تمارس التحريض بين فئات المجتمع دون أن تواجه إجراءات رادعة، في ظل غياب تطبيق فعلي لميثاق الشرف الإعلامي، وخرق متكرر لمعايير العمل الصحفي من المؤسسات والأفراد على حد سواء.
وعبرت عن القيود السياسية المفروضة على الإعلام في العالم العربي ولبنان، معتبرة أن الأنظمة أصبحت أداة لتقييد حرية الصحافة، إذ يتعرض الصحفيون للاستدعاء والتحقيق بشكل متكرر رغم وجود هامش حرية نسبي، لافتة: "نحن كصحفيين نحاول تجنب المواجهة، وأحيانًا نمتنع عن تسليم هواتفنا، لكن في بعض الحالات نُجبر على ذلك".
وأكدت أن الضغوط الاجتماعية تشكل عبئًا إضافيًا، لا سيما على الصحفيين المستقلين، الذين يتحملون مسؤولية جمع المادة وتفريغها وكتابتها بأنفسهم، ما يؤدي إلى تراجع حياتهم الشخصية وتدهور حالتهم النفسية، وصولًا إلى الإرهاق أو ما يُعرف بـ"الاحتراق المهني".
وأشارت إلى دور بعض المؤسسات اللبنانية، مثل مؤسسة سمير قصير وجمعية "رؤية"، في دعم الصحفيين عبر جلسات نفسية وتدريبات متخصصة لتعزيز الصمود والتعامل مع التحديات.
وحول الحصول على المعلومات، أوضحت سلامة أن غياب المصادر أحيانًا، بالإضافة إلى البيروقراطية والضغوط السياسية، يُعيق الوصول للمعلومة الدقيقة، وفي بعض الحالات يُطلب من الصحفيين دفع مبالغ مالية مقابلها، ما يُضعف مصداقية المهنة ويعرقل العمل الصحفي.
واختتمت حديثها بالقول إن الصحفيين لا يستطيعون تجاوز جميع القيود، لكنهم قادرون على التكيف من خلال حلول مدروسة وبسيطة، إلى جانب الحماية التي توفرها نقابة المحررين، والتي رغم أهميتها، تبقى غير كافية لمواجهة التحديات بشكل كامل.
الروتين الإداري أبرز العقبات التي تواجه الصحفيين في العراق
وقال الصحفي العراقي أسعد الربيعي إن التحديات الاقتصادية التي تواجه الصحفيين تنقسم إلى قسمين: الأول يتعلق بالصحفي المستقل الذي لا ينتمي إلى مؤسسة إعلامية، إذ تكون هذه التحديات أكبر لأنه يتحمل وحده مسؤولية الوصول إلى المعلومة وتغطية تكاليف النقل، علاوة على النفقات المرتبطة بإنتاج المادة الإعلامية.
وتابع أن القسم الثاني يتمثل في الصحفيين الذين يعملون في مؤسسات إعلامية أو وكالات وفضائيات، وهنا يواجه الصحفي تحديًا كبيرًا يتمثل في العائد المالي "الرواتب والأجور"، الذي يؤثر بشكل مباشر على وضعه الاقتصادي، ويضعه تحت ضغوط قد تؤثر على أدائه المهني، وهذه الضغوط قد تنعكس على رسالته الإعلامية، سواء فيما يتعلق بالمصداقية أو الحيادية أو الموضوعية، مما يؤدي في النهاية إلى تقديم رسالة إعلامية لا تتماشى مع أخلاقيات المهنة.
وأوضح الربيعي أن لكل نظام سياسي قوانين ودساتير خاصة يتم العمل بها، وتختلف تأثيرات الأنظمة السياسية على حرية الصحافة تبعًا لطبيعتها؛ ففي البلدان التي لا تتبع النظام الديمقراطي وتغيب فيها ممارسات الفصل بين السلطات، تتعرض الصحافة للتضييق وتُكمّم الأفواه وتُقمع حرية التعبير.
وبيّن أنه في الواقع لا توجد استراتيجيات يتبعها الصحفيون لتجاوز التهديدات السياسية لعملهم بقدر ما هو عمل بمعايير تتماشى مع الأخلاق والقوانين، فالصحفي الذي يدرك أهمية القانون ويعرف النصوص القانونية يستطيع تقديم مادة إعلامية متزنة وخالية من المغامرات أو الطيش.
وتابع الربيعي أن الضغوط الاجتماعية تؤثر على الصحفيين في تغطيتهم للأحداث اليومية، فهناك مجتمعات تتعامل مع الصحفيين بطريقة سلسة وتتفهّم دورهم، وغالبًا ما تكون هذه المجتمعات تمتلك إرثًا ثقافيًا وتعايشًا إيجابيًا في قبول الآخر والتفاعل مع الأحداث.
وأشار إلى أن بعض المجتمعات قد ترى في الصحفيين عنصرًا مثيرًا للمشكلات، أو تنظر إليها بعدم ثقة أو عدم قبول للمشاركة في طرح القضايا، إذ يوجد نوع من التوترات في بعض الأحيان بين عامة الناس والصحافة.
وتابع الربيعي أن كثيرًا من وسائل الإعلام لا تتسم بالحيادية، وتنظر إلى الأمور من زاوية ضيقة بدلًا من رؤية شاملة وواسعة، ومن هنا تنشأ الضغوط الاجتماعية أو التوترات بين الجمهور ووسائل الإعلام.
وبين الربيعي أن في الشرق الأوسط، يواجه الصحفيون تحديات كبيرة في الحصول على المعلومات تتمثل في مواجهة الروتين الإداري والشكوك من قبل الجهات المخولة بتقديم تلك المعلومات، بالإضافة إلى الخوف من بعض وسائل الإعلام، حيث يعتقد المسؤولون أن تقديم المعلومات قد يؤدي إلى إساءة استخدامها أو التسبب في أضرار للطرف الآخر، بينما في الحقيقة، العلاقة بين الصحافة والمؤسسات هي علاقة تبادلية تهدف إلى تحسين الوضع العام، والارتقاء بجودة الخدمات، وتعزيز عمل المؤسسات.
ولفت إلى وسائل الصحفيين للتغلب على هذه القيود، فأهمها المشاركة السياسية، والعمل على إيصال صوت الحق من خلال التشريعات القائمة، والسعي لتحسين صياغة القوانين بما يخدم الصحفي ويعزز وجوده، إذ إن حقوق الصحفي هي في الأساس حقوق المجتمع، وهذه القيود شائعة، خاصة في المجتمعات التي تعاني من تأخر في الديمقراطية والمشاركة الجماهيرية.
لا يوجد صحفي حر في الشمال السوري
وقالت الصحفية السورية ميسا الحمود إن التحديات الاقتصادية التي تواجه الصحفيين تلعب دورًا كبيرًا في استقلالية الصحفي، إذ قد يضطر الصحفي للعمل مع وكالة لديها سياسة تتعارض مع أفكاره ومبادئه، وخاصةً في الدول التي تتعرض للأزمات والحروب، لأن هذه المهنة تؤمّن قوت يومه، لذا قد يُضطر الصحفي للعمل ضد مبادئه.
وأضافت الحمود أنه لا يوجد صحفي حر في الشمال السوري، بالرغم من عدم وجود قوانين تنص على تقييد النشر، مشيرة إلى عدم وجود قانون يحمي الصحفي، ما يؤثر سلبًا على النشر بالمحتوى الصحفي، حيث إن أي فصيل عسكري أو مؤسسة ترتكب أخطاء لا يمكن للصحفي انتقادها، لأنه سيُصبح معرضًا للاختفاء القسري أو القتل من قبل سلطات الأمر الواقع.
وترى الحمود أنه لا توجد استراتيجية واضحة لتجاوز هذه التهديدات، وبخاصة في الأماكن التي تشهد أزمات أو صراعات، لأن أي محاولة للانتقاد أو إظهار الحقيقة قد تعرضه للاختطاف أو القتل.
وأوضحت الحمود أنه لا توجد ضغوطات اجتماعية يتعرض لها الصحفيون، إنما هناك تمييز بين النساء والرجال، وعدم تقبّل المجتمع للصحفية في أغلب الدول، إذ إن النساء لا يستطعن تغطية الأماكن التي يوجد بها قصف دون أن يتعرضن للانتقادات من قبل المجتمع المحلي.
وبيّنت أن من العقبات التي تواجه الصحفيين في الحصول على المعلومات، وبخاصة في الشمال السوري، أنهم لا يستطيعون الحصول على المعلومات إلا في المسائل المتعلقة بالقصف أو المؤتمرات، مبينةً أنه في حالات الاختفاء القسري أو القتل أو السجن، فمن الصعب الحصول على المعلومات.
وتابعت أنه حتى في حالة الحصول على المعلومة الأكيدة، لا نستطيع النشر، لأن صاحب المعلومة قد يتعرض للتهديد أو القتل، لافتة إلى أنه "حتى من الناجين من الاعتقال، إذا أجيت لتحصل على معلومة منهم، بيكون خائف إنه يتعرض للأذية من قبل الجهات التي قامت باختطافه".
وأكدت الحمود أن من أبرز الأمور التي تساعد الصحفي على التغلب على القيود هي التخصص، والحيادية في النقل، بالإضافة إلى انتقاء المواضيع التي تهم المجتمع وتساهم في تطوره.