رئيس الأركان شارك بمجزرة مخيم صبرا وشاتيلا وقمع هبة غزة بـ 2018 وانتفاضتي 1987 و2000

نبض البلد -

جزارون في " كيان " الدم ( 3 ) ...

إيال زامير .. تاريخه ملوث بالدماء وشعاره "اقطعوا جذور الفلسطينيين قبل أن تمتد".

عقيدة جيش العدو: قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين الفلسطينيين

حوار هليفي ونتنياهو وتسجيل سفير "إسرائيل" بالنمسا تلخصان طبيعة تفكير المسؤولين الصهاينة

الانباط – عبد الرحمن ابوحاكمة

"لا تهمني الأهداف.. دمّر المنازل.. فجّر بكل ما لدينا"، بهذه الكلمات رد رئيس وزراء الكيان الصهيوني على رئيس هيئة اركان جيش الاحتلال في حينه هرتسي هليفي عندما كان الأخير يستعرض أمام المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) عمليات الجيش في أول يومين من العدوان على غزة.. نتنياهو الذي فقد أعصابه صرخ في وجه هليفي، الذي اشار إلى أن سلاح الجو ضرب 1500 هدف في الـ48 ساعة الأولى من حرب الإبادة.. لكن النتن انفجر غضباً، وضرب على الطاولة وصرخ في وجه رئيس الأركان: "لماذا ليس 5000؟". وأجاب هليفي "ليس لدينا 5000 هدف مصادق عليه"، ليرد نتنياهو: "لا تهمني الأهداف، دمّر المنازل، فجّر بكل ما لدينا".

من جهة اخرى كشف تسجيل مصوّر أن سفير الكيان لدى النمسا ديفيد روت، اقترح خلال اجتماع مغلق مع أعضاء من الجالية اليهودية بمدينة إنسبروك، تنفيذ أحكام إعدام بحق الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة. قائلا "ينبغي تطبيق حكم الإعدام على المراهقين الذين ..."، تم تسجيل هذا الفيديو بعد يومين من خرق الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار، فجر 18 مارس/آذار، وفي التسجيل ذاته، تساءل روت عمّا إذا كان من المنطقي أن تستثمر أوروبا في إعادة إعمار غزة، قائلاً بسخرية: "القطاع سيتعرض للتدمير مرة أخرى.. هل ستفقد أوروبا صوابها لتستثمر أموالها مجددًا هناك؟ في المرة القادمة، سيتوجب علينا تدميرها مجددًا".

قمع هبّة غزة وشارك بمذبحة صبرا وشاتيلا

الصورتان أعلاه تلخصان طبيعة تفكير المسؤولين الصهاينة وعقيدة جيش العدو الاحتلال التي يمكن تلخيصها ب: "قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين الفلسطينيين والعرب" وهو ما يؤكده ما يحدث من كارثة غير مسبوقة في قطاع غزة منذ نحو 19 شهرا، حيث تتكشف يوما بعد يوم ملامح الابادة الجماعية الوحشية، حيث تُقصف خيام النازحين، ويُقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وبهذا النهج يستمر العدوان الصهيوني، مطبقا عقيدة رئيس الأركان إيال زامير: "اقتلوهم ما استطعتم، واقطعوا جذور الفلسطينيين قبل أن تمتد".

اللواء (احتياط) إيال زامير الذي عينه نتنياهو في مارس/ آذار 2025 ليخلف هاليفي، ولد عام 1966 في "إيلات" حاصل على بكالوريوس بالعلوم السياسية من جامعة تل أبيب، وماجستير في الأمن القومي والعلوم السياسية من جامعة حيفا، كما تخرج في برنامج الإدارة العامة (GMP) بجامعة وارتون الأميركية، شارك في حروب وهجمات دامية ضد الفلسطينيين وعمليات قمع لانتفاضاتهم، في قطاع غزة أو الضفة أو حتى لبنان. شغل عدة مناصب قيادية في الجيش، من بينها: قائد قوات المدرعات الاحتياطية، وقائد اللواء المدرع السابع، وقائد فرقة الاحتياط 143، وقائد الفرقة 36، ولاحقًا، تولى منصب قائد القوات البرية، وعمل سكرتيرًا عسكريًا لنتنياهو بين عامي 2012 و2015. كما عُيّن قائدا للمنطقة الجنوبية، حيث قاد قمع هبّة الفلسطينيين على حدود غزة التي اندلعت في أبريل/ نيسان 2018. وبين عامي 2018 و2021، شغل منصب نائب رئيس الأركان تحت قيادة أفيف كوخافي. وخلال هذه الفترة، لعب دورًا رئيسيًا في التخطيط والإشراف على العمليات العسكرية في غزة والضفة، والتي تخللتها انتهاكات واعتداءات واسعة ضد الفلسطينيين.

وخلال خدمته، شارك في قمع الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى بين عامي 1987 و1994 والثانية بين 2000 و2005. كما شارك أيضًا في مجزرة مخيم صبرا وشاتيلا، التي تواصلت بين يومي 16 و18 سبتمبر/ أيلول 1982، وراح ضحيتها نحو 3500 مدني معظمهم من الفلسطينيين في إحدى أبشع المجازر في التاريخ الحديث.

عقيدة "شعب" منذ الولادة

وفي تقرير له بعنوان "عقيدة جيش العدو: قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين" يتساءل الصحفي والكاتب منير شحادة: لماذا تعتمد «إسرائيل» في حروبها، منذ تكوينها، على المجازر والتدمير الممنهج؟ ولماذا تتقصّد قتل اكبر عدد ممكن من المدنيين؟

ويرد قائلا: "سؤال توضح الإجابة عنه حقيقة ومنهجية تفكير هذا الكيان الذي أصبح بعد عدوانه على المدنيين في غزة ولبنان، منبوذا عالمياً من ملايين البشر. مشيرا الى ان البداية كانت من نشأة هذا الكيان الذي بُني على احتلال أرض الغير وطرد شعبٍ بكامله منها بناء لعقيدة دينية عمرها آلاف السنين، واستناداً إلى وعد من «لورد» بريطاني (بلفور) .

وتتمحور عقيدة الكيان العسكرية حول الحاجة إلى قتال مستمر. ففي خمسينيات القرن الماضي بدأ دافيد بن غوريون، رئيس أوّل حكومة لدولة الاحتلال العمل على بلورة العقيدة الأمنيّة الإسرائيلية وفقاً للظروف الجيوسياسية المتعلقة بتلك المرحلة. وارتكزت تلك العقيدة على:

تعزيز قوّة الردع. واستخدام الحرب الوقائيّة.

وحسم المعركة بسرعة كبيرة.

وهي ركائز وضعت نصب عينيها استحالة قيام "إسرائيل" بالدفاع عن حدودها لافتقارها إلى العمق الإستراتيجي، ما يعني نقل المعركة إلى أرض «العدو» واحتلال أماكن فيها لتحقيق مكاسب سياسية لاحقاً.

ومنذ نشأتها عام 1948 واحتلالها لأرض فلسطين، باشرت بارتكاب مجازر في حق سكان القرى والبلدات لترويعهم وإجبارهم على النزوح ونشر أخبار هذه المجازر أينما حلوا كخطة لتهجير أكبر عدد ممكن من السكان الأصليين.

حَدَث تهجير الفلسطينيين سنة 1948 عندما نَزَح أو طُرِد أكثر من 700,000 فلسطيني - قُرابَة نصف سكان فلسطين - من بيوتهم. كان التهجير عَامِلًا مركزيًّا في تَشْتيت المجتمع الفلسطيني والاستيلاء على مُمْتَلَكَاته وإبعاده عن أرضه، وهو ما يُعْرَف ب النكبة التي شملت تدمير ما يراوح بين 400 و600 قرية، إضافة إلى تَهْويد التاريخ الفلسطيني، ويشير مصطلح النكبة أيضًا إلى الفترة التي تزيد مدتها عن مدة الحرب نفسها والاضطهاد المستمرّ حتى يومنا. وقد كانت مجزرة دير ياسين نقطة تحول في تدمير الساحة السياسية العربية حسب ما يرى عالم السياسة الأسرائيلي ميرون بنفتستي.

وجاء في التقرير، هناك قناعة راسخة لدى القادة الاسرائيليين وصولاً إلى أصغر جندي بأن جيشهم لا يُقهر ولا يُحاسب. إذ لم يحاسب على أي من المجازر الموصوفة التي ارتكبها في كل الحروب التي خاضها، رغم الاستعمال المفرط للأسلحة بشكل غير متناسب. وهناك دائماً دعم دولي بواسطة جسور جوية وبحرية بأعتى انواع الأسلحة، وبمواقف معلنة تتحدث عن حق "اسرائيل" في الدفاع عن نفسها، ويرافقها دعم إعلامي عالمي تسيطر الصهيونية العالمية على معظمه، ما جعل الجيش يُمعِن في ارتكاب المجازر والتدمير والإستمرار في الإستعمال المفرط للأسلحة.

هذا الكيان الذي يقف اليوم، للمرة الاولى في تاريخه، امام العدالة الدولية في محكمة العدل الدولية، ليحاكم في ارتكاب جرائم ابادة جماعية في حربه على غزة، حيث أصدرت المحكمة قرارات احترازية فيها شبه إدانة لهذا الكيان. لكن تصريح نتنياهو بأن "اسرائيل" غير معنية بما يجري في هذه المحكمة، يؤكد استعلائها المستمر واظهار نفسها فوق القانون وفوق أي قرارات دولية.

أما التدمير الممنهج الذي تتبعه في كل حروبها منذ النكبة، في فلسطين المحتلة وفي الحروب التي شنتها على لبنان ومصر وفي الجولان المحتل وإلى يومنا هذا، فيهدف إلى فرض أمر واقع بصعوبة العودة، لتصل الى هدفها الأساسي وهو اللاعودة.

ويكمن العامل الأساسي الذي يجعل من جيش الاحتلال أداة قتل وارتكاب جرائم، في مقولة تُتداول على نطاق واسع في الكيان، بخاصة في الأوساط السياسية والعسكرية، وهي أن الجيش دائماً في حالة حرب: إما أنه يقاتل فعلياً على الجبهة أو يستعدّ للحرب المقبلة. وتنسب هذه المقولة للجنرال والمفكر العسكري الألماني البروسي كارل فون كلاوزفيتش (1780-1831)، لكن "إسرائيل" تبنّتها حرفياً وطبّقتها عملياً. وهي تلخّص مجموعة من الحقائق. إذ تؤكّد أن هذه الدولة المزروعة في قلب الوطن العربي محاطةٌ ببيئة معادية، وتعكس كذلك النزعة العدوانية العسكرية لـ"إسرائيل" التي إن لم تجد عدواً فعلياً، تبادر إلى اختراعه، كما تكشف الدور الوظيفي الموكل لها من المراكز الغربية الرأسمالية، وهو دور عسكري وأمني بامتياز، ما يعطي الجيش دوراً محورياً في تسيير شؤونها ورسم ملامحها والتأثير على سماتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

ويوجد في الكيان نحو 1000 شركة متخصّصة في إنتاج الأسلحة وتسويقها وبيعها، تستقطب ضباط الجيش وخبراءه المُسرّحين. وتمثل هذه الصناعات رافعةً للاقتصاد، وتوفّر مدخلاً لتعزيز النفوذ الإقليمي والدولي لها. ما يعد دافعاً إضافياً لدى الكيان لاختراع حروب تكون حقول تجارب لهذه الأسلحة. ويتم التسويق للصناعات الاسرائيلية، عند بيعها للشركات والحكومات العالمية، باستخدام عبارة "تم اختبارها في المعركة". وذكر تقرير لـ"بوليتزر سنتر"، نُشر عام 2016، ان "اسرائيل" تقوم بتجربة الأسلحة في الضفة وغزة قبل عرضها في السوق الدولية على انها أسلحة اثبتت فعاليتها في المعركة. وفي 2022، انفقت 23.4 مليار دولار على جيشها وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، ما يجعلها ثاني اكبر منفق في العالم في ما يتعلق بنصيب الفرد.

ويمكن التأكيد ان الدليل الواضح والقاطع على أن العنصرية في التعاليم الدينية اليهودية، هي وراء تقصّد الجيش في ارتكاب المجازر والتدمير الممنهج في كل حروبه. يدخل ذلك في تكوين عقيدة شعب الكيان منذ الولادة، والتي تجعل من كل فرد كائناً مليئاً بالحقد والكراهية والاستعلاء واحتقار كل ما هو غير يهودي.

وتعتمد دراسة بعنوان «العنصرية في التعاليم الدينية اليهودية»، على تأصيل هذه الظاهرة من خلال تعاليم العهد القديم التي جعلت اليهودي "مقدساً" عند الله و"اليهود شعب الله المختار" الذين اختصهم الله له دون غيرهم. وقد تربت أجيال من اليهود على كراهية الغير استناداً إلى تعاليم عنصرية تطفح بها كتبهم المقدسة، حول التعالي اليهودي وكراهية الأغيار وإباحة ممارسة الإرهاب والعنف تجاه غير اليهود والدعوة إلى القضاء عليهم وابادتهم.

وبذلك يصبح من الواضح سبب جنوح جيش الاحتلال إلى ارتكاب المجازر وتقصده تدمير البشر والحجر.