ملفات ودلالات زيارة حسان إلى واشنطن

نبض البلد -

مراجعة التعرفة الجمركية وقراءة دلالتها السياسية

قلق أردني لرفع التعرفة على الأردن بضعف مثيلاتها

فريق مالي لهندسة الإجراءات ونجاح في الخطوتين

وزيرا الصناعة والتجارة والتخطيط يرافقان حسان إلى واشنطن

الأنباط - عمر كلاب

ثمان وأربعين ساعة, هي عمر زيارة رئيس الورزاء جعفر حسان, إلى العاصمة الأمريكية واشنطن, لكنها كثيفة الرسائل والمهمات, ليس بوصفها أول زيارة خارجية للرئيس, الذي قضى نصف عامه الأول, في الدوار الرابع,فهي من جانب ربما تكون أول زيارة رسمية, للعاصمة واشنطن يقوم بها رئيس حكومة أردني, تبعًا لبرنامجها, السياسي والاقتصادي, وليست زيارة لمؤسسات مالية, مقيمة في واشنطن, كما زيارة رئيس الحكومة الأسبق عمر الرزاز إلى واشنطن, بمعنى أنها أول اختبار سياسي واقتصادي للحكومة.

وهو اختبار شاق, في مواجهة عقل أمريكي, يسعى إلى إعادة صياغة العالم وفق اشتراط أمريكي جديد, محكوم بنزعتي شهوة المال وشهوة العودة إلى النظام الرأسمالي الصاعق, الذي يؤمن بالفرادة والسطوة, بل فيه إعادة استنساخ لتجربة من ليس معي فهو ضدي, التي أطلقها الحزب الجمهوري إبان حكم بوش الأب, ويبدو أن الرئيس ترامب يسعى إلى بسط هيمنته, ليس كحزب فقط, بل بنكهته الشخصية, المسكونة بالضغط على الجميع, مع استمتاع بالضغط على الضعفاء, حتى لو كانوا أصدقاء للولايات المتحدة.

الحكومة ورئيسها, يدركان أنهما توليا المسؤولية في ظرف إقليمي صعب, مشفوع بالحرب والدماء, على الجوانب الأردنية, وكان التحدي في شكل الاستجابة الوطنية لهذه الظروف, فتغيير أو التأثير على الجوانب محدودة جدًا, وتقوية الداخل هو الأمر الأكثر ضرورة, لذلك كانت التزامات الرئيس وحكومته, داخلية بأقصى درجة, وتحديدًا في الشق الاقتصادي, كما قال الرئيس تحت قبة البرلمان, الأربعاء المنصرم, فهو يسعى إلى تقوية الاقتصاد الوطني, ورفع منسوب المناعة الوطنية, لمواجهة استحقاقات الإقليم, ومجابهة جنون السطوة الأمريكية, وحرب الإبادة الصهيونية, وطمع دول الإقليم في الاستفادة من انفلاش الإقليم بين ثلاث قوى إقليمية.

الرهان وطني بالضرورة إذن, وإدارة الملفات بعين المصلحة الوطنية, هو الأساس, وهذا يتطلب مرونة في تقسيم المهام وتوفير الإدارات اللازمة لها, والابتعاد عن المألوف والمكرر, لذا صعد شعار أولي عنوانه, هندسة الإجراءات, على المستوى المالي والاقتصادي, لتجنب الضغط السياسي على القرار الوطني, فكانت النتيجة فريقا لهندسة الاجراءات المالية - وزير المالية والتخطيط ومحافظ البنك المركزي ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية-, برئاسة مباشرة من رئيس الحكومة, ومهمته تخفيف عبء الدين, وإعادة تنويع مصادر الاقتراض بشروط ميسرة, ونجح الفريق المالي في تحقيق نقلتين, الأولى شراء ديون بأعباء مخففة, بتوفير 40% من خدمة الدين, ثم اقتراض 1,1 مليار من البنك الدولي وليس الصندوق, الذي لا يراعي معايير الأمان الاجتماعي وهدفه رقمي فقط, على عكس البنك الذي له قياسات أكثر دقة من قياسات الصندوق.

كل ذلك تم قبل الضربة الأمريكية في تعديل التعرفة الجمركية, ورغم أنها شاملة للجميع, إلا أن أثرها السياسي على الأردن, جاء في الحسبان, فحساسية الظرف الأردني على أشدها, ولا يمكن إغفال الفوارق في المواقف السياسية مع واشنطن على القرار, الذي شمل دولًا بنسبة أقل من النصف عن تلك التي طالت الأردن, لذا جاءت الزيارة إلى واشنطن, بفريق تقني, وزير الصناعة والتجارة ووزيرة التخطيط, لأن الحوار هناك سيكون تقنيًا وتفصيليًا يشمل كل سلعة تقريبًا, وبرئاسة سياسية من الرئيس نفسه, الذي من المتوقع أن يلتقي وزير الخارجية الأمريكي, أي شق سياسي, وتلك ميزة الزيارة, التي لم نجد لها مقاربة سابقة.

الفريق الحكومي, برئاسة جعفر حسان, يزور واشنطن, مسنودًا بدعم ملكي, نجح في اختراق دوائر كثيرة من دوائر صنع القرار في واشنطن, التي كنا نقول أنها, اأي العلاقات, تحتاج وفق مصطلحنا الأردني الفلاحي, إلى غمّار شاطر, يستطيع أن يراكب سنابل الحصاد الأردني الذي يقوده الملك, وهنا يبدو الرهان معقولًا, على قدرة حسان في تحقيق هذا المأمول أردنيًا, وأظن أن قربه من الملك لسنوات طوال في المكتب الخاص, يجعله أحد أكثر المؤهلين للنجاح, لأن عكس ذلك غير مقبول ولا مطروح أساسًا.