البطاقات التعليمية.. وسيلة مبتكرة أم عبء إضافي على الطلبة؟

نبض البلد -

 

درويش: مشروع حديث وناجح للطلاب في حال نظم الطالب وقته

بني سليمان: تؤثر بشكل ملحوظ على غياب الطلاب عن المدرسة

الأنباط - شذى حتاملة

التطورات التكنولوجية المتلاحقة باتت تخلق طرقًا وأشكالًا جديدة تؤثر في شتى نواحي الحياة من عمل وتعليم وإدارة وغيرها، ما يستوجب مواكبة هذه التحولات تسهيلًا على المواطن وسعيًا لرفع سوية العمليات في شتى القطاعات.

التعليم أحد هذه القطاعات التي طالها هذا التطور، فأمست البطاقات التعليمية أمرًا شائع التداول بين الطلاب ما فتح باب التساؤلات حول أثرها، فهل سهلت على الطالب أم خلقت تحديات إضافية أمامه؟

هذه البطاقات كان من المفترض أن تكون وسيلة لتخفيف الضغوط المتزايدة التي يواجهها طلاب الثانوية العامة "التوجيهي"، ولتعزيز قدرتهم على متابعة الدروس وزيادة فهمهم للمادة من خلال إمكانية مشاهدة الحصص التعليمية في أي وقت يناسبهم، لكن تحولت هذه البطاقات في بعض الأحيان إلى عبء مادي ونفسي، حيث لم تحقق الفائدة المرجوة، فالعديد من الطلاب اليوم يعانون من عدم التزامهم باستخدام هذه البطاقات، ما يؤدي إلى دفع مبالغ مالية كبيرة بدون الحصول على النتائج المرجوة.

 

طلاب يدلون بدلوهم

 

رغد طالبة في الثانوية العامة أكدت لـ"الأنباط" عدم فعالية البطاقات التعليمية المسجلة التي تباع عبر الإنترنت، مؤكدة أنها لا تفي بالغرض المطلوب، ولا تضمن التزام الطالب أو استفادته الحقيقية، رغم أسعارها المرتفعة.

وبينت أن البطاقات لا توفر سوى فيديو يمكنها مشاهدته بأي وقت، بدون أي نوع من التفاعل أو المتابعة، وتشعر أنها تقوم بمشاهدة مقطع فيديو لا أكثر، دون أي التزام من الطرف الآخر.

من جهته، بين إبراهيم، طالب ثانوية عامة أيضًا، أن مشكلة البطاقات تكمن في الحرية في اختيار وقت المشاهدة والتي كانت سببًا في تأجيله المستمر، حتى انتهى الفصل الدراسي بدون أن يشاهد شيئًا بحيث لا يوجد جدول زمني، ولا متابعة، ولا مسؤولية تشعره بأن هناك وقت حقيقي للدراسة.

وأضاف أن هذا النوع من البطاقات يحتاج إلى آلية متابعة أو حتى تقييم بسيط ومراقبة كي يشعر الطالب بأهمية الوقت ويجبره على الالتزام.

أما روان الطالبة في الفرع الأدبي فقد أبدت استياءها الشديد من البطاقات التعليمية المسجلة، والتي تم الترويج لها باعتبارها "فرصة ذهبية للمراجعة المكثفة"، في حين أنها بحسب وصفها لم تكن أكثر من ملفات فيديو غير محفزة.

 

تشخيص للآثار

 

ويرى الأستاذ والخبير التربوي محمود درويش أن البطاقات التعليمية تعتبر مشروعًا حديثًا وناجحًا للطلاب إذا تمكنوا من تنظيم وقتهم بشكل فعّال، حيث تساعدهم في المراجعة والتعلم، مبينًا أنه بالرغم من أن هذه الظاهرة جديدة على الكثير من الطلبة، فإن هناك تحديات تتعلق بالتنسيق بين أوقات مشاهدة البطاقات ومواعيد الدوام المدرسي، ما قد يسبب بعض الإرباك لدى الطلاب.

وأكد أن الطلاب الذين يستطيعون تنظيم وقتهم ووضع خطة دراسية مدروسة بإمكانهم الاستفادة بشكل كبير من البطاقات التعليمية، بينما يشعر الطلاب الذين يؤجلون مشاهدتها بعدم السيطرة على دراستهم، مشيرًا إلى أن نوعية الطالب ومرونته في التعامل مع هذه التقنية تلعب دورًا أساسيًا في تحقيق الاستفادة.

وتابع درويش أن البطاقات التعليمية تعد أداة مساعدة للعديد من الطلاب، إلا أنها قد لا تكون مناسبة للذين يجدون صعوبة في الجلوس لفترات طويلة، مستدركًا أن الطلاب الذين يملكون القدرة على التفاعل مع هذه الأداة يمكنهم الاستفادة منها في أي وقت من اليوم، موضحًا أن الطلاب المتفوقون كانوا يعتمدون على هذه البطاقات كجزء أساسي من دراستهم.

وبين أن الاستخدام غير الصحيح للبطاقات قد يؤدي إلى تصورات خاطئة لدى الطلاب، حيث يعتقد البعض أن الدراسة تقتصر على المشاهدة فقط، بينما يتطلب الأمر التدوين والمراجعة أثناء استخدام البطاقات للحصول على أفضل النتائج، مضيفًا أن البعض وليس جميع المعلمين مستعدين أو مؤهلين لتدريس البطاقات التعليمية بشكل فعال، إذ أن بعض المعلمين غير المتخصصين قد يوجهون الطلاب لمشاهدتها دون تقديم محتوى علمي مفيد.

واتفقت الأستاذة إيمان بني سليمان، مع سابقها بما يتعلق بأهمية البطاقات كأداة تعليمية لطلبة الثانوي والأول ثانوي، لافتة إلى أن هذه البطاقات وسيلة تساعد الطلبة في الوصول إلى المواد التعليمية والدروس والموارد التعليمية الإلكترونية بسهولة ويسر.

وأشارت بني سليمان إلى أن البطاقات الخاصة للمنصات الإلكترونية التعليمية تساهم في الوصول السهل إلى المواد والدروس التعليمية، حيث يمكن للطلاب الوصول إلى المواد التعليمية والموارد التعليمية الإلكترونية في أي وقت ومن أي مكان، مضيفة أن البطاقات تتيح للطلاب التعلم الذاتي.

وتابعت أن هذه الأداة توفر للطلاب المرونة في التعلم، حيث يمكن للطلاب الوصول إلى المواد التعليمية في أي وقت ومن أي مكان، كما تتيح البطاقات الخاصة للمنصات الإلكترونية التعليمية للطلاب التفاعل مع المواد التعليمية من خلال الأنشطة والتمارين التفاعلية.

ولفتت بني سليمان إلى أن هناك بعض السلبيات التي يجب أخذها في الاعتبار، حيث تتطلب البطاقات من الطلاب الاعتماد على التكنولوجيا، ما قد يشكل عائقًا أمام الطلاب الذين لا يملكون الوصول إلى الأجهزة الذكية أو الإنترنت، موضحة أن استخدام البطاقات يؤدي إلى انحراف الطلاب عن الأهداف التعليمية، حيث قد ينشغلون بالمواد غير التعليمية على الإنترنت والتطرق لمواقع إلكترونية متعددة تؤدي إلى ضياع وقتهم الدراسي.

وأشارت إلى أن استخدام البطاقات يثير مشاعر القلق بشأن أمان الإنترنت حيث قد يتعرض الطلاب لخطر الاختراق أو سرقة البيانات الشخصية، كما قد تتطلب من الطلاب دفع تكلفة مالية، ما قد يكون عائقًا أمام الطلاب الذين لا يملكون القدرة المالية، مشيرة إلى أن جلوس الطلاب لفترات طويلة لمشاهدة الحصص على البطاقات يمكن أن يؤدي إلى ضعف العضلات وزيادة الوزن، كما يمكن أن يؤدي إلى الضغط على العمود الفقري.

وأوضحت بني سليمان أن الجلوس لفترات طويلة يؤدي إلى إجهاد العين، وبالتالي يتسبب بمشاكل في النظر، لافتة إلى أن البطاقات أثرت بشكل ملحوظ على غياب الطلاب عن المدرسة وقلة التفاعل مع الأقران والطلاب والمدرسة.

واختتمت حديثها بأن الاكتفاء بالبطاقات يؤدي إلى تقليل حاجتهم للذهاب إلى المدرسة، وساهمت بشكل ملحوظ في قلة التفاعل مع الطلاب والمدرسة، حيث تساعد الطلاب على التعلم الذاتي، دون الحاجة إلى التفاعل مع الآخرين، وهذا بدوره يؤدي إلى شعور الطلاب بالانعزال والوحدة.