السياحة.. انتعاشة مؤقتة في العيد ومطالبات بتسهيلات حكومية لدعم القطاع

نبض البلد -

 

هلالات: الحرب على غزة سبب ضعف إقبال السياح من أوروبا وأمريكا

شنانة: ارتفاع الكلف من التحديات التي تواجه المواطنين في السياحة الداخلية

 

الأنباط - آية شرف الدين

 

حظيت فنادق المملكة بنسب إشغال قوية خلال عطلة عيد الفطر السعيد، لكن هذا التحسن يبقى مرحليًا، فسرعان ما تعود معدلات الإشغال إلى الانخفاض الذي تعاني منه منذ نهاية العام 2023 جراء استمرار عدوان الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة.

ورغم ما تتمتع به المملكة من إمكانيات سياحية كبيرة تمتد على كل التراب الأردني من معالم تاريخية وطبيعية فريدة، إلا أن التوترات الجيوسياسية تبقي هذا القطاع رهين الضعف جراء إحجام السياح من أميركا وأوروبا عن القدوم للمملكة تخوفًا من توترات المنطقة.

وفي هذا السياق، أكد البنك الدولي أن الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني ضد قطاع غزة منذ شهر تشرين الأول (أكتوبر) منذ عام 2023، أدت إلى ظهور تحديات جديدة أمام القطاع السياحي الأردني وأبطأت مسار النمو الذي شهده في السنوات الأخيرة.

وأوضح البنك أن استمرار العدوان على المنطقة يجعل من الصعب على القطاع السياحي في الأردن الحفاظ على الزخم الإيجابي الذي حققه في الأعوام الماضية.

وأشار البنك في تحليل للخبراء تحت عنوان " آثار الصراع في الشرق الأوسط على السياحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" وترجمته "الغد" أن استمرار التصعيد العسكري والسياسي أدى إلى تغيير أنماط ووجهات السياحة في الأردن، إذ شهد أعداد الزوار الأجانب لمعظم المواقع السياحية انخفاضًا عامًّا خلال 2024، كما انخفضت إيرادات الأردن السياحية بنحو 3% على أساس سنوي.

وطالب مختصون في القطاع الحكومة بالتدخل لتقديم تسهيلات مثل تأجيل المستحقات وجدولة القروض، لافتين إلى أن السياحة تمثل نحو 15% من الدخل القومي، ما يؤكد أهميتها للاقتصاد الوطني.

وعن نسب إشغال الفنادق في العيد، قال حسين هلالات نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الفنادق الأردنية لـ"الأنباط" إن المملكة شهدت خلال عطلة عيد الفطر نشاطًا ملحوظًا لقطاع السياحة الداخلية، حيث سجلت نسبة إشغال الفنادق ارتفاعًا كبيرًا في بعض المناطق ولا سيما العقبة والبحر الميت ووادي رم، مشيرًا إلى أن العقبة تصدرت المشهد بنسبة إشغال تجاوزت 85% ووادي رم والبحر الميت بنسبة وصلت إلى 80% فيما بلغت النسبة في عمان نحو 60% أما مدينة البترا فكان هناك ضعف في الإقبال عليها من حيث الزيارات النهارية من دون مبيت.

وأضاف أن هذه النسب تعكس تحسنًا مؤقتًا خلال عطلة العيد لكنها عادت للانخفاض فور انتهاء الإجازة لتستقر في بعض مناطق المملكة عند 25% فقط.

واشار هلالات إلى أن الطاقة الاستيعابية في العقبة محدودة، إذ لا يتجاوز عدد الغرف الفندقية المرخصة 6500 غرفة ما يعني قدرتها على استيعاب نحو 13 ألف زائر فقط في حين تجاوز عدد الزوار الفعلي هذا الرقم بأضعاف، مبينًا أن الفنادق والمنتجعات السياحية "شهدت اكتظاظًا كبيرًا في الحجوزات لدرجة أن البعض لم يجد أماكن إقامة”، لافتًا إلى أن الطلب الكبير شمل أيضًا الشقق السياحية المرخصة وغير المرخصة.

وبين أن الحرب الصهيونية المستمرة على غزة منذ أكتوبر 2023 ألقت بظلالها على السياحة الوافدة، حيث وضعت العديد من الدول ومنها الأردن ضمن "قائمة المناطق الخطرة” ما أثر على تدفق السياح الأوروبيين والأميركيين.

وأشار إلى أن القطاع يعاني من أعباء مالية كبيرة تشمل مديونيات للبنوك والتزامات للضمان الاجتماعي والضرائب، مطالبًا الحكومة بالتدخل لتقديم تسهيلات مثل تأجيل المستحقات وجدولة القروض، لا سيما وأن السياحة تمثل نحو 15% من الدخل القومي.

وأوضح هلالات أنه فيما يتعلق بالأسعار الحجوزات في الفنادق والمنتجعات السياحية أن ارتفاع الأسعار خلال العيد طبيعي نتيجة زيادة الطلب إذ بلغت تكلفة الغرف الفندقية في البحر الميت نحو 200 دينار لكنها عادت لتنخفض إلى ما دون 80 دينارًا بعد العيد. مشيرًا إلى أن رغبة الأردنيين بالسفر إلى الخارج أمر مفهوم وأنه من المهم تطوير السياحة الداخلية لتكون منافسة.

من جهته، قال الخبير السياحي غزوان شنانة إن الحركة السياحية داخل الأردن جاءت أقل من المتوقع وذلك بسبب ما وصفوه بارتفاع غير مبرر في أسعار الإقامة خاصة في الفنادق ذات التصنيف المرتفع.

وأضاف أن شريحة واسعة من المواطنين تراجعت عن الحجوزات أو لجأت لخيارات بديلة مثل قضاء العطلة في مناطق غير سياحية أو السفر خارج الأردن، مرجعًا ذلك إلى الأسعار المرتفعة للفنادق والتي تجاوزت "الحد المعقول”، لافتًا أن العروض السياحية المتوفرة لم تكن كافية لاستقطاب غالبية العائلات الأردنية، ما جعل الاستفادة محصورة في فئات معينة أو من خلال شركات وفرت أسعارًا مدعومة.

وعن أبرز الوجهات التي شهدت إقبالًا خلال العيد، بين شنانة أن العقبة حيث ما زالت تحافظ على مكانتها كخيار مفضل للأردنيين، إلا أن الحركة السياحية فيها كانت متواضعة مقارنة بالسنوات السابقة، مبينًا أن نسب الإشغال في الفنادق لم ترتقِ لمستوى التوقعات.

وأشار شنانة إلى وجود العديد من الوجهات الجذابة في الشمال والجنوب مثل جرش وعجلون لكنها تفتقر إلى البنية التحتية السياحية وخاصة أماكن الإقامة، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الأردنيين يفضلون زيارة هذه المناطق خلال عطلات نهاية الأسبوع والعودة في نفس اليوم ما يحد من النشاط الاقتصادي فيها.

ولفت إلى أن بعض المبادرات بدأت تنتشر في المناطق الطبيعية مثل الأكواخ السياحية و”البابلز” لا سيما في محافظة عجلون ووادي رم والتي يرى أنها قد تُشكل نقطة جذب سياحي مهمة مستقبلًا إذا ما تم دعمها بالخدمات المناسبة.