الدولار بين ميزة التفوق السياسي وعقبة التصدير التجاري

نبض البلد -

 

المجالي: 100% نسبة تأثير قوة الدولار على القطاع الصناعي الأمريكي

عايش: الدولار الضعيف يعزز من الصادرات الأمريكية ويقلل من المستوردات

الأنباط – مي الكردي

تلعب قوة الدولار دورًا محوريًا في قدرة القطاع الصناعي في الولايات المتحدة، إذ تؤدي قوة الدولار إلى زيادة تكلفة الصادرات ما يقلل من التنافسية.

وبين كبح جماح الدولار وتحفيز الصادرات الأمريكية إلى الخارج، تطفو توقعات ارتفاع التضخم والركود الاقتصادي في الولايات المتحدة، ما يشي بعودة مشكلة الموجات التضخمية في الاقتصاد العالمي.

معادلات صعبة ومتداخلة تخرج نتاجًا للحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل الاقتصاد العالمي خلال السنوات المقبلة.

وأحد أبرز دوافع ترامب لشن هذه الحرب، اتساع عجز تجارة السلع الأميركية إلى 326.1 مليار دولار في الربع الأخير من 2024، وهو أعلى مستوى منذ الربع الأول من عام 2022. وبلغ عجز تجارة السلع أعلى مستوى له على الإطلاق عند 329.5 مليار دولار في كانون الثاني الماضي عندما كثفت الشركات من وارداتها تحسبًا لرسوم جمركية واسعة النطاق من إدارة الرئيس دونالد ترمب.

 

الدولار يتعرض لضغوط عالمية.

وأوضح الخبير الاقتصادي الدكتور حيدر المجالي، أن الدولار الأمريكي يواجه العديد من الضغوطات لإخفاض قيمته تزامنًا مع زيادة التضخم وارتفاع حجم الديون في الاقتصاد العالمي.

وبين أن أسباب الضغط على الدولار هي زيادة النفقات الحكومية، التضخم، انخفاض القيمة الشرائية للعملة، توازن ميزان المدفوعات بسبب زيادة الواردات وقلة الصادرات، إضافة إلى التغيرات الحاصلة في الاحتياطي العالمي نتيجة زيادة النفوذ الاقتصادي لبعض الدول، الأمر الذي ساعد في الاتجاه إلى عملات بديلة أقل قيمة من الدولار.

ولفت المجالي إلى وجود مخاوف حول عدم استقرار قيمة الدولار، لأنها ستؤدي إلى استمرار النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، مُبينًا أن من أسباب هذه الحروب التجارية اليوم هي قيمة الدولار.

القطاع الصناعي يواجه الدولار

وأشار المجالي إلى أن قوة الدولار تؤثر على قدرة القطاع الصناعي بنسبة 100% في الولايات المتحدة، إذ تؤدي قوة الدولار إلى زيادة تكلفة الصادرات ما يقلل من التنافسية، لافتًا إلى أن قوة الدولار توجد تحديات كبيرة للقطاع الصناعي في أمريكا، الأمر الذي يتطلب وجود استراتيجيات محددة للتكيف مع التحديات.

وذكر أن قوة الدولار لا يقتصر تأثيرها فقط على القطاع الصناعي بل تشمل تكاليف العمالة، التكنولوجيا، السياسات، العلاقات، والاتفاقيات التجارية، إضافة إلى قطاعات أخرى.

الجانب الإيجابي

ولفت المجالي إلى أن هناك توجهًا عالميًا نحو الاعتماد على التكنولوجيا والابتكار كمحركين رئيسيين للاقتصاد ومعززات النمو، وقيمة العملة ستدفع بهذا الاتجاه، مُشيرًا إلى أن الاستثمار والتكنولوجيا بحاجة إلى دولار قوي.

كيف تفوقت الصادرات على الواردات الأمريكية؟

وبحسب الخبير الاقتصادي، حسام عايش، فإن العجز التجاري السلعي في أمريكا مختلف عن الميزان التجاري الخدمي "صناعات الخدمات"، مُشيرًا إلى أن أمريكا تمتلك فائضًا في صناعة الخدمات التي تشمل الثقافة، الأفلام، الموسيقى، والمسلسلات، موضحًا أن الوضع اليوم يعتمد على الطريقة التي ستُدير بها الولايات المتحدة علاقاتها مع العالم.

الدولار القوي VS الدولار الضعيف

وأوضح عايش بأن التدفقات الاستثمارية في الأسواق الأمريكية تتأثر بالدولار القوي والدولار الضعيف، حيث أن الدولار القوي يجذب الاستثمارات المالية قصيرة الأجل (الأسهم، السندات) ويرفع من كلفة التصدير، بينما يجذب الدولار الضعيف الاستثمارات المباشرة طويلة الأجل في المصانع، العقارات، والشركات كما ويعزز الاستثمار في الأصول الأمريكية لأنها "تصبح أرخص" مما يزيد من الجاذبية السياحية للولايات المتحدة ويحفز الصادرات الأمريكية ويقلل من المستوردات الأمريكية لارتفاع قيمتها.

ولفت إلى أن العجز التجاري الحالي يقلق الإدارة الأمريكية التي يرأسها دونالد ترامب، مُشيرًا إلى أنه يكفي أن تكون قيمة الدولار أقل بـ3% أو 5% أمام العملات الرئيسية الأخرى في القيمة، بحيث تؤدي الغاية المرجوة لترامب وفريقه الاقتصادي بدفع الصادرات الأمريكية قدمًا في الأسواق العالمية.

وتابع عايش أن خفض قيمة الدولار ليس بهذه السهولة، نتيجة وجود 7.5 تريليون دولار من المعاملات اليومية تتم معظمها بالدولار الأمريكي، لافتًا إلى أنه من الصعوبة التحكم بسعره لأنه يخضع للعرض والطلب، مُضيفًا أن 60% من الاحتياطات العالمية من العملات الأجنبية لدى البنوك المركزية بالدولار، حيث يعد الطلب على الدولار مرتفعًا.

العلاقة بين الدولار والذهب والبتكوين

وتابع عايش إلى الأسباب الرئيسية لارتفاع قيمة الذهب اليوم هو انخفاض سعر الدولار، حيثُ أن انخفاض سعر صرف الدولار يؤدي إلى ارتفاع السلع المسعرة بالدولار مثل الذهب والنفط.

وأشار إلى انخفاض وتيرة الاستثمار في العملات المشفرة وتحديدًا "البتكوين" وتحول جزء من هذه الاستثمارات إلى الذهب، ما يعني العودة إلى الأصول الاستثمارية الحقيقية.

ولفت عايش إلى أن انخفاض الفائدة على الدولار يحول جزءًا من الاستثمارات إلى الذهب للحصول على فوائد أعلى، ما يزيد من ارتفاع أسعار الذهب، لافتًا إلى أن التوقعات تحوم حول دخول أمريكا في حالة ركود اقتصادي.