نبض البلد -
خبراء: المساعدات النقدية والكوبونات الغذائية بديل أكثر فاعلية من موائد الرحمن
الأنباط – يارا بادوسي
موائد الرحمن واحدة من أبرز مظاهر التكافل الاجتماعي خلال شهر رمضان التي تجسد قيم العطاء، إلا أن هذه الظاهرة خفتت جذوتها وشهدت تراجعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة.
خبراء اقتصاد وعلم اجتماع أعادوا أسباب تراجعها لعوامل اقتصادية واجتماعية مختلفة، أبرزها ارتفاع التكاليف وتأثر المؤسسات الداعمة بالأزمات المالية.
وأكد الخبراء لـ"الأنباط" أن موائد الرحمن عادة ما تساهم في زيادة الطلب على المنتجات الغذائية وتنشط قطاع التجزئة والأسواق الشعبية، إضافة إلى خلق فرص عمل مؤقتة للطهاة والموزعين والمشرفين على تنظيم هذه الموائد.
ويظل دعم المحتاجين الهدف الأساسي خلال شهر رمضان، ويبقى الهدف الأهم هو تطوير هذه المبادرات لتصبح أكثر استدامة، وجعل البدائل الحديثة أكثر فاعلية في تلبية احتياجات الفئات الفقيرة.
وأوضح المتخصص في علم الاجتماع الإعلامي الدكتور محمد خويله أن موائد الرحمن تعتبر مظهرًا إنسانيًا يعكس روح العطاء والكرم في المجتمع، وتساهم في نشر ثقافة المحبة والتضامن بين الناس، لافتًا إلى أن الظاهرة شهدت تقلصًا خلال السنوات الأخيرة خاصة بعد جائحة كورونا، التي أثرت على إمكانيات المؤسسات والجمعيات الخيرية في تمويلها.
وأشار إلى أن بعض المؤسسات لا تزال تحافظ على تقليد موائد الرحمن، وتواصل تقديم وجبات الإفطار للفقراء والمحتاجين في عمان والمحافظات، مشددًا على ضرورة أن يكون هناك دعم رسمي ومؤسسي لهذه المبادرات لضمان استمرارها وعدم اقتصارها على فترات معينة.
وذكر أنه مع تراجع موائد الرحمن ظهرت بدائل أخرى للدعم أبرزها تقديم المساعدات النقدية للأسر المحتاجة، أو توزيع الطرود الغذائية التي تتيح للعائلات شراء احتياجاتها الخاصة، قائلًا أن هذه الطريقة قد تكون أكثر فعالية في بعض الحالات، حيث أنها تمنح الأسر حرية التصرف بما يتناسب مع احتياجاتها، بدلًا من الاكتفاء بوجبات جاهزة.
كما أوضح خويله أن البعض يخشى أن يؤدي غياب التنظيم إلى هدر هذه التبرعات أو إنفاقها في غير مواضعها، ما يجعل الحاجة ملحة لوضع آليات رقابة واضحة، مثل توزيع كوبونات شراء من متاجر معتمدة، لضمان توجيه الدعم للفئات المستحقة.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن موائد الرحمن لها دورًا اقتصاديًا غير مباشر، حيث تساهم في زيادة الطلب على المنتجات الغذائية وتنشط قطاع التجزئة والأسواق الشعبية، إضافة إلى خلق فرص عمل مؤقتة للطهاة والموزعين والمشرفين على تنظيم هذه الموائد، مؤكدًا أن تأثيرها يظل محدودًا بفترة زمنية قصيرة بسبب ارتباطها بأيام شهر رمضان فقط.
وأشار إلى أن هذه المبادرات تعزز التكافل الاجتماعي وتساعد الأسر ذات الدخل المحدود على تقليل إنفاقها خلال الشهر الفضيل، ما يساهم في ضبط ميزانياتها.
وبين أن اعتماد الموائد على المنتجات المحلية يعزز استهلاك السلع الوطنية، الأمر الذي يقلل جزئيًا من العجز التجاري ، معتقدًا أن استدامة هذا التأثير مرهونة بتحويل موائد الرحمن إلى نشاط مؤسسي مستدام يتجاوز الطابع الموسمي ليشمل دعم الأسر المحتاجة على مدار العام.