نبض البلد - أصدر المنتدى الاقتصادي الأردني ورقة حقائق بعنوان "توقعات المخاطر العالمية: اتجاهات متغيرة وتأثيرات محلية" عرض فيها للتحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن، مستندًا إلى تقرير المخاطر العالمية لعام 2025 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
وأكد المنتدى في بيان اليوم الثلاثاء، أن البطالة والافتقار للفرص الاقتصادية هما أبرز هذه المخاطر، ما يؤكد الحاجة الملحة لتسريع تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي التي تركز على تحفيز النمو وجذب الاستثمارات كثيفة العمالة، للمساهمة في خلق فرص عمل مستدامة تخفف من حدة البطالة وتدعم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
وفي هذا الإطار، أشاد المنتدى بالخطوات الاقتصادية العديدة التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية، مؤكدا أنها خطوات مهمة في تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحفيز النمو.
ومع ذلك، يرى المنتدى أن هذه الخطوات قد لا تكون كافية لمواجهة المخاطر المذكورة في تقرير المخاطر العالمية لعام 2025، خاصة فيما يتعلق بقضية البطالة، التي ما تزال تمثل التحدي الأكبر الذي يواجه الاقتصاد الأردني.
وشدد على أن مواجهة هذه المخاطر تتطلب استراتيجية واضحة لاستقطاب استثمارات تعتمد على الكثافة العمالية، بحيث يكون التركيز على جذب المشاريع التي توفر فرص عمل مستدامة وتدعم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
ودعا الى إعادة تقييم الأولويات الاستثمارية، بحيث تتجه الجهود نحو استقطاب استثمارات قادرة على استيعاب أعداد كبيرة من العمالة، ما يسهم في تخفيض معدلات البطالة وتحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة، لافتا إلى أن تراجع تصنيف مخاطر الدين العام لا يعني زوال التحديات الاقتصادية، بل يستوجب تكثيف الجهود لتعزيز الإصلاحات الهيكلية، وتحسين بيئة الأعمال، وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال كركائز أساسية لتعزيز مرونة الاقتصاد الوطني.
وأشار المنتدى إلى أن نقص إمدادات المياه يشكل تحديًا رئيسا يستوجب تسريع الاستثمارات في مشاريع الأمن المائي والاستدامة البيئية، لضمان استقرار القطاعات الحيوية ودعم التنمية طويلة الأجل.
وأكد أن التحولات الجيوسياسية في المنطقة وتداعياتها على سلاسل التوريد وأسواق الطاقة تتطلب نهجًا استباقيًا لتعزيز القدرة على الصمود الاقتصادي، من خلال تنويع مصادر الطاقة، وتعزيز التكامل الإقليمي، والاستثمار في البنية التحتية الرقمية، بهدف ضمان استدامة القطاعات الحيوية وتعزيز تنافسية الاقتصاد الأردني.
وأوضح أن التعامل مع هذه المخاطر يستوجب تخطيطًا استراتيجيًا وتعاونًا وثيقًا بين القطاعين العام والخاص لتحويل التحديات إلى فرص تعزز النمو الاقتصادي.
وشدد على ضرورة الاستثمار برأس المال البشري عبر تطوير برامج تدريبية متقدمة، وتعزيز التعليم التقني والمهني، وتهيئة بيئة تنظيمية تشجع على الاستثمارات طويلة الأجل، لا سيما في القطاعات الإنتاجية والصناعات التحويلية التي وردت في رؤية التحديث الاقتصادي لدورها المحوري في توفير فرص عمل واسعة وتقليل مستويات البطالة، بما يسهم في تحقيق عدالة اقتصادية واجتماعية.
وأكد المنتدى أن دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ضمن هذه القطاعات سيسهم في زيادة الإنتاجية وتعزيز التنمية الاقتصادية الشاملة..
وركّز تقرير المخاطر العالمية لعام 2025 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي والذي استند الى استطلاع رأي شمل أكثر من 900 خبير من مختلف القطاعات بما في ذلك الأوساط الأكاديمية، وقطاع الأعمال، والحكومات، والمنظمات الدولية، والمجتمع المدني، على تطور مشهد المخاطر التي قد تواجه الدول عالميًا على المديين القصير والطويل، وفقًا لآراء الخبراء الذين شاركوا في الاستطلاع خلال الفترة من أيلول - تشرين الأول 2024.
ووفقًا للتقرير، تم تعريف المخاطر العالمية بأنها أحداث أو ظروف غير مؤكدة قد يكون لها تأثيرات سلبية كبيرة على البلدان أو الصناعات خلال السنوات العشر المقبلة.
وتغطي هذه المخاطر مجموعة واسعة من التحديات الاقتصادية، والبيئية، والتكنولوجية، والاجتماعية، والجيوسياسية، وتسلط الضوء على الطبيعة المترابطة لهذه المخاطر، حيث يمكن أن يؤدي وقوع إحداها إلى تفاقم أخرى، ما يزيد من تعقيد التعامل معها محليًا وعالميًا ويستدعي استراتيجيات مرنة للتكيف والتخفيف من آثارها.
وفيما يتعلق بالأردن، أظهرت نتائج التقرير أن البطالة والافتقار إلى الفرص الاقتصادية تعد أكبر المخاطر التي قد تؤثر على المملكة خلال العامين (2025-2026)، وفقًا لتقديرات الخبراء، يليها التضخم، ثم الركود الاقتصادي بينما جاء نقص إمدادات المياه والدين العام في المرتبتين الرابعة والخامسة من حيث مستوى الخطورة.
وتعكس هذه التوقعات استمرار التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن منذ أكثر من عقد، حيث تتركز المخاطر المستقبلية حول قضايا اقتصادية هيكلية تؤثر على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
وبيّن المنتدى أنه عند تتبع تطور المخاطر التي توقع الخبراء أن تؤثر على الأردن خلال الفترة 2022-2025 وفقًا للإصدارات السابقة من تقرير المخاطر العالمي، يتضح أن المخاطر الاقتصادية كانت الأكثر تهديدًا واستمرارية، فقد تصدرت الأزمات المرتبطة بـالدين العام، البطالة، التضخم، والركود الاقتصادي قائمة التحديات المتوقعة، ما يعكس استمرار الضغوط الاقتصادية التي يواجهها الأردن.
ومع ذلك، فقد تراجعت مخاطر الدين العام في تقرير 2025 إلى المرتبة الخامسة بعد أن كانت في المرتبة الثانية في 2024، ما قد يشير إلى تغير أولويات المخاطر العالمية أو تحسن نسبي في إدارة الدين العام لكنه لا يلغي التحديات الكبيرة التي لا تزال قائمة في هذا المجال.
وأكد المنتدى أن تحليل هذه المخاطر يُظهر تداخل العوامل الاقتصادية والبيئية والجيوسياسية في تشكيل أولويات المخاطر لكل دولة، ما يتطلب استراتيجيات وطنية وإقليمية للتعامل معها، مشددا على أهمية تعزيز القدرة على التكيف الاقتصادي، والاستثمار في القطاعات الإنتاجية والمستدامة لضمان نمو اقتصادي متوازن ومستدام يعزز من قدرة الاقتصاد الأردني على مواجهة التحديات المستقبلية.