نبض البلد - انتشار تعاطي المخدرات بين جنود الاحتلال وتأثيره على وحشية القتال
الشوبكي: زيادة استهلاك المخدرات والأدوية بنسبة 25% بعد 7 أكتوبر
جبر: الإحتلال هش ولا يمكن التعويل عليه .. والمجندون يتعاطون المخدرات لتعزيز وحشية القتال
الأنباط – رزان السيد
أثارت التقارير الأخيرة عن انتشار تعاطي المخدرات بين صفوف جنود الاحتلال الإسرائيلي تساؤلات حول تأثير هذه الظاهرة على سير الحروب وطبيعة القتال، إذ أظهرت شهادات العديد من الجنود المقاتلين في فيدويوهات مصورة نشرت على وسائل التواصل الإجتماعي، أن تعاطي المخدرات، بما في ذلك المسكنات والمحفزات، أصبح جزءا من أساليب التحفيز داخل الوحدات العسكرية أن هذه العقاقير تستخدم لتعزيز غريزة القتل، وزيادة القدرة على تحمل الضغط النفسي، مما يساهم في القتال بوحشية دون شعور بالمسؤولية الأخلاقية، وبينما تزايدت حالات الإدمان، انعكست هذه الظاهرة على طبيعة الصراعات العسكرية وأدت إلى تعميق الانتهاكات ضد المدنيين.
ومن المعروف أن الجيش الإسرائيلي يعتمد بشكل كبير على الخدمة العسكرية الإلزامية، إذ يطلب من جميع الشبان والشابات في إسرائيل الانضمام إلى صفوف الجيش في سن مبكرة، لذا تزداد الضغوط النفسية والجسدية على المجندين، بما في ذلك المجندات، وفي بعض الحالات، تلجأ بعض المجندات إلى تعاطي المخدرات كوسيلة للتعامل مع الضغوط النفسية والتوتر الناتج عن البيئة العسكرية الصعبة.
ووفقا للمؤشرات فإن الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر والذي شهد توافد حركة حماس على الحدود الإسرائيلية، كان له تأثيرات كبيرة على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، هذا الهجوم الذي حمل مفاجأة استراتيجية وأمنية واسعة، تكشفت تباعا آثار هذا الحدث فيما يتعلق بالاستعدادات والجاهزية الدفاعية لدى الإحتلال، إذ يمكن أن يكون لتعاطي المخدرات تأثير كبير على قدرة الجنود على أداء الواجبات العسكرية بشكل فعال، خاصة في الظروف الطارئة والقتالية.
وفي هذا الجانب قال الخبير الأمني والسياسي محسن الشوبكي، بأن هناك جملة حقائق تبرز بخصوص انتشار وتزايد استهلاك المخدرات والأدوية داخل أفراد الكيان الصهيوني، إذ اكدت الدراسات بوجود صلة بين التعرض غير المباشر بهجوم 7 أكتوبر، وبين ارتفاع استهلاك المخدرات والأدوية بنسبة 25% بمضي 1 مقابل 4 اسرائيليين استخدموا ادوية إدمان، مقارنة مع النسبة ما قبل الهجوم والتي كانت 1 مقابل 7.
وأكد الشوبكي خلال حديثه لـ "الأنباط" بأن الإدمان بتعاطي المخدرات والأدوية لم يشمل الجنود المقاتلين في غزة، بل شمل شرائح كبيرة من مجتمع الكيان الصهيوني، مثل أهالي الجنود أو المناطق المحاذية والقريبة لقطاع غزة، بالإضافة الى أن الأدوية والمسكنات والحبوب التي تصرف من خلال وصفات طبية وهي بنسب عالية، كما أن الكيان معروف دوليا بأنه الأكثر صرفا لهذه المسكنات، وانتشار المخدرات غير المشروعة قانونيا، وتعاطي الكحول، أو لعب القمار كجزء من الإدمان، مشيرا الى أن هذا الإدمان يستهدف عادة معالجة الضغط النفسي، النسيان، الإكتئاب، الخوف، القلق.
ومن جانب آخر، أوضح الشوبكي أن إدعاءات جنود الكيان الصهيوني الذين حاربوا في غزة، وخاصة الوحدات الأمامية المقاتلة حول وجود إنتشار واضح للمخدرات داخل الوحدات العسكرية والترويج لها، تحت علم الجيش الصهيوني، إذ يشير الى جملة من الحقائق المتمثلة في أن الكيان غير معتاد على القتال في مناطق صعبة، وكذلك طول أمد هذه المعارك، إذ يعني ذلك إمكانية نشر هذه المخدرات في أوساط الجنود بهدف تعزيز غريزة القتل، وعدم الشعور بالمسؤولية الأخلاقية، إضافة الى الصبر على هذه الحرب ونسيان أي مخاوف في يشعر بها الجنود، وأن يقاتلوا بلا توقف.
واختتم حديثه بأن كافة شرائح المجتمع الصهيوني قد زاد من نسب استهلاكه للمسكنات والمنوم والمخدرات والكحول، وهذا ما شكل حالات إدمان خطيرة، بدورها انعكست بشكل واضح على الأرقام الكبيرة بإتجاه الإنتحار والتخلص من الحياة.
أما أستاذة العلوم السياسية والمختصة بالشأن الفلسطيني الدكتورة أريج جبر، أشارت الى أن الكيان المحتل رسم لنفسه صورة الجيش الذي لايقهر، وخاصة مع حيازته المرتبة 17 على صعيد العالم، حسب مؤشر "غلوبال فاير باور"، ولكن أحداث طوفان الأقصى بددت هذا الوهم وجل الحقائق والأرقام، وأثبتت عمليًا أن الجيش التابع للكيان الصهيوني كرتوني وهش لا يمكن التعويل عليه، ولولا دفع العالم الغربي والدعم الأمريكي بالسلاح التدميري لسقط سريعا هذا الكيان.
وتابعت جبر إن أمام امتداد عمر المعركة نحو ٤٧٠ يوم تم فيها دعوة الاحتياط للعمل وتفعيل دوره دون أي تهاون، هذا ما دفع المجندات والجنود للتعاطي بإسفاف تام، وخاصة تلك العقاقير التي تسهم في تعزيز حالة اليقظة وتحول من يتعاطها أشبه بالوحوش البشرية، وهذا ما أثبتته الوقائع عمليا التعطش للقتل والموت والتدمير دون تلقي أية تعليمات من القيادة العسكرية، وكأن هناك ثأر شخصي للمجندات والمجندين في غزة والضفة كذلك، مشيرة الى أن هذا الأمر والتعاطي لا ينطبق فقط على الفئة السالفة، إذ تشير التقارير والمعلومات إلى ارتفاع نسبة التعاطي بين قطعان المستوطنيين، وإدمان المخدرات من شأنه تعزيز سلوكهم الإجرامي وتغييب الحس الإنساني أو القدرة على التمييز بين الأعيان المدنية وسواها.
وبحسب التصريحات الإسرائيلية وبعد انتشار المعلومات المتعلقة بالتعاطي، أوضحت جبر بأن الكيان المحتل قام بتشريح جثة الشهيد يحيى السنوار، للتأكد من التهم التي لفقت إليه بالتعاطي، وتبين تماما خلو جسده من أية أثار للكحول أو المخدرات والعقاقير المنبهة، مؤكدة إن صلابة المقاومة والمقاتل الفلسطيني تأتي من إيمانه بعدالة قضيته وحقه بالتحرر والاستقلال ولامتلاكه عقيدة إيمانية تثبتهم في ساحة المعركة، خلافًا للأمر الحادث بين صفوف الجنود لدى الكيان الذين يعملون بصفة وظيفية وبلغة الإجبار دون أن يكون لهم أية روابط بالأرض أو الهدف.