الأردن صمام أمان المنطقة وحارس الهوية الفلسطينية والمقدسات

نبض البلد -

الأنباط – محمد شاهين

في ظل تصاعد الأزمات الإقليمية والدولية، يبرز الأردن كقوة رئيسية تسعى للحفاظ على الهوية الفلسطينية وحماية المقدسات، مستندًا إلى إرث تاريخي ودور دبلوماسي محوري.

في مقابلة لـ"الأنباط" مع المحلل السياسي الوزير الاسبق المهندس حازم قشوع، في برنامج "قراءة المشهد"، تم تسليط الضوء على الأدوار الأردنية الراسخة، والتحديات التي تواجه المملكة، والمسارات المستقبلية للقضية الفلسطينية.
بدأ قشوع حديثه بالتأكيد على مركزية الوصاية الهاشمية التي تُعد حجر الزاوية في العلاقة الأردنية بالقدس.
وأوضح: "الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى عام 1924، عندما تم تكريس هذا الدور كجزء من الإرث التاريخي والوطني للأسرة الهاشمية".
وأشار إلى أن هذه الوصاية تحظى باعتراف دولي واسع، وتعد رمزًا للحفاظ على المقدسات، خاصة في ظل محاولات التهويد المستمرة.

وأضاف: "جميع قرارات الشرعية الدولية تؤكد أن القدس الشرقية جزء من الأراضي المحتلة عام 1967، ما يدعم الموقف الأردني قانونيًا وسياسيًا، مشددًا على أهمية استمرار هذا الدور في ظل التحديات الإسرائيلية المتصاعدة".
وحول الوضع الراهن، أوضح أن السياسات الإسرائيلية تشكل تحديًا غير مسبوق، حيث تسعى إلى بسط سيطرتها الكاملة على الضفة الغربية والقدس الشرقية، مدفوعة بأيديولوجيات دينية متطرفة وأجندات توراتية.
وقال: "تصريحات قادة الاحتلال بشأن السيطرة الكاملة على الضفة تعكس خطورة المرحلة الحالية، خاصة مع وجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة تسعى إلى تغيير الوضع القائم في القدس".
كما أشار إلى أن هذه السياسات لا تقف عند حدود التصريحات، بل تشمل إجراءات عملية مثل التوسع الاستيطاني، وهدم المنازل، والاعتداءات المتكررة على المقدسات، بما فيها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة..
ولم يغفل قشوع الحديث عن التأثير الأمريكي على الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن قرارات إدارة الرئيس دونالد ترامب السابقة، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، زادت من تعقيد المشهد السياسي.
وأضاف: "هذه القرارات شكلت انتكاسة للجهود الدولية لحل الصراع وأضعفت فرص السلام، لكنها لم تلغِ الحقوق التاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني".
وأكد أن القانون الدولي لا يزال داعمًا للقضية الفلسطينية، مستشهدًا بالمواقف المتوازنة التي أظهرتها دول كبرى مثل فرنسا وبريطانيا في مجلس الأمن.
كما أشاد بمواقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي وصفه بأنه صوت القانون الدولي في مواجهة السياسات الإسرائيلية.
وحول الدور الأردني، قال قشوع إن الأردن يواصل لعب دور استراتيجي على المستويين الإقليمي والدولي. وأوضح أن المملكة بقيادة الملك عبد الله الثاني كانت ولا تزال "صمام الأمان للمنطقة العربية، إذ أن أي تهديد لاستقرار الأردن يعني تهديدًا لاستقرار المنطقة بأسرها".
وأشار إلى أن الدبلوماسية الأردنية تحظى بتقدير دولي، إذ تمكنت من تعزيز موقف المملكة كحامٍ للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وكداعم رئيسي للقضية الفلسطينية.

كما أشاد بمبادرات الأردن، مثل إطلاق الملك عبد الله الثاني حملة الإغاثة الجوية لدعم غزة، واصفًا إياها بأنها موقف إنساني ودبلوماسي فريد.
في السياق الفلسطيني الداخلي، تحدث قشوع عن تأثير الانقسام بين حركتي فتح وحماس على القضية الفلسطينية، معتبرًا أنه يشكل عائقًا أمام تحقيق المصالحة الوطنية. وأوضح أن الاختلاف بين الحركتين يتمثل في الأدوات المستخدمة لتحقيق الهدف المشترك، حيث تعتمد حماس النهج العسكري بينما تتبنى فتح نهجًا أكثر دبلوماسية.
وأضاف: "الانقسام يضعف الموقف الفلسطيني أمام العالم ويقلل من فرص تحقيق تقدم سياسي أو ميداني. يجب التوفيق بين الواقعية والحقيقة لتحقيق المصالحة والارتقاء بالجهود الفلسطينية".
وتطرق إلى صمود الشعب الفلسطيني، مشددًا على أن القضية الفلسطينية أصبحت رمزًا عالميًا للحرية، مثل نضال نيلسون مانديلا وحركة التحرر في الجزائر.
وقال : "الشعب الفلسطيني أثبت أنه لن يموت، وأن حقوقه لن تُطمس مهما طال الزمن"، مؤكدًا أنَّ فلسطين ليست قضية سياسية فقط، بل إنسانية وأخلاقية.
وعلى الرغم من تعقيدات المشهد، دعا قشوع إلى استمرار السعي نحو حلول سلمية، مستشهدًا بتجارب نضالية ناجحة مثل حركة غاندي في الهند. وأكد أن الحفاظ على المبادرات العربية مثل مبادرة السلام العربية يعد ضرورة استراتيجية في ظل التغيرات الجيوسياسية.
كما شدد على أهمية تفعيل الدعم الشعبي والرسمي العربي للقضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن التنسيق العربي والإسلامي يمثل خط الدفاع الأول أمام السياسات الإسرائيلية.
اختتم قشوع حديثه بالتأكيد على أن الأردن سيبقى مدافعًا عن الحقوق الفلسطينية وحاميًا للمقدسات، مستندًا إلى إرثه التاريخي ودوره الإقليمي والدولي.

كما أشاد بجهود الإعلام الأردني في نقل الحقائق والدفاع عن القضايا الوطنية، معتبرًا أن الإعلام يمثل ركيزة أساسية في تعزيز الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية.