المنتدى الاقتصادي والتخطيط يناقشان تعزيز الاقتصاد الدائري

نبض البلد -

ناقش المنتدى الاقتصادي الأردني في ورشة عمل حوارية بالشراكة مع وزارة التخطيط، اليوم الثلاثاء، تعزيز الاقتصاد الدائري الوطني وتبني ممارساته مع التركيز على قطاعي معالجة الأغذية والمشروبات وقطاع البلاستيك والتغليف.

وأكد رئيس المنتدى مازن الحمود خلال افتتاح الجلسة أهمية التركيز على تأثيرات السياسات الاقتصادية على المواطن الأردني وسوق العمل، موضحا أن المنتدى يعمل على متابعة وتحليل القرارات الصادرة عن الحكومة التي تمس الجوانب الاقتصادية، ويقدم رؤى تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن المنتدى يسعى الى فهم الأرقام الاقتصادية مثل معدلات التضخم والسياسات النقدية وتأثيرها على الحياة اليومية للمواطن.

وشدد الحمود على أن الاقتصاد ليس مجرد أرقام إيجابية أو بيانات معقدة، بل يتمثل نجاحه بقدرته على توفير فرص عمل وتحسين معيشة المواطنين، لافتًا إلى أن أي قياس للنجاح الاقتصادي يعتمد في النهاية على تأثيره المباشر على سوق العمل، خاصة في ظل التحديات المتعلقة بمعدلات البطالة المرتفعة.

 

وأشار الحمود إلى أن ورشة العمل جاءت تتويجًا لأشهر من العمل مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي وشركاء من مختلف الجهات المعنية من أجل تقديم دراسة شاملة وتوصيات عملية تسهم في التعامل مع الوضع الاقتصادي الحالي، وتقديم حلول قابلة للتنفيذ، مؤكدا التزام المنتدى بدوره في تقديم دراسات تسهم في تحسين الواقع الاقتصادي وتعزيز فرص العمل في المملكة، وبما يخدم مصلحة المواطن الأردني.

 

من جهته، أكد مساعد الأمين العام بوزارة التخطيط أحمد الحويان، ان ورشة العمل التشاورية تأتي في إطار الجهود الوطنية لتعزيز مبادئ الاقتصاد الدائري كإحدى الركائز الأساسية لرؤية التحديث الاقتصادي، مشيرا الى أن هذه الفعالية تسلط الضوء على دراسة "المتطلبات الأساسية للنظام الاقتصادي الداخلي على المستوى الوطني" والتي ينفذها المنتدى الاقتصادي بدعم من الوزارة.

 

وأشار إلى أن المنتدى، كجهة مستقلة، يضطلع بدور محوري في رصد المؤشرات والتطورات الاقتصادية والمالية، ومتابعة نمو القطاعات المختلفة، بما يعزز من تطوير الاقتصاد الوطني، موضحا أن هذه الورشة تنعقد في وقت يزداد فيه الاهتمام الدولي بالتداعيات الاقتصادية والتنموية للتغير المناخي الذي يؤثر سلبًا على مختلف مناحي الحياة.

 

وأضاف، إن الانتقال إلى نظام الاقتصاد الدائري يمثل استجابة فعالة لهذه التحديات، مشددًا على أن رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقت برعاية جلالة الملك عبدالله الثاني عام 2022، وضعت الاقتصاد الدائري ضمن أولوياتها.

 

وأوضح أن رؤية التحديث الاقتصادي تضمنت مبادرة لتحفيز معايير وممارسات الاقتصاد الدائري في الأنشطة الصناعية، خصوصًا ضمن المحرك السابع، مع التركيز على المجمعات الصناعية البيئية، مشيرا إلى أن البرنامج التنفيذي للأعوام 2023-2025 يتضمن إعداد معايير محددة لدعم هذه الأولوية.

 

وأوضح أن الاقتصاد الدائري يهدف إلى تحقيق الاستدامة عبر تقليل النفايات وزيادة كفاءة استخدام الموارد، لافتا الى أن "هذا المفهوم ليس مجرد استراتيجية اقتصادية، بل هو رؤية شاملة تهدف إلى خلق توازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، مع تحقيق أقصى استفادة من الموارد".

 

وقال، إن العديد من الدول، مثل ألمانيا، تركيا، والإمارات، تبنت نهج الاقتصاد الدائري لتحسين كفاءة الموارد وتقليل الانبعاثات، مشيرا إلى خطوات الأردن في هذا المجال، بما في ذلك إقرار قانون المسؤولية الممتدة للمنتجين وتعزيز البنية التحتية لتدوير النفايات، وتشجيع الشراكات مع القطاع الخاص.

 

وأكد الحويان أن القطاعات الواعدة، مثل الصناعات التحويلية وإدارة النفايات، توفر فرصًا كبيرة لخلق وظائف جديدة وتعزيز الابتكار.

 

واشار إلى الدعم الدولي الذي يحظى به الأردن لتحقيق أهداف النمو الأخضر، موضحا أن المنحة التي وُقعت عام 2022 بقيمة 40 مليون يورو، تمثل خطوة لدعم خطط النمو الأخضر للأعوام 2021-2025، والمساعدة على الانتقال إلى اقتصاد أكثر استدامة.

 

وأشاد بالتقرير القطري للمناخ والتنمية الصادر عن البنك الدولي، الذي يقدم خارطة طريق واضحة لتعزيز مرونة الاقتصاد الأردني وتقليل الانبعاثات الكربونية، مؤكدا أن هذه الجهود تتطلب تضافر الجهود الوطنية والدولية لتحويل التحديات إلى فرص حقيقية تدعم مسيرة التنمية المستدامة في المملكة.

 

وأكدت رئيسة قسم الدراسات والبحوث في المنتدى الاقتصادي الأردني براء الدميسي، أن الورشة تأتي ضمن رؤية استراتيجية تسعى إلى تحويل التحديات الاقتصادية الوطنية إلى فرص حقيقية للنمو والتطور، موضحة أن الاقتصاد الوطني يواجه تحديات كبيرة، أبرزها معدلات النمو المنخفضة، وارتفاع نسب البطالة والفقر، وزيادة المديونية الحكومية، إلى جانب التقلبات المستمرة في الأسواق العالمية، لكنها شددت على أن الحلول لهذه التحديات ممكنة لتجاوزها ومن هذه الحلول "الابتكار هو المفتاح".

 

وأشارت الدميسي إلى ان مشروع "الحوار الوطني في قطاع الاقتصاد الدائري" ليس مجرد مبادرة، بل خطوة عملية تهدف إلى إحداث تحول حقيقي في طريقة التفكير، التخطيط، والإنتاج"، مؤكدة أن المشروع يركز على إعادة هيكلة شاملة للنظام الاقتصادي ليصبح أكثر استدامة، بما يحقق استجابة فعالة للضغوط البيئية والاجتماعية.

 

وقالت، إن المشروع سيشمل قطاعات حيوية مثل التصنيع، الزراعة، والطاقة، مع التركيز على تقييم تبني الشركات الأردنية للممارسات الدائرية، من تحسين كفاءة استخدام الموارد إلى إدارة النفايات وإعادة التدوير.

 

وأضافت، إن الاقتصاد الدائري ليس مجرد نظرية، بل نموذج اقتصادي يُطبق بنجاح في العديد من الدول، مشيرة الى أن الأردن، بموارده المحدودة وتحدياته البيئية، في موقع مثالي لتبني هذا النهج، الذي يمكن أن يحول التحديات إلى فرص اقتصادية تدعم النمو الوطني.

 

وأوضحت أن المشروع يعتمد على أدوات عملية تشمل استطلاعات رأي، وورش عمل تفاعلية، ومقابلات مع أصحاب المصلحة، بهدف وضع خارطة طريق واضحة وقابلة للتنفيذ لتعزيز وعي الشركات والمجتمع بأهمية الاقتصاد الدائري.

 

وخلال جلسة نقاشية بعنوان "ممارسات الاقتصاد الدائري الحالية ونتائج الدراسة"، أدارها المهندس عودة الدباس، وتحدث فيها المهندس علاء محمود أبو خزنة، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأردن، والرئيس التنفيذي لمؤسسة الخليج الفنية الصناعية، ومحمد عمايرة، المدير التنفيذي لدائرة الاستقرار المالي في البنك المركزي الأردني، والدكتور يوسف العبداللات، مساعد رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها، قدم المشاركون عرضًا شاملًا للواقع الحالي لممارسات الاقتصاد الدائري في الأردن، استنادًا إلى دراسة حديثة يجريها المنتدى، شملت عينة أولية 20 مصنعا، يعمل فيهم موظفون بحد يصل إلى 100 موظف. وأظهرت الدراسة أن نحو 36 % فقط من المصانع في الأردن تعتمد ممارسات مرتبطة بالاقتصاد الدائري.

 

ومن بين المحاور الرئيسية التي تمت مناقشتها استهلاك الطاقة والمياه، واستخدام الطاقة الشمسية أو أنظمة إعادة استخدام المياه، كما سلطت الجلسة الضوء على إدارة النفايات في العديد من المصانع، حيث أظهرت الدراسة وجود فرص كبيرة لتعزيز ممارسات الاقتصاد الدائري في الأردن، وركزت على القطاعات الواعدة مثل الصناعات التحويلية وإدارة النفايات، التي تمتلك إمكانات لخلق فرص عمل جديدة ودعم الابتكار الاقتصادي، كما تم تسليط الضوء على تجارب دولية ناجحة، مثل استخدام البلاستيك المعاد تدويره في الإنتاج، واعتماد الطاقة النظيفة بشكل واسع.

 

وأكد المشاركون أهمية الاستفادة من نتائج الدراسة كخطوة أولى نحو وضع خارطة طريق واضحة تدعم تحول المصانع إلى ممارسات أكثر استدامة.

 

وأشاد المهندس الدباس بالدور الذي تلعبه الجلسات التشاورية في تسليط الضوء على التحديات ووضع حلول عملية تعزز من تنافسية الاقتصاد الوطني وتحقيق الاستدامة البيئية والاجتماعية.

 

واختتمت الجلسة بدعوة جميع الأطراف المعنية إلى المشاركة الفاعلة في تعزيز الاقتصاد الدائري، لما له من تأثير إيجابي على استدامة الموارد، خلق فرص العمل، ودعم الاقتصاد الوطني.