نبض البلد - الأنباط - محمد رصرص
في ظل فرض الحكومة لضريبة جديدة على منتجات التبغ، تتجلى انعكاسات هذا القرار على قطاع واسع من التجار وأصحاب المقاهي، الذين باتوا يواجهون ضغوطات اقتصادية كبيرة. وبينما أكدَّت الحكومة أن هذه الخطوة تأتي بهدف الحد من الأضرار الصحية للتدخين الذي بات يسجل نسب إصابة متزايدة بالأمراض المزمنة بين المواطنين، إلّا أن تداعيات القرار على القطاع التجاري المعني أثارت استياءً واسعًا بين العاملين فيه.
يُشير العديد من التجار إلى أن القرار أدى إلى انخفاض حاد في المبيعات، حيث أكدَّ بعضهم أنَّ المبيعات تراجعت بنسبة وصلت إلى 50%، مشيرين إلى أن المستهلكين الذين كانوا يشترون المعسل بالكيلوغرام، أصبحوا يلجأون لشراء كميات أصغر، تُقدر بنصف دينار أو دينار واحد فقط، الأمر الذي يعكس تغيّرًا ملموسًا في أنماط الشراء وسلوك المستهلكين. وقد دفع ذلك التجار إلى إعادة النظر في أساليب البيع، بعد أن باتَ كثيرًا منهم يشعرون بصعوبة الاستمرار في العمل بهذه الطريقة في ظل تراجع الإيرادات.
كما أن المقاهي، التي تعتمد بشكل رئيسي على تقديم المعسل ضمن خدماتها، شهدت تراجعًا ملحوظًا في حجم مبيعاتها، مما ألقى بظلاله على أرباحها الشهرية، وهدد استقرار أعمالها. ولم يقتصر التأثير على الزبائن المحليين فقط، بل امتد ليشمل شريحة المغتربين والسياح الذين كانوا يأتون إلى الأردن لشراء المعسل بسبب فارق السعر مقارنة ببلادهم. إذ بات هؤلاء الزبائن يفضلون عدم الشراء نتيجة تساوي الأسعار تقريبًا، ما تسبب بفقدان السوق الأردني لهذه الفئة من المستهلكين التي كانت تشكل دعامة مهمة للتجار.
وأمام هذه التحديات، ناشد عدد من التجار الحكومة بإعادة النظر في هذا القرار، ودعوا إلى إيجادِ حلولٍ تُراعي أوضاعهم وتخفف من الأثر السلبي الكبير الذي لحق بهم وبأنشطتهم التجارية. ويؤكد التجار أن قطاع التبغ والمعسل يوفر فرص عمل لعدد كبير من العاملين ويدعم أسرهم، مشددين على أن فرض ضريبة جديدة بهذا الحجم يشكل تهديدًا حقيقيًا لاستمرارية هذا القطاع وقد يدفع البعض إلى الإغلاق التام في حال استمرار التراجع في المبيعات.
وفي الوقت الذي تمضي فيه الحكومة بتبرير القرار كإجراء ضروري للحد من التدخين وتحسين صحة المواطنين، تبقى الفجوة واضحة بين الأهداف الصحية التي تطمح الحكومة إلى تحقيقها، وبين التبعات الاقتصادية التي باتَ التجار يعانون منها بشكل يومي. ويبدو أن هناك حاجة ماسَّة لفتح حوار بين الحكومة والتجار للبحث عن حلولٍ وسط تضمن الحفاظ على صحة المواطنين من جهة، وتساعد التجار على تجاوز هذه الأزمة من جهة أخرى، بما يحقق التوازن بين الجانب الصحي والجانب الاقتصادي.