أ.د. خلف الطاهات
في خطوة جريئة وغير مسبوقة على مستوى الخليج العربي، أطلق الشيخ عبد الله آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام ورئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، مبادرة لمكافحة الذباب الإلكتروني، التي لاقت تفاعلاً واسعاً وتأييداً كبيراً في دول الخليج. هذه الحملة تهدف إلى تنظيف الفضاء الرقمي من الحسابات الوهمية والمسيئة، التي تنشر الفتنة والشائعات بين أبناء المجتمع الواحد. وتعتبر هذه المبادرة خطوة مهمة نحو تعزيز السلم الاجتماعي والحد من تأثيرات الذباب الإلكتروني الذي يعمل على زعزعة الأمن والاستقرار.
انطلقت الحملة من تغريدة للشيخ عبد الله آل حامد على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، دعا فيها إلى حظر كل من يسيء لأي عربي على الإنترنت، مشيراً إلى ضرورة تجاهل "السفهاء" الذين يستغلون المنصات الرقمية للنميمة وإثارة الفتنة. استخدمت الحملة هاشتاغات مثل "أوقفوا الإساءات" و"تبليك بدون تعليق"، التي أظهرت حجم التفاعل الواسع والتأييد للحملة. هذا التفاعل لم يقتصر على الإمارات فقط، بل امتد إلى دول خليجية أخرى كالسعودية وقطر والكويت والبحرين، التي وجدت في هذه المبادرة أداة مهمة لمواجهة الذباب الإلكتروني والحسابات الوهمية.
المبادرة الإماراتية تأتي في وقت حساس، حيث ازداد تأثير الذباب الإلكتروني على الرأي العام الخليجي والعربي بشكل عام، مستغلًا الظروف السياسية والاقتصادية لإثارة النزاعات والخلافات. لقد استطاع الذباب الإلكتروني لفترات طويلة نشر الفتنة بين أبناء المجتمع الخليجي، مما جعل الحاجة إلى مثل هذه المبادرة أمراً ملحاً. المبادرة الإماراتية لم تكن مجرد رد فعل عابر، بل إعلان حرب ضد كل من يحاول زعزعة الأمن الاجتماعي واستهداف وحدة النسيج المجتمعي.
الإعلام الخليجي، بمؤسساته المختلفة، تفاعل مع الحملة بشكل واسع، حيث تم تسليط الضوء عليها في المقالات والتحليلات الإعلامية. ودعت هذه المؤسسات إلى ضرورة تبني الحملة على مستوى أوسع نظراً لدورها الحيوي في مواجهة الحسابات المزيفة التي تهدف إلى نشر المعلومات المغلوطة وإثارة الفوضى في المجتمعات.
الأردن، كما دول الخليج، يتعرض لذات الظاهرة، حيث يعمل الذباب الإلكتروني على استهداف مواقفه السياسية، خاصة فيما يتعلق بدعمه للقضية الفلسطينية ودوره الإقليمي في المنطقة. وتتعرض العديد من الشخصيات السياسية والإعلامية الأردنية لهجمات إلكترونية منظمة تهدف إلى تشويه مواقفها وإضعاف تأثيرها في الرأي العام العربي.
من هنا، تأتي أهمية استفادة الأردن من هذه المبادرة الخليجية، عبر تبني آليات مماثلة لمكافحة الذباب الإلكتروني، الذي يسعى إلى زرع الفتن بين أبناء المجتمع الأردني. الأردن لديه تجربة طويلة في مواجهة التحديات الإقليمية، ويعتبر استهدافه جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تقويض دوره في المنطقة. لذلك، يعتبر تعزيز الوعي الرقمي والتفاعل السريع مع الحملات الإلكترونية المسيئة ضرورة وطنية، تسهم في حماية مواقفه السياسية وحفظ أمنه الاجتماعي.
تبني الأردن لمبادرة مشابهة قد يساهم في تعزيز جبهة الإعلام الوطني والدفاع عن مواقفه السياسية بشكل أكثر فعالية. ومن شأن هذه الخطوة أن تحسن من إدارة الحوارات العامة على منصات التواصل الاجتماعي، وتحد من قدرة الذباب الإلكتروني على نشر الفوضى.
كما أن التعاون مع دول الخليج في هذا المجال قد يعزز من الجهود الإقليمية المشتركة لمواجهة الذباب الإلكتروني، مما يسهم في تقوية التحالفات الإعلامية والسياسية في المنطقة. إن نجاح الإمارات في هذا المجال قد يكون نموذجاً يمكن للأردن الاستفادة منه لتعزيز وحماية الرأي العام من التأثيرات السلبية للحسابات الوهمية.
مبادرة الإمارات لمكافحة الذباب الإلكتروني تمثل خطوة مهمة نحو تنظيف الفضاء الرقمي الخليجي والعربي من الحسابات المسيئة والمزيفة التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار. هذه المبادرة ليست مجرد جهد فردي، بل هي دعوة للتضامن والتعاون الإقليمي لمواجهة هذه الظاهرة. والأردن، الذي يواجه تحديات مماثلة، يمكنه أن يستفيد من هذه التجربة لتعزيز جبهته الإعلامية وحماية مواقفه السياسية.