عيسى قراقع يكتب:تصفيق امريكي لدراكولا

نبض البلد -
تصفيق امريكي لدراكولا
بقلم: عيسى قراقع
هل رأيتم هذه المسرحية التي بثت على الفضاء العالمي يوم 24/7/2024، في الكونغرس الأمريكي؟ المجرم نتنياهو يخفي الوحش الصهيوني القابع في داخله ببدلة رسمية وغرافة، حركات بهلوانية غوغائية، يجأر بكل ما حملت عصور القمع من تعفن وفساد وإرهاب وبلطجة، اضاليل وخطابات ابادية، رائحة تفوح بالعنصرية والفاشية والوساخة، يحظى بتصفيق على مدار اكثر من ساعة في يوم الاحتفال الأمريكي بالجحيم الصهيوني.
هل رأيتموه كيف يحرك يديه ووجهه وجسمه كأنه في دبابة تقتحم رفح او خانيونس او مخيم نور شمس، يضرب في كل الاتجاهات، منفلتا من غابته الدينية والأيديولوجية الموحشة، يقطر كلامه بالدم واللحم والجثث الممضوغة والمدعوسة، يوجه قنابله الفتاكة التي وصلته من أمريكا الى قطاع غزة، يهدد العالم بأسره، يتحدى المحاكم الدولية ومؤسسات حقوق الانسان والرأي العام، يقصف البشرية بكل مبادئها وقيمها، يأكل ويهضم ويسلب ويذبح ويدمر ويحوس في المدينة خرابا وقتلا ولا يشبع، لا زال التصفيق حادا في قاعة الكونجرس الأمريكي، دعم واسناد وضحكات وتهليل، مزيدا من أطنان القنابل، مزيدا من الخنق والشنق، مزيدا من الماحقات الساحقات الكاسحات، لا تبقي شيئا على وجه الأرض في غزة يا نبي الظلام.
تصفيق امريكي لدراكولا ، مصاص الدماء، الخفاش الذي يشرب من دماء الضحايا، دراكولا الصهيوني منبع الفكر الأمريكي والاوروبي، ثقافة الافتراس والسادية الجنسية، تصفيق لبطل العالم السفلي، القواد والمتسلبط الذي ينفش ريشه وفاشيته وكراهيته ويكشر عن انيابه، ويستمر التصفيق والوقوف حتى تصير غزة ارضا بورا، حجارة ورمادا وهيكلا عظميا محترقا، تصفيق للطائرات والصواريخ والتهجير والتجويع والاعدامات والقنص ونشر الامراض الفتاكة، تصفيق لدراكولا العصر الحديث، لسلخ جلود الأطفال وطبخهم في النيران المصبوبة في قطاع غزة، تصفيق، لا توقفوا المذبحة حتى تتبخر الأجساد ويعود الظل الحجري في الزمن الجديد.
دراكولا في الكونغرس الأمريكي، الجميع من حوله يشعر بالخوف والذعر وبلا كرامة، دراكولا يجتث الخوف بالخوف والتخويف بالتخويف، يتصرف كأنه في يومه الأخير، خائف ان تقف الحرب، يتحدث كأنه مصاب بالهلوسة، فقد رأى في غزة موتى يعيشون بعد الممات، ورأى شعبا يحمل أحلامه واناشيده فوق الرفات، ورأى امرأة فلسطينية تضع مولودها بين قذيفتين فتنجب الحياة فوق صخور النسيان.
يزداد التصفيق الأمريكي والزبد والرغبة الجارفة المكبوتة في الانتقام، تصفيق، لا يريد ان يرى حضورنا خارج القاعة، الاعلام واليافطات والمقاومة، رغبة جارفة لشعب عظيم في البقاء، ولا يزال يهشم في خطابه الدنيا، صخب والتهام للجثث، ولن ينتهي خطاب الحرب حتى يتحول كل المصفقين الاحياء الى جثامين ومن ثم الى لا شيء، انه تصفيق امبريالي امريكي للانحطاط الى ابعد مدى، لقد حولهم دراكولا الى جلادين وتافهين، الكل يصفق للجلاد الكامن في نفسه، خانعين ومنصاعين ومن اسفل السافلين.
أمريكا تصفق لدراكولا البلطجي، والقاتل والبهلوان والازعر، اعطته الحصانة والسلاح والمال وامدته برجال العصابات وبخبرتها التاريخية المبدعة بالتصفيات والتطهير العرقي واقتلاع السكان من أراضيهم واحلامهم، وقد وصل الكونغرس يحمل لامريكا الهدايا الكثيرة، الجماجم والاجساد الممزقة، هدايا للاصدقاء الاوفياء، هدايا لأفلام هوليوود المشبعة بالخيالات والأفكار والمتعة والاساطير السوداء، وظل يزعق ويتخبط، انقذوني من بحر غزة، انقذوني من غضب الازقة والمخيمات، ويواصل اللعب بالكلمات على حبال السيرك الأمريكي، يحاول ان يخفي الحقائق ويتملص من اللعنة ومن قفص الاتهام، دم المسيح الفلسطيني يطارده في شوارع القدس والجليل والشجاعية.
أيها الامريكيون: انا دراكولا، تفوقت على التاريخ، التاريخ في قبضة يدي، وانا الملك المبعوث من الرب المحارب في الأرض والسماء، وانا سيدكم الأعلى، انا الاستيطان والاستعمار والاستباحة ومن حشى اجسام الفلسطينيين بالألغام، انا القلق الوجودي، المعربد والمتنمر والخارج من مياه المجاري لأغمركم يقذارتي، صفقوا لي، واركعوا لي، لقد دخلت غزة وجنين وبلاطة وقلنديا، دخلت الخيام ورياض الأطفال والمستشفيات وصفوف المدرسة، قتلت الرضع والخدج والطلاب والنساء والعلماء، وجرفت القبور ومسحت الناس مسحا، اسمعوا كلامي لتسمعوا أصوات الانفجارات، انطروا الى الأضواء الفسفورية الرائعة، ابتهجوا واستمتعوا وارقصوا، النيران طبقات طبقات، ما الذ صراخ المعذبين العراة في السجون، اسمعوا الارتعاشات وصدمات الاغتصاب، ما اجمل هذا الألم تحت دعسات البساطير وجنازير الدبابات، ما أروع دفن الناس احياء.
أيها الامريكيون: انا دراكولا الصهيوني، الحسوا صحوني، انا قلعتكم التي لا غنى لكم عنها، انا التبلي البارع والوقح والشبيح، كل من حولي ركعوا، صامتون مطبعون مخبرون عاجزون ضعفاء، لقد استسلم العرب أخلاقيا، تحولت طبائعهم وعاداتهم وروابطهم، انا الحيوان الأقوى، انا نجم الظهر الذي يمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة في المنطقة، انا الخراب الكبير، الخارق الذي انتصر على الطبيعة والقانون، انا الغول والتنين والروح الشريرة، انا مصاص الدماء، صفقوا للموت الذاتي والخراب النفسي والموت الأخلاقي لليوم التالي في غزة، لا تجعلوني اسقط، مزيدا من التصفيق والاسناد، مزيدا من الجنون، لا تجعلوني أرى مرة أخرى حجرا يقدح الحرية من قصيدة، لا تفرضوا علي ان اتوقف عن ارتكاب مجزرة تتلوها مجزرة، هي غزة تصنع حياتها من لحمها ومن رحمها ومن غيمة عابرة، صفقوا لأني خائف ومفزوع، غزة تبتلعني.