نبض البلد -
الدكتور ليث عبدالله القهيوي
غزة، المحاصرة منذ سنوات، تعيش واقعًا قاسيًا يوميًا. الحصار المستمر يخلف تأثيرات شاملة على السكان، مما يحد من وصولهم إلى الضروريات الأساسية كالغذاء، الدواء، والوقود. هذه القيود تفاقم الأوضاع الإنسانية وتضع السكان في مواجهة تحديات يومية صعبة، من النقص في الموارد إلى الصعوبات الاقتصادية. الحياة تحت الحصار ليست فقط معركة من أجل البقاء، بل أيضًا معركة نفسية واجتماعية، حيث يكافح السكان للحفاظ على كرامتهم وهويتهم في وجه الشدائد المستمرة.
قصة الطفلة هند رجب تجسد بشكل مأساوي الأثر الإنساني للحصار على الأطفال في غزة. في سن الست، واجهت هند فقدان أفراد عائلتها في ظروف دامية، إثر هجوم استهدف سيارتهم. هذا الحادث لا يسلط الضوء فقط على الخطر المباشر للعنف، بل يبرز أيضًا كيف يؤثر الحصار على الحياة اليومية للأطفال، محرومين من الأمان والتعليم والرعاية الصحية الكافية. قصتها تمثل العديد من القصص الأخرى لأطفال غزة، الذين يكبرون في ظل ظروف قاهرة، تحت وطأة الحصار والنزاع. لا تقتصر معاناة الأطفال في غزة على العنف وحده، بل إن الحصار بما يفرضه من قيود مشددة على حركة البضائع والأشخاص، يحرمهم أيضاً من أبسط حقوقهم. فالنقص المزمن في الأدوية ولوازم الرعاية الصحية الأساسية يهدد حياتهم، في حين تردي الأوضاع الاقتصادية يقضي على فرص التعليم أمام آلاف التلاميذ الذين تركوا مقاعد الدراسة ليعيلوا أسرهم.
في غزة، يزيد البرد والأجواء الصعبة من معاناة السكان، خاصة الأطفال والفئات الضعيفة. نقص الموارد والدعم يجعل من الصعب توفير التدفئة والحماية الكافية خلال فصل الشتاء، مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الصحية وزيادة الضغوط النفسية. العائلات تكافح للحفاظ على دفء منازلها وصحة أطفالها في ظل هذه الظروف القاسية، ما يعكس تحديات العيش تحت الحصار.
تلعب الأردن دوراً أساسياً في التخفيف من معاناة أهالي غزة، من خلال جسرها الجوي الذي يوفر المساعدات العاجلة من مواد غذائية ودوائية. كما تقود القيادة الهاشمية جهوداً دبلوماسية للدفاع عن القضية الفلسطينية والضغط من أجل رفع الحصار عن غزة.
ان تقليل المساعدات من قبل الأنروا له تأثيرات متعددة الأبعاد على سكان غزة، خصوصاً في مجالات حيوية مثل التعليم، الرعاية الصحية، والمساعدات الغذائية. هذا التقليص يضع ضغوطاً إضافية على البنية التحتية الهشة أصلاً، مما يؤدي إلى زيادة الفقر وانتشار الأمراض نتيجة لنقص التغذية وتدهور الخدمات الصحية. كما أن تأثيره على التعليم يهدد بخلق جيل جديد من الأطفال الفلسطينيين بدون تعليم كافٍ، مما يؤثر سلباً على آفاقهم المستقبلية ويعيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة.
هذا الوضع يدعو إلى ضرورة تجديد الالتزام الدولي بدعم الأنروا لضمان استمرارية تقديم الخدمات الأساسية ودعم الاستقرار والتنمية البشرية في غزة. وفي ظل هذا الواقع المأساوي الذي يعيشه أهلنا في غزة، ويجب ان يبرز دور المؤسسات الإعلامية الدولية في نقل الصورة الحقيقية لمعاناتهم والضغوطات اليومية على مستوى الإنسان قبل السياسة.
فالتوعية بهذه القصص الإنسانية أمر بالغ الأهمية لكسب الرأي العام الدولي إلى جانب قضيتهم العادلة، ولفضح ممارسات الاحتلال تجاههم كونها انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.
الأردن، بقيادته الهاشمية، يلعب دورًا محوريًا في دعم صمود أهالي غزة، من خلال الإنزال الجوي للمساعدات ومواقفه السياسية والإنسانية. القيادة الهاشمية تقود جهوداً دبلوماسية لتسليط الضوء على الوضع في غزة وتعزيز الدعم الدولي. هذه الجهود تشمل توفير المساعدات الضرورية لتخفيف المعاناة وتعزيز الصمود في وجه التحديات الكبيرة، مؤكدة على دور الأردن كفاعل رئيسي في تقديم الدعم للشعب الفلسطيني.
إن المعاناة اليومية لأهلنا في غزة تستدعي تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لمد يد العون والمساعدة. فالتحديات التي يواجهونها لا يمكن مجابهتها بمعزل عن التضامن العربي والإسلامي مع قضيتهم العادلة، إلى جانب دعم المنظمات الدولية لتخفيف وطأة الحصار وإيصال المساعدات الإنسانية. نواجه تذكيرًا قويًا بالتحديات الهائلة التي يعاني منها سكان غزة يوميًا تحت وطأة الحصار والظروف الصعبة. الدعم الدولي والإنساني يظل أساسيًا لتخفيف هذه المعاناة وتعزيز صمود الأهالي. لذا، يُناشد هذا المقال القراء والمجتمع الدولي بالتحرك الفوري لدعم جهود الإغاثة وضمان وصول المساعدات اللازمة إلى من يحتاجها في غزة، مؤكدين على أهمية العمل المشترك والتضامن لإحداث فارق حقيقي في حياة الناس هناك.