نبض البلد - خليل فارس نصر شيخ الصحافة الأردنية
كريستين حنا نصر
ان توثيق تاريخ الدول ودراسة مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيها، تتطلب منهجية تاريخية تقوم على رصد دقيق للوثائق وما تتضمنه من معلومات تاريخية من جهة، إلى جانب أهمية رصد الرجالات الأوائل ممن كانت لهم انجازات وأعمال سبّاقة شيدت عليها التطورات من جهة أخرى، وقد حظي الأردن بقيادته الهاشمية الحكيمة التي رسخت مفهوم الوطنية والمواطنة الصالحة، بعدد كريم صاحب همّة وعطاء من الرجالات الأوائل ممن ساهموا في إقامة مؤسساتنا الوطنية الرائدة، بما فيها المؤسسة الاعلامية الصحفية ومنذ فترة مبكرة من تاريخ الأردن.
وعلى صعيد الصحافة الوطنية المتميزة عبر مسيرتها العريقة، يبرز اسم خليل فارس نصر(1888-1948م) والملقب بشيخ الصحافة الأردنية، بإعتباره مؤسس أول مطبعة في الأردن( مطبعة خليل نصر) عام 1922م، و أول جريدة أردنية هي (جريدة الأردن) عام 1923م، والتي كانت تعرف سابقاً باسم صحيفة (جراب الكردي) والتي اسسها سابقاً في حيفا عام 1908م، وما أن نقلها إلى العاصمة عمّان حتى بدأت جريدة الأردن برسالتها الثقافية التوعوية المهمة وبكل اخلاص، سواء من خلال عمل مطبعتها أو من خلال ما ينشر فيها من معارف ومقالات وأخبار متنوعة، ونظراً لدورها في توعية الراي العام بالقضايا الوطنية والقومية والدولية، فقد تحولت الجريدة من الاصدار الاسبوعي الى اليومي منذ عام 1927م، وبالتالي ركزت جهودها في نشر الرسالة الوطنية والقومية الهاشمية التي أعلنها المغفور له الشريف الحسين بن علي قائد النهضة العربية الكبرى، ومن بعده أحفاده من بني هاشم الاخيار بمن فيهم المغفور له جلالة الملك عبد الله الاول بن الحسين الذي كان تأسيس جريدة الأردن ونقلها من حيفا بطلب من جلالته، والذي أنعم على خليل نصر بوسام الاستقلال من الدرجة الأولى ومنحه لقب (بيك) تكريماً وتقديراً له على أعماله، خاصة مساهمته في مجال النشر الثقافي للمؤلفات التاريخية والملكية، وبالطبع إلى جانب العمل الصحفي، حيث يشار إلى أن مطبعة خليل نصر كانت لها مساهمة في طباعة كتب مهمة منها : كتاب (جواب السائل عن الخيل الاصائل) وكتاب ( الأمالي السياسية) وهما من تاليف جلالة الملك عبد الله الأول، وكتاب (الائمة من قريش) من تاليف مصطفى وهبي التل، وكتاب( بالرفاه والبنين- طلال) أعده خليل نصر ومصطفى وهبي التل ، وأهدي إلى سمو الأمير ( الملك) طلال بن عبد الله الأول ولي العهد آنذاك بمناسبة زفاف جلالته، وعلى خطى شيخ الصحافة كانت خطوات ابنه الدكتور حنا خليل نصر في متابعة عمل الصحيفة والاستمرار بتحريرها وادارتها وامتياز اصدارها من عهد الامارة الى عهد المملكة حتى عام 1982م .
ولأن الاوائل من أبناء وطننا الغالي هم الشموع والقناديل التي نهتدي بها في بناء مسيرتنا في مئويتنا الاردنية الثانية، وهم مصدر تقدير وثناء من قيادتنا الهاشمية فقد أنعم جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين على المرحوم خليل فارس نصر بوسام مئوية الدولة ، وتؤكد هذه العناية واللفتة الهاشمية حرص جلالته على ترسيخ مفهوم المواطنة الصالحة والعمل الوطني المخلص عند جميع ابناء مجتمعنا وفي مختلف الميادين، وها نحن اليوم نحتفل وبكل فخر بمناسبة ذكرى عيد ميلاد جلالة الملك عبد الله الثاني والمتزامنة مع مناسبة اليوبيل الفضي لتولي جلالته سلطاته الدستورية، لنمضي خلف جلالته ومعه في بناء وتنمية ونماء وطننا الاردن الغالي.