في إطار اللحاق بمنافسيها، تستعد شركة "ميتا" Meta، المالكة لموقع فيسبوك، لإطلاق نسخة تجارية من نموذجها للذكاء الاصطناعي، بحيث تتيح للشركات الناشئة ورواد الأعمال بناء برامج مخصوصة لها بالاعتماد على هذه التكنولوجيا، فيما يطلق الملياردير الأمريكي إيلون ماسك شركة جديدة أيضاً متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي.
صحيفة The Financial Times البريطانية قالت، الخميس 13 يوليو/تموز 2023، إن "ميتا" ستنضم بهذه الخطوة إلى سباق التنافس مع شركة "أوبن إيه آي" وشركة جوجل -المدعومتين من عملاق التكنولوجيا مايكروسوفت- اللتين تتقدمان في سباق تطوير "الذكاء الاصطناعي التوليدي"، المعنيّ بتشغيل وتطوير البرامج التي يمكنها إنشاء النصوص والصور والرموز بالنماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) المدربة على جمع كميات هائلة من البيانات وتتطلب قوة حوسبة هائلة.
ووفقاً للصحيفة فإن "ميتا" أطلقت نموذجها للذكاء الاصطناعي، المعروف باسم "لاما"، للباحثين والأكاديميين، هذا العام، لكن 3 مصادر مطلعة على خطط الشركة قالوا إن النسخة الجديدة ستكون متاحة على نطاق أوسع وقابلة للاستخدام المخصوص من الشركات. وتوقع مصدرٌ أن يكون إطلاق النسخة الجديدة في وقت قريب.
إلى ذلك، تقول "ميتا" إن نماذجها اللغوية الكبيرة "مفتوحة المصدر"، ما يعني أنها ستنشر تفاصيل النموذج الجديد علناً. ويتناقض هذا مع نهج المنافسين مثل شركة "أوبن إيه أي"، التي يوصف "جي بي تي 4" GPT4 -أحدث طراز من نموذجها- بأنه كالصندوق الأسود؛ لأن الشركة لا تتيح البيانات والرموز المستخدمة لبناء النموذج لأطراف ثالثة.
بدوره قال يان ليكون، نائب قسم الذكاء الاصطناعي في ميتا وكبير خبرائه، في مؤتمر يوم السبت 8 يوليو/تموز، إن "ساحة المنافسة في الذكاء الاصطناعي ستتغير تغيراً تاماً خلال الأشهر المقبلة، بل ربما في الأسابيع المقبلة، حين تصبح منصات مفتوحة المصدر جيدة بقدر المنصات التي ليست كذلك".
ويأتي الإصدار الوشيك من ميتا لنموذجها في وقتٍ احتدم فيه السباق بين كبرى شركات "وادي السيليكون" التكنولوجية لإثبات جدارتها بالحصول على حصة مهيمنة في سباق الذكاء الاصطناعي.
فيما قال مصدر مطلع على الخطط الاستراتيجية عالية المستوى في "ميتا"، إن "الهدف هو تقليل الهيمنة الحالية لشركة (أوبن إيه آي)".
وفي معرض الحديث عن فضائل نهج المصادر المفتوحة، كتب نيك كليج، رئيس الشؤون العالمية في ميتا، في صحيفة فايننشيال تايمز هذا الأسبوع: "الانفتاح هو أفضل ترياق للمخاوف المحيطة بالذكاء الاصطناعي". لكن هذه الخطوة تساعد أيضاً "ميتا" في محاولاتها للحاق بالمنافسين، إذ يُتيح النموذج المفتوح للشركات (بمختلف أحجامها) تحسينَ التكنولوجيا وبناء التطبيقات عليها.
ومع أن تقنية "ميتا" مفتوحة المصدر ومجانية حالياً، فإن مصدرين مطلعين قالا إن الشركة كانت تستكشف إمكانية فرض رسوم على عملاء المؤسسات مقابل القدرة على ضبط النموذج وفقاً لاحتياجاتهم باستخدام بيانات الملكية. وقال مصدر إن الشركة لا تخطط حالياً لفرض رسوم، ولن تفعل ذلك في الإصدار القادم.
من جهتها، رفضت جويل بينو، نائبة رئيس ميتا لأبحاث الذكاء الاصطناعي، التعليق على تطوير نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد وكيف ستحقق الشركة أرباحاً منه، لكنها قالت: "لا يعني إطلاقنا لنموذجٍ [مفتوح المصدر] أننا سنتخلى تماماً عن الملكية الفكرية لهذا العمل"، ونحن "لم نخجل من القول إننا نريد استخدام هذه النماذج [في] منتجاتنا".
على الرغم من أن توفير البرمجيات مجاناً قد يبدو مناقضاً لسعي الشركة إلى كسب المال، فإن خبراء يرون أن الشركات قد تستعين بهذه الاستراتيجية للاستحواذ على أسواق جديدة.
إذ قال شخص مطلع على خطط الشركة، إن "ميتا أدركت أنها متأخرة في دورة السباق الحالية للذكاء الاصطناعي، ومن ثم فإن هذه الخطة تمنحهم طريقة لفتح المجال أمام أنفسهم، والظهور بصورة الشركة التي تفعل الشيء الصحيح [ولو على حساب مكاسبها]، وأنهم خيِّرون ومعنيون بمصالح الناس" أكثر من غيرهم.
في السياق، أطلق إيلون ماسك، الأربعاء، شركته الناشئة في مجال الذكاء الصناعي "إكس إيه آي" التي طال انتظارها وتضم فريقاً من المهندسين من شركات التقنيات الأمريكية ذاتها، التي يأمل ماسك في منافستها، في محاولته إنشاء بديل لمنصة "تشات جي بي تي".
وحذر ماسك لأشهر من قدرة الذكاء الاصطناعي على "تدمير الحضارات"، قائلاً إنّ تسابق شركات مثل "جوجل" و"مايكروسوفت" لتطوير التقنية ينبغي أن يتوقف، للسماح بإيجاد وقت لصياغة اللوائح التنظيمية المتعلقة بالقطاع.
وقال ماسك إن سبب إطلاق "إكس إيه آي" هو "فهم الطبيعة الحقيقية للكون". وشارك ماسك أيضاً في تأسيس شركة "أوين إيه آي"، لكنه ترك الشركة الناشئة في وقت لاحق في تحرك يُنسب إليه حدوث فورة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وفي مقابلة مع مضيف قناة فوكس نيوز تاكر كارلسون، في أبريل/نيسان، كشف ماسك عن خططه لمشروعه الجديد، واصفاً المشروع بأنه "جي بي تي الحقيقة" أو بمعنى آخر ذكاء اصطناعي يبحث عن "الحقيقة المطلقة".
ومع ذلك، لا تزال هناك مخاطر واضحة مع الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر، والتي يمكن لبعض الجهات الفاعلة السيئة أن تتلاعب بها وتستغلها استغلالاً سيئاً.
فعلى سبيل المثال، قالت مجموعات معنية بسلامة الأطفال إن صور الاعتداء الجنسي على الأطفال قد شهدت ارتفاعاً متأثراً بانتشار نماذج الذكاء الاصطناعي عبر الإنترنت.