تزامن عدوى كورونا مع فيروسات الشتاء التنفسية يشكل خطرا على الصحة

نبض البلد -
نبض البلد - حذّر أطباء اختصاصيون من عدم ايلاء انفلونزا الشتاء الاهتمام الكافي من التشخيص والمتابعة العلاجية، خصوصا وأنها تتقاطع مع كورونا في كثير من الأعراض، الامر الذي يجعل من الفحص المخبري ملاذا لكل المصابين تحت اشراف طبيب اختصاصي.
إجماع هؤلاء المتخصصين ناجم عن قناعة طبية من أن فصل الشتاء يجعل الانسان أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الفيروسية التي قد تتطور لاحقا لحالات خطيرة إن لم تعالج بشكل سريع، كما أن التشابه بين هذه الامراض التنفسية يجعل، وفق هؤلاء الاطباء، التفريق بينها صعباً، مؤكدين اهمية التشخيص عبر الفحوصات المخبرية باعتبارها طريقا لتحديد نوع الاصابة.
وأوضحوا أن هناك خطورة وتحدياًّ كبيرا تشكله العدوى المرافقة لكورونا، مثل الانفلونزا، اذ ينتج عنها توليد غير مناسب للفيروسات المؤتلفة، داعين الى اتخاذ الاجراءات الوقائية ما أمكن، خاصة وأن 85 بالمئة من المصابين بفيروس كورونا قد لا تظهر عليهم اعراض.
اخصائي علم الاوبئة والإحصاء الحيوي الدكتور يوسف القاعود قال لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن عددا من الأمراض التي تزداد معدلات الإصابة بها في فصل الشتاء، والمتعلقة في أغلبها بالجهاز التنفسي، كالزكام والتهاب الحلق والتهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي وغيرها من الامراض، هو نتيجة تعرض الجهاز المناعي في الجسم لبعض الضعف والتراجع خلال هذا الفصل.
وأضاف، في هذا الفصل يتضاعف تكاثر وسرعة انتشار الجراثيم والفيروسات والبكتيريا، وهو ما يتزامن مع حرص الناس على اغلاق ابواب المنازل ونوافذها، ما يفضي الى تغيّر مفاجئ في درجات الحرارة عند الخروج او الدخول، وهو ما يجعل الانسان أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الفيروسية التي قد تتطور لاحقا الى حالات خطيرة إن لم تعالج بشكل سريع.
فكوفيد-19 ليس خاصا بفصل الشتاء، بحسب القاعود، الذي يحذر من تزامن الإصابة به مع العدوى ببعض أمراض الجهاز التنفسي مثل الإنفلونزا، التي تؤدي الاصابة بهما الى تلف في خلايا الجهاز التنفسي، وتتكون حينها عدوى كورونا اشد خطورة، ما قد يستدعي إدخال المريض الى المستشفى، مشيرا الى تسجيل عدد من الحالات نتيجة الإصابة بهذين المرضين عند نفس الشخص بنحو ثلاثة بالمئة.
وأشار إلى الى التشابه الكبير في عدوى الانفلونزا وكوفيد- 19 وكذلك العرض السريري وآلية الانتقال، ما يجعل من تشخيص المرض صعبا، وظهور نتائج غير دقيقة.
وبين في هذا السياق أن هناك خطورة قد تترافق مع العدوى بكورونا مثل الانفلونزا، وهو توليد غير مناسب للفيروسات المؤتلفة من خلال تبادل المواد الجينية بين السلالات المختلفة، حيث قد يحدث تبادل مواد جينية بين فيروسين وبين اكثر من فيروس، وهو ما يؤدي الى نسخ لبعض الفيروسات قد لا نألفها أو نعرفها من قبل.
ودعا القاعود إلى أخذ مطعومي كورونا والإنفلونزا، ذلك أن مطعوم كورونا لا يحمي من الإصابة بالإنفلونزا، مشيرا في الوقت ذاته الى أهمية الالتزام بالكمامة والتباعد الجسدي، والحرص على التهوية، وتقليل تركز الفيروسات والجراثيم في الهواء منعا لحدوث العدوى من أشخاص مرضى أو ممن لا تظهر عليهم أعراض الإصابة بكورونا، وكذلك الحفاظ على النظافة الشخصية والاهتمام بالتغذية السليمة وشرب العصائر وتناول الخضراوات والفواكه كونها تعزز المناعة.
اختصاصي الالتهابات الميكروبية الدكتور منتصر البلبيسي أوضح ان الاعراض الناتجة عن دخول فيروس وإصابة الجهاز التنفسي تتشابه، ومنها على سبيل المثال حدوث الصداع وسيلان إفرازات الأنف والاحتقان والسعال والعطاس.
وأشار إلى أن مجموعة من الفيروسات تنشط عادة مع انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء، وهو سبب بالإصابة بالالتهابات التنفسية، ومنها الانفلونزا بنوعيها (الف) و (باء)، وكورونا، وفيروسي (ار اس في)، و (ادينو)، موضحا أن الطبيب عادة يجري بعض الفحوصات منها المسحة الحلقية والأنفية، للتأكد من الإصابة بالفيروس أو الحمض الوراثية للفيروس.
وبين أن الفيروس ينتقل من المصابين في حالة العطس مثلا، عبر الرذاذ المحتوي على جزيئات صغيرة من سوائل الانف، وتبقى تلك الجزيئات عالقة في الهواء، داعيا الى لابتعاد عن الآخرين بمسافة لا تقل عن مترين، موضحا أن ما يميز فيروس كورونا هو صغر حجمه، حيث يبقى عالقا لفترات طويلة عند خروجه مع زفير المريض.
وأشار إلى أن الذين يخالطون معرضين بالإصابة كثيرا وعن قرب، معرضون للإصابة أكثر من مرة بمتحورات فيروس كورونا المتعددة، حيث يمكن أن يصاب مرة بمتحور دلتا وأخرى بمتحور أوميكرون.
وأوضح البلبيسي في هذا السياق أهمية المطاعيم، ذلك أنه عند إصابة الشخص بالفيروس نتيجة الاختلاط، فإن دفاعات الجسم تكون اكثر فعالية في صد الالتهاب الفيروسي، بحيث لا تتطور الإصابة من التهاب المجاري التنفسية العلوية في الانف والحلق إلى التهاب المجاري التنفسية السفلى وهي الرئتان ما يؤدي إلى عدم القدرة على استنشاق الاكسجين بما يكفي حاجة الجسم، إذ أن نقصه يؤدي إلى تلف وتجلط وتليف في الرئة، ويصعب تبادل الغازات، ومن ثم صعوبة في التنفس، الأمر الذي قد يؤدي إلى الوفاة.
عضو اللجنة الوطنية لليقظة الدوائية ومتابعة الآثار الجانبية للقاحات كوفيد- 19 الدكتور ضرار بلعاوي، قال، ان احتمالات الإصابة بفيروسين كالإنفلونزا وكورونا واردة، لكن احتمالية الاصابة بفيروس آخر تنخفض عند الإصابة بفيروس ما.
وأوضح بلعاوي، مستشار العلاج الدوائي السريري للأمراض المعدية، أن أحدا لا يستطيع التفريق بين أعراض التهاب الجهاز التنفسي العلوي مثل كورونا والانفلونزا الا عن طريق فحص البلمرة، ذلك أن الأعراض وحدها لا تكفي لأنها متشابهة إلى حد كبير، حيث تشير القاعدة الطبية إلى أنه يمكن اعتبار اعراض الزكام إصابة بكورونا الى يثبت العكس، خاصة ونحن في ظل جائحة. وعن أسباب اختلاف درجة الاصابة بكورونا من شخص الى اخر، بين بلعاوي ان لذلك أسبابا عديدة منها اختلاف المناعة الطبيعية الفطرية من شخص لآخر، ومدى تلقي الشخص للمطاعيم عند الصغر، وما إذا أخذ (حِملا فيروسيا) نتيجة العدوى، وما إذا كان لديه أمراض مزمنة، كالسكري، الذي يعتبر من اكثر الأمراض المسببة لضعف المناعة، وتزداد معه فرص الإصابة بكوفيد-19 والمضاعفات الناجمة عنها.