بلال العبويني

أولويات الحكومة والجزر المعزولة

نبض البلد -

بلال العبويني

يعترف رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أنه كبقية الأردنيين لا يعلم بموعد رحيل حكومته، رغم ذاك يصرّ أن قرب رحيل الحكومة لا يعني بالمطلق التوقف عن التخطيط للمستقبل، كما في أولويات الحكومة 2020- 2021.

الكثير مما جاء في أولويات الحكومة بديهي، سبق وتحدثت به حكومات سابقة كما الحال في قضية تعزيز الهوية الوطنية والأمن الوطني، غير أن الكثير منه أيضا يعتبر من الأسئلة المزمنة التي يطرحها الأردنيون منذ زمن فيما تعلق بالشأن الاقتصادي كالطاقة مثلا أو ما ارتبط بالبعد السياسي والاجتماعي والثقافي الفني.

لكن السؤال الذي مازال قائما، هل لدى الحكومة الوقت الكافي لتنفيذ أولوياتها؟، أو هل تأخذه الحكومة اللاحقة على محمل الجد؟.

الأصل أن الحكومات تكمل بعضها البعض، لكن هذا في كثير من الملفات ليس صحيحا وثمة تجارب كثيرة تدلل على ذلك، فبعض المشاريع ألقت بها حكومات في "غياهب الجب" فكانت الخسارة متحققة إن لم تكن بأموال الخزينة؛ فإنها على الأقل بالوقت المبذول في إعداد الخطط والدراسات الخاصة بها.

على كل، المشهد السياسي يقول إن عمر الحكومة قصير، وهو مرتبط بعمر مجلس النواب الثامن عشر الذي ينهي دورته العادية الأخيرة في أيار المقبل ما لم يكن هناك قرار بالتمديد، وهو ما يعني أن حكومة الرزاز لن تستطيع بأي حال من الأحوال تنفيذ أولوياتها التي يحتاج الكثير منها إلى وقت طويل ليرى النور.

وهذا يعيدنا إلى النقطة الأساس المرتبطة بالحكومة اللاحقة التي قد تغلق الأدراج على أولويات حكومة الرزاز، حتى وإن كان من سيشكلها أحد أعضاء مجلس الوزراء الذي يرأسه الرزاز نفسه، فالأخير ذاته من نفى فكرة العاصمة الجديدة التي روّجت لها حكومة الدكتور هاني الملقي رغم أنه كان أحد أعضائها.

إهدار الوقت في تخطيط الحكومات الأردنية لمشاريع وخطط مستقبلية "موءودة"، مشكلة ستظل قائمة وهي مترتبطة بأمرين الأول: آلية تشكيل الحكومات والتي يستند فيها الرئيس المكلف في كثير من الأحيان إلى العلاقات الشخصية والأبعاد الديمغرافية بعيدا عن مدى قرب الوزير أو بعده من برنامج الرئيس وخططه - إن كان لديه برنامج - حيال الوزارة التي يستعد لحمل حقيبتها.

والأمر الثاني يرتبط بمخرجات الانتخابات النيابية التي يطغى عليها الطابع الفردي حتى مع وجود القوائم، وهو ما يعني ضعفا في رقابة ومساءلة النواب للحكومة اللاحقة عن مصير ما انتجته الحكومة السابقة من خطط ومشاريع، وعن الخسائر المتحققة في الوقت المهدور على أقل تقدير باعتبار أنه كان من الواجب توجيهه إلى ما فيه خدمة للعامة.

قد لا تعلم حكومة الرزاز بموعد رحيلها، لكنها مصيبة بمواصلة العمل والتخطيط للمستقبل، غير أن المطلوب أن تعي الحكومات أهمية أن تكمل بعضها البعض في المشاريع المتفق على نجاعتها على الأقل واستكمال العمل على تحسين ما يعاني منها من الشوائب أو الخلل.

ولتحقيق ذلك، فإن رؤساء الحكومات مطالبين بالتشاور مع من سبقوهم، حتى لا تظل الحكومات تعمل وكأنها في جزر معزولة.